حيدر عباس طاهر
من سخريات القدر أن تجد نفسك مضطرًا إلى تقبل ما لا ينسجم مع قناعاتك وما تعتقده صحيحًا، خاصة عندما تتوفر لديك دلائل وقرائن تؤكد أن ما يُفرض عليك يفتقر إلى المنطق.
فهل يعقل أن تُفصَّل التعليمات لدعم الجامعات الأجنبية، سواء كانت إيرانية أو لبنانية أو غيرها، بينما يتم تهميش الجامعات العراقية العريقة؟.
يتجلى هذا التوجه بوضوح في سياسات أغلب وزارات الدولة، التي تعتمد الشهادات العليا للطلبة العراقيين الحاصلين عليها من خارج البلاد دون موافقات أصولية، وتُشمل بتعليمات قانون أسس تعادل الشهادات لعام 2020. هذا القانون سمح باعتماد تلك الشهادات دون اشتراط الحصول على موافقة مسبقة من وزاراتهم لإكمال الدراسات العليا خارج العراق، مكتفيًا بالاعتماد على دليل الجامعات الأجنبية المعتمد من وزارة التعليم العالي.
لكن ما يثير الاستغراب هو أن هذا القانون نفسه لا يُطبّق على الطلبة الذين أكملوا دراساتهم داخل العراق، في جامعات حكومية مرموقة، وعلى نفقتهم الخاصة. هؤلاء الطلبة، رغم التزامهم الكامل بالقوانين والإجراءات، تعرضوا للتهميش. فقد أكملوا دراساتهم إما خلال إجازات اعتيادية استُقطعت من استحقاقهم الوظيفي، أو كمناوبين، بما لا يتعارض مع التزاماتهم المهنية.
هذا الوضع أثار الشكوك والريبة، وطرح آلاف علامات الاستفهام التي تحتاج إلى إجابات واضحة ومنطقية. لأن السكوت عنها قد يُفهم على أنه تفضيل غير مبرر للجامعات الأجنبية على حساب جامعاتنا الوطنية العريقة.
كيف يمكن أن تُوضع شهادات جامعة بغداد أو الجامعة المستنصرية أو الجامعة التكنولوجية أو الجامعة التقنية في خانة “التريث”، بينما تُمنح الأفضلية لشهادات حصل عليها البعض من جامعات في طهران، أو بيروت، أو دلهي، وغيرها؟ جامعات كان مواطنو تلك الدول يحلمون يومًا ما بإكمال دراستهم في العراق.
نأمل التدخل العاجل، لإزالة هذا الغموض والتمييز، وتوضيح أسباب هذه التوجهات التي تثير تساؤلات لا تقبل التأجيل.