عين الزمان
والد رسول الله عليه السلام – مقالات – عبدالزهرة الطالقاني
ونحن نعيش عطر الذكرى .. ذكرى ولادة الرسول الأعظم محمد بن عبد الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام ، من المناسب أن نتذكر أسرة الرسول الكريم ، الذي عاش في كنفها ، وتعلم في باحة دارها ، ونهل من خُلقها وأخلاقها .. حتى رزقه الله النبوة ، وبعثه رحمة للعالمين ، وقد أتت الكتب والمؤلفات والمصادر على نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وفصلت في ذلك فنجد ذكره في كتاب السير والمغازي لإبن إسحق ، والسيرة النبوية لإبن هشام ، وتاريخ اليعقوبي ، وكتاب ذخائر العُقبى في مناقب ذوي القربى للعلامة الطبري ، ونسب قريش للمصعب الزبيري ، والإشراف والتنبيه للمسعودي ، وكتاب الوفيات للقسنطيني ، والبداية والنهاية لإبن كثير ، ونهاية الأدب للنويري ، والفهرست لإبن النديم ، والعقد الفريد لإبن عبدربه ، وغيرها من المؤلفات الأولى ، وتلك التي اعتمدت عليها في العصور اللاحقة وحتى يومنا هذا .
إنه عبد الله بن عبد المطلب الشخصية التأريخية البارزة والفذة ، فقد نشأ في ارفع بيت في قريش ، وتربى أحسن تربية ، وكان أحب أولاد عبد المطلب إلى أبيه ، كما كان موضع إحترام أهل مكة ، تزوج واشتغل بالتجارة ، وتوفي وعمره (25) سنة . لقد لمع اسم عبد الله في قصة القداح ، وقصة الفيل ، وهاتان القصتان تعتبران في نظر المؤرخين من أعظم المؤشرات التأريخية التي عاصرتها الجزيرة العربية ، قبل طلائع البعثة النبوية ولها دلالاتها البعيدة ، ورموزها ، إذ أن اسم عبد الله كوالد لشخصية الرسول الكريمة عليه وعلى آله الصلاة والسلام ، سيبقى دائم الذكر مع اسم ابنه إلى يوم يبعثون ، فلا يذكر محمد إلا بإسم أبيه عبد الله بن عبد المطلب ، فإذا كان له باقة عطرة وشمائل طيبة من الخصال والفضائل الهاشمية الأصيلة والمتوارثة ، فإن كون محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ، إبنه ، هو أكبر فضيلة له ، وشرف رفيع المنزلة ، سامي المكانة ، وعالي المقام ، ويغطي على كل صفاته وشمائله الفاضلة الأخرى . فيكفي عبد الله فخراً أنه ترك وراءه أعظم وأكبر شخصية في التأريخ القديم والحديث والمعاصر ، ألا وهو فخر الكائنات وسيد البشرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين . إن نسب والد الرسول .. عبدالله بن عبدالمطلب كما جاء في كتاب نسب قريش والسيرة النبوية لإبن هشام والمؤلفات اللاحقة لهما ، من أشرف الأنساب وأفخرها بين الأعراب ، وهذا الأمر متفق عليه بين جميع المؤرخين ولا خلاف بينهم في ذلك . فقد ذكر المؤرخون بانه هو عبد الله بن عبد المطلب ، بن هشام ، بن عبد مناف ، بن قصي ، بن كلاب ، ، بن مره ، بن كعب ، بن لؤي ، بن غالب ، بن فهر ، بن مالك ، بن النضر ، بن كنانة ، بن خزيمة ، بن مدركة ، بن الياس ، بن مضر ، بن نزار ، بن معد ، بن عدنان ، بن اود ، بن مقوم ، بن ناخور ، بن يعرب ، بن يسخب ، بن ثابت ، بن اسماعيل ، بن إبراهيم خليل الرحمن عليهم السلام . وعبد الله هو إبن عبد المطلب ، الشخصية البارزة في قريش ، وكانت لشخصيته إحتراماً بالغاً لدى المجتمع ، سواء في الجزيرة العربية ، أم المجتمع القريشي ، أم المجتمع المكي . يقول المؤرخ اليعقوبي :” وعبد المطلب يومئذ سيد قريش غير مدافع ، قد أعطاه الله من الشرف ما لم يعط أحداً ، وسقاه زمزم وذا الهرم ، وحكّمته قريش في أموالها ، وأطعم في المحل ، حتى أطعم الطير والوحوش في الجبال . ورفض عبادة الأصنام ، ووحد الله عز وجل ، ووفى بالنذور ، وسن السنن ” . وكان لعبد المطلب التأثير الكبير في طبع وصقل شخصية إبنه عبد الله ، وإعدادها نحو المستقبل ، وخوض ظروف الحياة ، أما والدة عبد الله فهي فاطمة بنت عمرو ، بن عائذ ، بن عمران ، بن مخزوم ، وهم حلفاء في هذيل حسب ما جاء بكتاب نسب قريش لأبي عبد الله المصعب الزبيري ، وبهذا تكامل المجد العائلي لعبد الله بن عبد المطلب من جميع الأطراف ، من جهة نسب أبيه ، وجهة نسب أمه ، وقد انسحب هذا النسب النبيل الذي حاز به عبد الله بن عبدالمطلب ، على ابنه فيما بعد ، سيد العرب والأعاجم محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام وأشار إلى ذلك إبن هشام في سيرته .
صلوات الله وسلامه عليك يا رسول الله يوم ولدت ، ويوم بعثت نبيا ، ويوم لبيت نداء ربك فانتقلت الى جواره، ويوم تبعث حيا .. ولنا الفخر أننا أمة تنتسب إليك .
القاهرة