هلاك البهائم

هلاك البهائم
معاداة الجهّال لذوي العقول

العلم اشرف ما رغب فيه الراغب وانفع ما كسبه واقتناه لان شرفه يثمر على صاحبه ، قال تعالى (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) فمنع سبحانه المساواة بين العالم والجاهل وقال النبي (ص) : (اوحى الله الى ابراهيم (ع) : (اني عليم احب كل عليم)) وسئل الرسول (ص) عن رجلين احدهما عالم والاخر عابد فقال (ص) : (فضل العالم على العابد كفضلي على ادناكم رجلا) وقال بعض البلغاء (تعلم العلم فانه يقومك ويسعدك صغيرا ويقدمك ويسودك كبيرا ويصلح زيفك وفاسدك ويرغم عدوك وحاسدك) وليس يجهل فضل العلم الا اهل الجهل فهم من جهلوا فضله واسترذلوا اهله وتوهموا ان ميل انفسهم الى الاموال والشهوات احرى ان يكون اشتغالهم بها وقال الحكماء العالم يعرف الجاهل لانه كان جاهلا والجاهل لا يعرف العالم لانه لم يكن عالما ولذلك فقد انصرف الجهال عن اهل العلم وانحرفوا عنهم لان من جهل شيئا عاداه .
ان العلم والعقل سعادة واقبال وان قل معهما المال وضاقت الحال وان الجهل والحمق حرمان وادبار وان كثر معهما المال وكيف يكون الجاهل الغني سعيدا والجهل يضعه فالسعادة ليست بكثرة المال فكم من مكثر شقي ومقل سعيد ام كيف يكون العالم الفقير شقيا والعلم يرفعه ؟ وقيل في الحكم كم من ذليل اعزه علمه ومن عزيز اذله جهله وقال بعض الحكماء كلما حسنت نعمة الجاهل ازداد قبحا فمن لم يستفد من العلم مالا كسب به جمالا والعلم يرفع صاحبه عن خدع الجهل المضلة ونوادر الحمق ، فقال النبي (ص) : (اذا استرذل الله عبدا حظر عليه العلم) ولهذا وغيره من الاسباب نرى معاداة الجهال وذوي الشأن والمال الجهلة للعالم والمفكر والمثقف وابتعادهم في اغلب الاحيان عنهم ونفورهم منهم لاعتقادهم الخاطئ بمحروميتهم من المال والرزق ويعتقدون ان الاحمق محظوظ فاذا كان اعتقاد هؤلاء الجهلة في العقل والعلم والثقافة هو هذا فهل يكونون اهلا لخير او فضيلة وهل يتمكن بعضهم من قيادة المجتمع قيادة سليمة وقال بعض البلغاء : (اخبث الناس المساوي بين المحاسن والمساوئ) ولذلك قيل العلماء غرباء لكثرة الجهال فالجاهل المرزوق يظن ان الفقر والضرر مختصان بالعلم والعقل دون الجهل والحمق مع ان هذه ليست القاعدة في الحياة ، فانت لو فتشت احوال العلماء والعقلاء والشوامخ الكبار لوجدت الاقبال في اكثرهم ولو اختبرت امور الجهال والحمقى مع كثرتهم لوجدت الحرمان في اكثرهم وقالت الحكماء (لو جرت الاقسام على قدر العقول لم تعش البهائم) وقال بهذا الخصوص ابو تمام:
ينال الفتى من عيشه وهو جاهل ويكدى الفتى من دهره وهوعالم
ولو كانت الارزاق تجري على الحجا هلكن اذن من جهلهن البهائم
ولو تتبعنا المسيرة الانسانية واحداث التاريخ لوجدنا ان العلماء والادباء والمفكرين لا يزالون ضحية الاستبداد وكبت الحريات وانه لبلاء عظيم ان يبقى الانسان فريسة الانسان فمن كان لا يبصر غير محاسنه من الظلمة والمستبدين والمتنفذين ولا يرى الا مساوئ غيره يكون الضرر خير منه ولذلك شرع المفكرون والمثقفون لاعطاء ما لديهم من ثروة مادية وفكرية لاسعاد مجتمعاتهم وكانوا يبتسمون دائما امام الالام فالموت لا يفاجئ العظماء فهم مستعدون دائما للرحيل فابراهيم (ع) لما احاط به القوم وارادوا قتله قال (اني ذاهب الى ربي) فخنجر الخائن قد يقتل المخلصين لكنه لا يستطيع قتل مبادئهم والقضاء على المفكرين والادباء والمثقفين وحملة الاقلام الكبار ليس باعدامهم مادامت مبادئهم باقية وهم يعلمون جيدا ان الثابت الوحيد في الحياة هو التغيير ، ان الجهلة والطغاة عندما اعدموا سقراط لمبادئه التي امن بها قتلوه جسديا وبقيت مبادئه الى اليوم تنير الطريق لاهل اثينا والعالم كله اما الموت للعظماء سواء ابطأ ام جاء سريعا فانه سوف ياتي . لفته عباس القره غولي- ذي قار
/6/2012 Issue 4230 – Date 20 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4230 التاريخ 20»6»2012
AZPPPL

مشاركة