هل سيقبل الأمريكيون إيران نووية؟ ماكين: هذا مرجح جدا”

هل سيقبل الأمريكيون إيران نووية؟ ماكين: هذا مرجح جدا”
في العام الماضي كتب الصحفي الامريكي جون ميشام في احد تعليقاته على الازمة التي تثيرها ايران في ما يخص ملفها النووي وسعيها المريب للحصول على السلاح النووي معقبا على كتاب بروميثيوس الامريكي نبما يوحي انه يقرنه ببروميثيوس الايراني وهذه مقتطفات موضحة مما كتب :
في الثاني من نوفمبر عام 1945 ـ وهو يوم ذكرى الأموات في التـقـالـــيـد الكــــــاثوليكية ـ تكلم جيه روبرت أوبنهايمر إلى العلماء في لوس ألاموس قائلا: “أصبح واضحا بالنسبة إلي أن الحروب تغيرت. ومن الواضح أنه إذا كان بإمكان هذه القنابل الأولى ـ القنبلة التي ألقيت على ناغازاكي ـ أن تدمر 10 أميال مربعة، فهذا فظيع جدا. ومن الواضح فيما يبدو لي أن صنعها سيكون زهيد الثمن لكل من يريد امتلاكها”. كان أوبنهايمر محقا بشكل عام: صنع الأسلحة النووية ليس زهيد الثمن لكن حالما تنتشر المعرفة المرتبطة بصنعها، سيتعذر احتواءها. هذا كان مصدر قلق دائم بالنسبة إلى العلماء الذين حققوا أهداف مشروع مانهاتن، بمن فيهم ألبرت أينشتاين، الذي راسل الرئيس فرانكلين روزفلت عام 1939 واصفا له “قنابل قوية جدا من نوع جديد”. (الكتاب الحائز على جائزة بوليتزر بعنوان:
American Prometheus (بروميثيوس الأمريكي) من تأليف كاي بيرد ومارتن جيه شيروين، هو أحد الكتب التي من الضروري قراءتها للاطلاع على بدايات القنبلة النووية). أولئك الذين كانوا حاضرين عند صنعها كانوا يخشون ما حصل بعد ذلك: وهو الانتشار المطرد لأسلحة قد تؤدي إلى نهاية العالم.
أنا لا أبالغ أو أضخم الأمور في سبيل إثارة الإعجاب. لكن الأزمة المتعلقة بإيران الآن هي مجرد فصل في قصة طويلة. هذه القصة ـ عن تزايد عدد الدول المسلحة نوويا بشكل تدريجي ـ هي المسألة الأكثر أهمية للأمن القومي في زمننا. فما من مسألة أخرى تضاهيها خطورة. إن كنتم تشككون في ذلك، فكروا كم سيبدو انتشار الأسلحة النووية شديد الأهمية بعد نشوب نزاع نووي على أي نطاق، سواء كان مفتعلا من إرهابيين أو يشمل دولا مستقلة.
ردع فعال
يجادل زميلي فريد زكريا بأن الردع كان فعالا منذ عام 1945، وهو محق. لكن نظرتي إلى الأمور أكثر تشاؤما. فنجاح الردع يعتمد على التفكير العقلاني، وكلما ازداد عدد الأشخاص الذين يمتلكون أسلحة نووية، ازداد احتمال ألا يتصرف أحدهم بشكل عقلاني. وهذه طريقة مهذبة للقول إن المشاعر البشرية ـ مثل الغرور والطموح والتعصب ـ ستطغى دائما على أفضل الحسابات الجيوسياسية. ما العمل إذن؟ لقد قال السفير الإسرائيلي مايكل أورين للمراسلة لالي ويموث إن “كل الخيارات” مطروحة، لكن ما من خيارات جيدة. في سيناريوهات الأفلام التي تدور في رؤوس السياسيين، يصبو الجميع لأن يكونوا مثل تشرتشل. لا أحد يريد أن يتذكره التاريخ على أنه شبيه بتشامبرلين، وهو رئيس الوزراء الذي أخطأ في تقدير هتلر وحل تشرتشل مكانه أخيرا في مايو 1940. قلة من السياسيين الأمريكيين في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية تعمقوا في دراسة تشرتشل بقدر جون أف كنيدي، الرئيس الذي عجز والده عن رؤية حقيقة هتلر. كنيدي المهووس بأن يظهر قويا كان يبدو مهيأ لقبول النصيحة العسكرية المتشددة التي تقضي بضرب كوبا في أكتوبر عام 1962. شبح والده المسالم، والخوف من أن يعد ضعيفا، والكبرياء والمشاعر الجياشة المتأتية من الخطوات السوفييتية الاستفزازية، كل هذه عوامل بشرية كانت تستدعي ردة فعل حازمة وليس مجرد كلام، وتستدعي اللجوء إلى القوة وليس إلى حل وسط. لكن كما نعرف (ونحن نعرف ذلك لأننا لا نزال هنا أحياء، ولما كان الكثيرون منا أحياء لو استعملت أسلحة نووية في ذلك الخريف)، تصدى كنيدي لآراء المتشددين وأصبح العالم الحر أكثر أمانا.
الكثير من القادة في موقع الرئيس أوباما لكانوا أحبوا التشبه بتشرتشل وأمروا بضربة عسكرية تقوض البرنامج الإيراني وتبعث رسالة حازمة. لكن السياسيين الأمريكيين الأكثر تشددا وتأييدا للقوة لا يعتقدون أن عملا عسكريا كهذا سيكون فعالا بكلفة معقولة. في حوار أجريته مع جون ماكين حديثا، سألته إن كنا سنضطر إلى تقبل إيران مسلحة نوويا. فأجاب بلا تردد: “هذا مرجح جدا”. ثم أضاف بعد برهة وجيزة: “لكن إن اضطررنا إلى العيش مع إيران مسلحة نوويا، علينا أن نكون مستعدين للعيش مع شرق أوسط نووي. كم برأيك سينتظر السعوديون أو المصريون للعمل على برنامج نووي خاص بهم إن كانوا يعرفون أن إيران تملك أسلحة نووية؟”.
ترجيح عقوبات
نظرا إلى مصالح روسيا والصين التجارية مع إيران، فمن غير المرجح أن تكون العقوبات وحدها فعالة، مما يجعلنا نتقبل المقاربة التي يبدو أن أوباما يتخذها: اعتماد أفضل نظام عقوبات ممكن واستخدام السبل الدبلوماسية لحث إيران على عدم صنع قنبلة نووية. في النهاية، فإن أفضل أمل لدينا لننعم بالسلام ليس رهنا بنا بل يتوقف على الإيرانيين أنفسهم. يقول ماكين: “نحن نحتاج إلى التأييد الشديد نفسه الذي قدمناه للقوى الديموقراطية في الاتحاد السوفييتي السابق. وبصرف النظر عن نظام حكمهم، فإن الإيرانيين محنكون ومثقفون ومعولمون، ولا أعتقد أن غالبية الشعب الإيراني ترغب حقا في العيش في ظل هذا الحكم الاستبدادي”. هذه نقطة مثيرة للاهتمام، لأنه إذا كان انتشار الأسلحة النووية محتما في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية كما كان أوبنهايمر يعتقد، فمن المحتم أيضا أن تنتشر الحرية. وهذه النظرة الانتهازية في الحقيقة تكشف عن مدى استهتار الامريكي بالسلام والامن العالمي ،في مواجهة مصالحها ،وهو ما يكشف ايضا سر اضاعة الوقت وتوفيره امام الايرانيين لتخصيب المزيد من اليورانيوم وصولا الى السلاح الذري ومن ثم توظيف ايران شرطيا من جديد لحراسة المصالح الامريكية لقاء رشاوى محددة على حساب عموم اقليم الشرق الاوسط والادنى .
صافي الياسري – باريس
AZPPPL