قيل إن للحروب التي حدثت في العالم خصوصاً الحربين العالميتين الأولى والثانية أسباباً خفيةً غير الأسباب المعلنة لها والحال ينطبق كذلك على الحرب الإيرانية العراقية والغزو الأمريكي للعراق الذي اتخذ من أسلحة الدمار الشامل للنظام السابق ذريعة للغزو في حين إن الأسباب الحقيقية يعرفها العراقيون والعالم أجمع وقيل والعهدة على القائل إن لأزمة الانبار أسباباً خفية غير التصدي لداعش والقاعدة فالقاعدة موجودة منذ سنين في صحراء الانبار فلماذا لم يتم مهاجمتها قبل سنة أو سنتين علماً إن أي تأخير في ضربها يعني خسائر مضافة في صفوف العراقيين بسبب المفخخات والعمليات الإرهابية وان الأسباب الحقيقة لأزمة الانبار لها علاقة بانتخابات مجلس النواب المقبلة .
فقد أثيرت مسألة تأجيل هذه الانتخابات قبل مدة طويلة من بعض الكتل السياسية لجس نبض الشارع العراقي والكتل الأخرى وردود أفعالهم حول هذا الامر وسرعان ما جاءت ردود الأفعال قوية من أغلب الكتل السياسية ومن المواطنين برفض تأجيل الانتخابات لكن رد الفعل الأقوى جاء من المرجعية الدينية و من خلال ممثليها في خطب يوم الجمعة ولآكثر من مرة حيث أكدت المرجعية على وجوب إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد دون أي تأجيل ولآي سبب كان فتراجع من أطلق بالون تأجيل الانتخابات وسرعان ما أصبح من الداعين إلى إجرائها في موعدها التزاماً بالدستور وبالصيغ الديمقراطية، لكن المشكلة التي تواجه السياسيين والحكومة اليوم بل تواجه العراقيين جميعاً هي مشكلة الانبار وتداعياتها الخطيرة على الوضع الأمني والسياسي والتي أخذت وقتاً طويلاً واستنزفت أرواح أبنائنا في القوات المسلحة والمدنيين دون أي بوادر تلوح في الأفق القريب لحلول سياسية أوحتى عسكرية فالوضع معقد جداً لان العمليات تجري في المدن وتسببت حتى الآن بنزوح عشرات ألاف العوائل من الرمادي والفلوجة إلى مدن العراق المختلفة وبعض أقضية ونواحي الانبار الهادئة نسبياً كما تسببت في خسائر كبيرة سواء من المدنيين الأبرياء أم من القوات المسلحة ناهيك عن الخسائر المادية في الممتلكات العامة والخاصة بالإضافة إلى تعطيل الدوام الرسمي لدوائر الدولة والكليات والمدارس واغلاق المحال والأسواق وتعطيل أعمال المواطنين لأكثر من شهر والمشكلة إن كل المعطيات على الأرض تشيرالى أن الأزمة مستمرة وان العمليات العسكرية ستستمر طويلا حيث أكد ذلك أكثر من مسؤول كما لم تتبلور أية مبادرة أطلقت حتى الآن بشكل واضح لحل هذه المشكلة فأكثر المبادرات هامشية لم تضع حلول ناجعة للوضع الأمني بشكل فعال ولا لأوضاع المدنيين المأساوي سواء المحاصرين منهم في المدن أم النازحين من مدنهم ومنازلهم.
وآياً كانت أسباب أزمة الانبار فهل هناك حل عاجل ومنطقي ومقبول من كل الإطراف لحل هذه الأزمة ومن يتبناه وينفذه ؟ أم إن العمليات ستستمر طويلاً وإذا استمرت كذلك فما هو تأثيرها على الانتخابات النيابية في العراق بشكل عام وفي الانبار بشكل خاص ؟
أسئلة بحاجة إلى أجوبة مقنعة تريح أهل الانبار أولاً وتنهي معاناتهم ومأساتهم وتضع القوات العسكرية أمام مسؤولياتها في إخراج داعش والقاعدة من مدن الانبار وتفرض الأمن والنظام فيها بعد أن تحملت كثيراً وصبرت طويلا لكن إلى الآن لا جديد في الأوضاع على أرض الواقع ولا وجود لأي ضوء في هذا النفق المظلم والمؤشرات تقول إن العمليات ستستمر طويلاً وان خسائر جديدة ستضاف إلى الخسائر السابقة وستسوء الأوضاع الإنسانية لأهلنا في الانبار كثيراً وستلقي هذه الأوضاع بضلالها على عملية الاستحضارات للانتخابات بل وعلى الانتخابات كذلك حيث ستوجد المبررات لمن يريد تأجيلها على فعل ذلك وهذا ما لا يريده أبناء شعبنا ولا حتى أغلب الكتل السياسية التي تتطلع إلى موعد الانتخابات بشغف ولا المرجعية الدينية التي تصر على ا جراء الانتخابات في موعدها، فالأمر الأكثر إلحاحاً الآن إيجاد مبادرة تلقى قبولاً من جميع أطراف الأزمة تتبناها جهة مؤثرة وفاعلة في الساحة وأفضل جهة مؤثرة الآن هي المرجعية الدينية والعشائر الأصيلة في الانبار وباقي المحافظات وخلافاً لذلك فأن الأوضاع ستزداد تعقيداً مع مرور الوقت ومع مبادرات غير رصينة وغير مقنعة لا تثق بها جميع الإطراف
سامي الزبيدي