هيئة التقاعد الوطنية ولوعة المتقاعدين – ماهر نصرت
اود ان أشير في هذه السطورالمختصرة الى بعض من تفاصيل عمل هيئة التقاعد الوطنية لكونها الجهة الوحيدة المختصة بمنح الرواتب والمستحقات المالية الى فيلق المتقاعدين ، تلك الشريحة الواسعة الصابرة التي تعتمد بشكلٍ مطلق في أرزاقها على ما يصدر من تلك المؤسسة الحكومية كما هو معروف فقد صارت تعكر عواطف اولئك المغلوب على أمرهم منذ عشرات السنين بسبب تأخرها المزمن في اطلاق الرواتب بين شهر وآخر وعدم الإسراع في إنجاز معاملات المتقاعدين ومنحهم مستحقاتهم وقد يترتب على ذلك التأخير حسرة ولوعة تضاف الى تلك الفئة المعذبة من كبار السن الذين يجابهون ظروف الحياة المعقدة وغلاء المعيشة بضعف الحيلة واجساد منهكة امتصت طاقاتها الامراض المزمنة وضربات الزمن الموجعة .
طرف حكومي
فهيئة التقاعد الوطنية هي مؤسسة مالية ذات ( موازنة مستقلة ) ولها عالمها الخاص في التعامل مع أموالها بدون تدخل طرف حكومي أو غير حكومي وتمويلها يتم عن طريق استقطاع 10% من الراتب الاسمي للموظف شهرياً لصالح تلك الهيئة وتضيف وزارة المالية نسبة 15% كدعم حكومي لكل موظف لتكتمل النسبة وتصبح 25% وبهذا تمتلئ خزائن الهيئة شهرياً أو بما يسمى بـ ( صندوق تقاعد موظفي الدولة) بمئات المليارات من الدنانير التي تمنح في النهاية كرواتب إلى المتقاعدين ويتكفل الصندوق ايضاً بصرف مبالغ نهايات الخدمة للمحالين الى التقاعد ومنح السلف والقروض بالإضافة إلى تشغيل الأموال الفائضة بكابونات استثمارية تقوم به تلك الهيئة لتخفيف العبء على خزينة الدولة فقد تسعى وزارة المالية الى تعزيز موقف الصندوق المالي عند الطوارئ من خلال سد النقص الذي يحصل في أرصدتها لسبب أو لآخر . إن غايتي من هذه المقدمة الخاطفة هو تعريف مختصر عن كيان تلك المؤسسة التي تعتمد عليها شريحة واسعة من المجتمع العراقي وتنتظر منها إطلاق أرزاقها نهاية كل شهر فقد راحت جموع المتقاعدين تعاني منذ عشرات السنين من تأخير انجاز معاملاتهم عند أحالتهم الى التقاعد والتأخير المتكرر في صرف رواتبهم الى فترة متأخرة ايضاً من الشهر التالي مما اضطر البعض منهم إلى التداين لتمشية امورهم الحياتية والتزاماتهم الاسرية لحين أطلاق رواتبهم من محاجرها في هيئة لاتستطيع على مايبدو أن تصحح أخطائها من تجاربها السابقة وهي تزداد تراكماً سنة بعد أخرى وفي الحقيقة لمسنا في الشهور الاخيرة ثمة اصرار وجدية على تصحيح مسار تلك الهيئة نحو الافضل وتقديم انجازات محدودة لابأس بها في طقوس عملها بسرعة واتقان ولكن مازالت بحاجة الى جهود مضاعفة للوصول الى دور المثالية المطلوبة في التعامل مع شؤون المتقاعدين .ووفقاً للقانون فأن لدى هذه الهيئة صندوق مستقل يرسم سياسته نخبة من السادة الأعضاء تسمى ( الهيئة الإدارية ) لهم الحق في عملية التصويت التي تجري داخله وأبين لكم فيما يلي مجموعة الأعضاء التي تقوم بتلك المهام :-
1- مدير هيأة التقاعد الوطنية – رئيساً
2- مدير عام الصندوق لاتقل درجته عن مدير عام – نائب الرئيس
3- ممثل عن البنك المركزي العراقي لاتقل درجته عن مدير عام
4- ممثل عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لاتقل درجته عن مدير عام 5- ممثل عن وزارة التخطيط لاتقل درجته عن مدير عام
6- ممثل عن وزارة الداخلية لاتقل درجته عن مدير عام
7- ممثل عن وزارة الدفاع لاتقل درجته عن مدير عام
8- ممثل عن الدائرة القانونية في وزارة المالية لاتقل درجته عن مدير عام
9- ممثل عن مديرية الموازنة في وزارة المالية لاتقل درجته عن مدير عام
إن هولاء الأعضاء هم من يحدد بدقة مسار عمل الصندوق المسؤول بالدرجة الأولى عن إطلاق رواتب المتقاعدين واستحقاقاتهم الأخرى وهم المسؤولين ايضاً عن عملية إطلاق الرواتب التي يتكرر تأخرها في كل شهر بشكلٍ يدعو الى التساؤل …. فالإهمال بهذا الجانب لايتحمله رئيس الهيئة لوحده فهو الواجهة التي يقف ورائها من لايستطيع ان يسعى الى تغيير طريقة عمل تلك المؤسسة المهمة نحو الأفضل ويحتل منصب عضو سيادي فيها له حق التصويت .. إن سبب تأخير إطلاق الرواتب شهرياً يكتنفه الغموض ولم تفصح الجهة الإعلامية لتلك الهيئة بشكل علني ودقيق عن أسباب هذا التأخير الذي لاينتهي لكي تفهم الناس مايجري ، هناك مديرية داخل هذه الهيئة تسمى ( مديرية الشؤون المالية ) نستطيع ان نستدل من عنوانها على إنها المديرية المسؤولة عن العمليات الحسابية الخاصة بتنظيم رواتب المتقاعدين وادخال المتغيرات التي تطرأ عليهم شهرياً أي انها تقوم بتهيئة قوائم الرواتب ( البودرة ) وتحريرها في النهاية ، ولا ندري ما هو السر في هذا التأخير المتكرر في إطلاقها وقد جئت بعبارة ( لديها موازنة مستقلة ) في بداية هذه المقالة حيث كنت اقصد بها بأن تمويل بودرة الرواتب لدى هيئة التقاعد يتم ذاتياً من خلال ماموجود من أموال في صندوقها المالي ولا تحتاج عملية التمويل الى أشعار من دائرة الموازنة في وزارة المالية المتخمة بالأعباء كما يحدث لباقي الوزارات الذي يتعثر مجهودها في أحيان كثيرة بروتين المصادقة وعملية إطلاق الإشعار لغرض السماح للمصارف المعتمدة بصرف الأرصدة المطلوبة.
استقلال مالي
ومن الممكن ان تطول تلك العملية الى عدة ايام فهذه الاجراءآت تخلصت منها هيئة التقاعد بسبب استقلالها المالي كما ذكرت فيما مضى .. أود ان ابين بأن التأخير في امر اطلاق رواتب المتقاعدين ومنح مستحقاتهم أمر لاينحصر في شخص رئيس الهيئة فحسب وانما في مديرية الشؤون المالية وباقي السادة من اعضاء الصندوق الذين منحوا صلاحية التصويت على تغيير عمل الهيئة والتحكم في نشاطاتها حيث يكون بمقدورهم إبعاد المهملين المتقاعسين من مكاتبها ، ولا ندري لماذا لايحرك هولاء ساكنهم ويصححوا هذا الروتين الرجعي في طقوس عمل تلك الهيئة المهمة لنرى تغيير حقيقي في اعمالها نحو الافضل .أن خير مثال على ماورد من قصد في سطوري المنصرفة هو التأخير الأخير في إطلاق رواتب المتقاعدين الى يوم 2 او 3 من الشهر التالي لعيد الاضحي الذي رحل للتو ولم يراعى الجانب الإنساني لتلك الشريحة وهم خليط من كبار السن والعاجزين من أصحاب الاحتياج الخاص أصحاب العوائل الذين لايمتلكون غير رواتبهم ورحمة الله سبحانه وكان الأجدر بالمسؤولين ان يرغموا موظفي التقاعد على الدوام لساعات أضافية او الدوام ايام العطل كما فعلوا بموظفي مديرية الجنسية قبل شهور من اجل انجاز أعمالهم وإطلاق الرواتب قبل أيام العيد الذي رحل بجلبابه المزروق وهو ينظر الى جموع المتقاعدين بوجه حزين وأستحياء ، أن جميع وزارات الدولة أطلقت رواتب موظفيها قبل العيد بايام عديدة ، فما هو الفرق في الكوادر الحسابية التي تعمل في هيئة التقاعد مع الكوادر الحسابية الموجودة في باقي الوزارات ولماذا أسرعت ونجحت باقي الوزارات في إطلاق الرواتب قبل العيد وهيئة التقاعد فشلت وتأخرت كثيراً ، لاشك بأن هناك إهمال وتقاعس ولا مبالاة يسري كالوباء في تلك المؤسسة المالية المنهكة ، فإلى متى يبقى المتقاعدون يعانون من هذا التأخير الممل الذي لايتوقف في المستقبل القريب على ما يبدو ؟ .
– بغداد