هدنة السويداء صامدة مع إجلاء عائلات من البدو

السويداء‭ -(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬دمشق‭ -‬الزمان‭ ‬

‭ ‬أجلت‭ ‬السلطات‭ ‬السورية‭ ‬صباح‭ ‬الاثنين‭ ‬عائلات‭ ‬بدوية‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬السويداء‭ ‬ذات‭ ‬الغالبية‭ ‬الدرزية،‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬تطبيق‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬حدا‭ ‬لمواجهات‭ ‬دامية‭ ‬أوقعت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1100‭ ‬قتيل‭ ‬خلال‭ ‬أسبوع‭.‬

وجاءت‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬الأخيرة،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تعهد‭ ‬الرئيس‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع‭ ‬السبت‭ ‬بحماية‭ ‬الأقليات‭ ‬ومحاسبة‭ ‬جميع‭ ‬‮«‬المنتهكين‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬كان‭..‬

ودخل‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الذي‭ ‬أعلنته‭ ‬السلطات‭ ‬السبت‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬عمليا‭ ‬الأحد،‭ ‬بعيد‭ ‬انسحاب‭ ‬مقاتلي‭ ‬البدو‭ ‬والعشائر‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬السويداء‭ ‬التي‭ ‬استعاد‭ ‬المقاتلون‭ ‬الدروز‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭.‬

وأفاد‭ ‬المرصد‭ ‬السوري‭ ‬ومقره‭ ‬بريطانيا‭ ‬الاثنين‭ ‬عن‭ ‬تسجيل‭ ‬‮«‬خروقات‭ ‬لاتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‮»‬،‭ ‬تمثلت‭ ‬بـ»إطلاق‭ ‬قذائف‭ ‬وهجمات‭ ‬بطائرات‭ ‬مسيّرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مسلحي‭ ‬العشائر‭ ‬على‮»‬‭ ‬محاور‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬مدينة‭ ‬السويداء‭.‬

‭ ‬لكن‭ ‬نراسلنا‭ ‬قال‭ ‬ان‭ ‬الانتهاكات‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬السويداء‭ ‬وهامشية‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬خسائر‭ ‬جراءها‭ ‬وأنها‭ ‬انقطعت‭ ‬لاحقا‭ .‬

فيما‭ ‬حمل‭ ‬مسلحون‭ ‬من‭ ‬البدو‭ ‬وعشائر‭ ‬حوران‭ ‬على‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬السوري‭ ‬الذي‭ ‬ركز‭ ‬اهتمامه‭ ‬على‭ ‬الأقلية‭ ‬الدرزية‭ ‬فيما‭ ‬ترك‭ ‬حوران‭ ‬تتضرج‭ ‬بدماء‭ ‬أبنائها‭.‬

وشاهد‭ ‬مراسل‭ ‬وكالة‭ ‬الصحافة‭ ‬الفرنسية‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬السويداء‭ ‬أربع‭ ‬حافلات‭ ‬وسيارات‭ ‬خاصة‭ ‬تُجلي‭ ‬عائلات‭ ‬من‭ ‬البدو‭ ‬بينهم‭ ‬نساء‭ ‬وأطفال،‭ ‬خرجت‭ ‬باتجاه‭ ‬مراكز‭ ‬إيواء‭ ‬في‭ ‬محافظتي‭ ‬درعا‭ ‬المجاورة‭ ‬ودمشق‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الهلال‭ ‬الاحمر‭ ‬العربي‭ ‬السوري‭.‬

وقال‭ ‬إن‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬السوري‭ ‬رفعت‭ ‬سواتر‭ ‬ترابية‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬بلدة‭ ‬بصر‭ ‬الحرير‭ ‬في‭ ‬درعا‭ ‬ومدينة‭ ‬السويداء‭ ‬ومحاور‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬ريف‭ ‬المدينة‭ ‬الغربي،‭ ‬بينما‭ ‬تجوّل‭ ‬خلفها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العناصر،‭ ‬وبجانبهم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬العشائر‭ ‬بملابسهم‭ ‬التقليدية‭ ‬وأسلحتهم‭ ‬الخفيفة‭. ‬وقد‭ ‬توزعوا‭ ‬تحت‭ ‬الأشجار‭ ‬وعند‭ ‬جانبي‭ ‬الطريق‭.‬

واندلعت‭ ‬الاشتباكات‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬تموز‭/‬يوليو‭ ‬بين‭ ‬مسلحين‭ ‬محليين‭ ‬وآخرين‭ ‬من‭ ‬البدو،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تطورت‭ ‬الى‭ ‬مواجهات‭ ‬دامية‭ ‬تدخلت‭ ‬فيها‭ ‬القوات‭ ‬الحكومية‭ ‬ومسلحي‭ ‬العشائر،‭ ‬وشنّت‭ ‬اسرائيل‭ ‬خلالها‭ ‬ضربات‭ ‬على‭ ‬محيط‭ ‬مقار‭ ‬رسمية‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬واهداف‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬السويداء‭. ‬وأسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1100‭ ‬شخص،‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬منهم‭ ‬دروز،‭ ‬وفق‭ ‬المرصد‭.‬

‭- ‬جثث‭ ‬مجهولة‭ ‬الهوية‭ -‬

في‭ ‬مستشفى‭ ‬السويداء‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬تنبعث‭ ‬رائحة‭ ‬الموت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬زاوية‭ ‬منذ‭ ‬أيام،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬عشرات‭ ‬الجثث‭ ‬بانتظار‭ ‬التعرف‭ ‬الى‭ ‬هوية‭ ‬أصحابها،‭ ‬وفق‭ ‬مسؤول‭ ‬طبي،‭ ‬بينما‭ ‬تواصل‭ ‬حصيلة‭ ‬قتلى‭ ‬الاشتباكات‭ ‬الطائفية‭ ‬الارتفاع‭ ‬يوميا‭.‬

ويقول‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬الطبابة‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬اسمه‭ ‬‮«‬سلمنا‭ ‬361‭ ‬جثة‭ ‬الى‭ ‬عائلات‭ ‬أصحابها،‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬لدينا‭ ‬97‭ ‬جثة‭ ‬مجهولة‭ ‬الهوية‮»‬‭.‬

وأفادت‭ ‬إدارة‭ ‬المستشفى‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬جثثا‭ ‬مجهولة‭ ‬الهوية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتكدس‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬ومنازل‭ ‬المدينة،‭ ‬داعية‭ ‬الى‭ ‬الاسراع‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬سحبها،‭ ‬بعد‭ ‬مضي‭ ‬ايام‭ ‬على‭ ‬مقتل‭ ‬أصحابها‭.‬

ودخلت‭ ‬الأحد‭ ‬قافلة‭ ‬مساعدات‭ ‬إنسانية‭ ‬مدينة‭ ‬السويداء،‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬المواجهات،‭ ‬تحمل‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬السوري‭ ‬سللا‭ ‬غذائية‭ ‬ومستلزمات‭ ‬طبية‭ ‬وطحينا‭ ‬ومحروقات‭ ‬وأكياسا‭ ‬للجثث‭.‬‮ ‬

ولاحظ‭ ‬مصور‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬أن‭ ‬مشرحة‭ ‬مستشفى‭ ‬السويداء‭ ‬الحكومي‭ ‬ممتلئة،‭ ‬والجثث‭ ‬مكومة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬خارجها‭.‬

ويعمل‭ ‬الطاقم‭ ‬الطبي‭ ‬وسط‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬الذي‭ ‬دارت‭ ‬اشتباكات‭ ‬في‭ ‬محيطه‭ ‬وفي‭ ‬جزء‭ ‬منه‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬يغصّ‭ ‬بالجرحى‭ ‬الذين‭ ‬افترش‭ ‬بعضهم‭ ‬الممرات‭ ‬الضيقة‭.‬

وبحسب‭ ‬تقرير‭ ‬لمكتب‭ ‬تنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬خرجت‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمراكز‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬السويداء‭ ‬عن‭ ‬الخدمة‮»‬‭ ‬وسط‭ ‬‮«‬نقص‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء‭ ‬والكهرباء‭ ‬وتقارير‭ ‬عن‭ ‬جثامين‭ ‬غير‭ ‬مدفونة‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬مخاوف‭ ‬حقيقية‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‮»‬‭.‬‮ ‬

وأشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬السويداء‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مقيدا‭ ‬للغاية‮»‬،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬مناقشة‭ ‬فتح‭ ‬ممرات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الوصول‭ ‬الميداني‭ ‬الفعلي‭ ‬لم‭ ‬يؤمن‭ ‬بعد‭ ‬لتنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬إنسانية‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‮»‬‭.‬

‭- ‬128‭ ‬الف‭ ‬نازح‭ -‬

وأوقعت‭ ‬الاشتباكات‭ ‬التي‭ ‬تخللتها‭ ‬عمليات‭ ‬اعدام‭ ‬وانتهاكات،‭ ‬1120‭ ‬قتيلا‭ ‬منذ‭ ‬اندلاعها‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬تموز‭/‬يوليو،‭ ‬بينهم‭ ‬قرابة‭ ‬300‭ ‬مدني‭ ‬درزي،‭ ‬بحسب‭ ‬حصيلة‭ ‬للمرصد‭ ‬الأحد‭.‬

كما‭ ‬دفعت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬128‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬الى‭ ‬النزوح‭ ‬من‭ ‬منازلهم،‭ ‬وفق‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للهجرة‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وتعاني‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تلازم‭ ‬منازلها‭ ‬في‭ ‬السويداء‭ ‬من‭ ‬انقطاع‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء،‭ ‬فيما‭ ‬الغذاء‭ ‬شحيح‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬إقفال‭ ‬المحال‭ ‬التجارية‭.‬

وترك‭ ‬مسلحو‭ ‬العشائر‭ ‬والقوات‭ ‬الحكومية‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬المنازل‭ ‬عبارات‭ ‬عدة‭ ‬تضمنت‭ ‬أسماء‭ ‬فصائل‭ ‬عسكرية‭ ‬أو‭ ‬شعارات‭ ‬طائفية‭ ‬تتضمن‭ ‬إهانات‭ ‬للدروز‭ ‬وتتوعدهم‭ ‬بـ»الذبح‮»‬‭.‬

وجاء‭ ‬إعلان‭ ‬الرئاسة‭ ‬السورية‭ ‬السبت‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬هدنة‭ ‬بين‭ ‬سوريا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تعهدت‭ ‬مرارا‭ ‬بحماية‭ ‬الدروز‭.‬

وسبق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬حذّرت‭ ‬السلطات‭ ‬الانتقالية‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬بوجود‭ ‬قواتها‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬سوريا‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬هضبة‭ ‬الجولان‭ ‬التي‭ ‬تحتل‭ ‬أجزاء‭ ‬واسعة‭ ‬منها‭ ‬منذ‭ ‬1967‭.‬

وأتاح‭ ‬الاتفاق‭ ‬بدء‭ ‬انتشار‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬المحافظة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬بينها‭ ‬السويداء،‭ ‬بعيد‭ ‬انسحاب‭ ‬مقاتلي‭ ‬العشائر‭ ‬والبدو‭.‬

مشاركة