والبلاد التي…. – وجيه عباس
الى احمد الشيخ علي
ناشرا غيمتي، وصوتك زادي
وردتي في دمي، وتحتي رمادي
قلقٌ نازفٌ، ووجهٌ غريبٌ
والمرايا أصابعٌ وأيادي
ماتلفّتُ كالغريب ومابي
ذلَّةٌ، غير أنني بكَ صادي
بين عينيك ألفُ منفى ومنفى
والمنافي على يديك تنادي
ضيعتني بغدادُ بين بنيها
فأريني صداكِ يابغدادي
وطني ايها المسيحُ، فمن
يصلبني فوق هذه الاوتادِ؟
وطني قاتلي، وأعجبُ مافيك
قتيلٌ يبكي على الجلاّدِ!!
***
ناشرا غيمة الحروف سحاباً
ممطراً بين مقلتي ومدادي
وكأنّي مُوَّكَلٌ بعنان الشعر
ما أجفلتْ هناك جيادي
راقصاتٍ كأنها تتبارى
أيُّهُنَّ التي تفل عنادي
ثمَّ لا اهتدي بهنَّ سبيلاً
ودليلي بهنَّ قدحُ الزنادِ
الصدى كنتُ خلفَه، وأنا
والريحُ ظلاّن بين هذي البوادي
معطفٌ تسكنُ الغرابةُ فيه
كان صوتي، وكنتُ فيه المنادي…
قبّعاتٍ أخيطُ للريح جلدي
رايةٌ للبياض هذا سوادي
أذنٌ كلُّها البلادُ لصوتي
غيرَ أنّي أضعتُ فيها بلادي
***
حاملا جرَّةَ الحنين أجرُّ الوطن
الغافي من غياب الرقادِ
فوق ظهري حقيبةٌ، وبلادٌ
نخلُها صبيتي، ومائي وزادي
ثم هزت بجذع نخلتها..
فاسّاقطتني.. هنا على ميعادِ
الصباحاتُ مثل عينيك تهمي
والمساءاتُ وحشةٌ في البلادِ
والبلادُ التي بكيتَ عليها
جعلت منك “يوسفاً” في مزادِ
***
أيهذا الغريب بين وجوهٍ
حسبه إنَّهُ من الاعدادِ
غربةُ السيف ان يُقالَ يتيمٌ
لو عددنا سواه في التعدادِ
أيها المثقل الخطى، لا اختيالاً
انما زرعُهُ كثيرٌ الحصادِ
ليس، يدري بما يضم، سواهُ
وعزائي فيهِ من الزهّادِ
وعزائي بأنك الآن أعلى
لو تبارى الشهودُ بالاشهادِ
البدايات والنهاياتُ حتمٌ
ربَّ موتٍ اجدى من الميلادِ
نحنُ مانُبقي خلفَنا، فالقوافي
هي في الدور ثلّةُ الاولادِ
والحبيباتُ والقصائد شِركٌ
لم تكفِّرْ توحيدَه في الضادِ
حفنةٌ من تراب قبرِكَ عطرٌ
للقياماتِ “ماله من نفادِ”
منزلُ الروحِ جَنّةٌ، وعسيرٌ
أن يغيض الترابُ بالأجسادِ
اترى الحُسْنُ فتنةً؟ وهو طينٌ
وغداً في التراب بعضُ جمادِ
كل روح كأنها اللطفُ يمشي
وتراها في الموت قيد رقادِ
يا حياةً، وكل مافيك حزنٌ
طينةُ الخلقِ كنتِها في العبادِ
وسواء ٌ هناك دمع ٌ وماءٌ
اذ تقودين نشأةً او تُقادي
***
أيهذا الانسان في الزمن الموحش…
في وادٍ…. والخلاصُ بوادِ
تلك أسمال غربتيك، وخلفي
وطن حاسرٌ ورمح صادِ
غرّبتنا البلاد حتى أضاعت
من بنيها طفولة الميلادِ
يا بلاداً لما أضاعتك ضاعت
بين هذي الجسوم والأجسادِ
هل لنا من غبار شيبك ثلجٌ
ماتولى في جمرة الإيقادِ
العراق الذي تملاك عيدا
أنكرته قيامةُ الاعيادِ
يا صليبا وألف ظهر مدمّى
والعراقُ الغريبُ في الأوهادِ
حاملاً هامتي أدور على الأبواب
هذي نوافذي ياحادي
والجنوبُ الذي قتلناه بوحا
صار ناياً في غابة الانشاد