نَـزع عربية الجزيرة العربية

نَـزع عربية الجزيرة العربية
هولاكو وخططه السرية في بغداد
قراءة ســعدي يوســف
بين يدَي كتاب، بالإنجليزية، ليس كمثله كتاب.
المؤلف هو سعد أبو الـحَب، المدرس في جامعة نيويورك، والمختص بالخطوط العربية، قديمها وحديثها.
موضوع الكتاب طريف حقاً
كيف أرادَ المستشرقون ، علمياً ، أن ينزعوا، عن الجزيرة العربية، عربيتَها، وبالتالي، عروبتها. فلا يبقى من العرب إلا الصورة المفضلة لدى الغربيين أعراب، بُداة، رُحل. لا لغةَ لديهم. أعراب ليسوا من الجنوب، أي ليسوا من اليمن، حيث اللغة الأولى، والخط المسنَد.
ثمتَ جهد مرموق، وخارق، في قراءة النصوص النبطية، ولوح المسنَد من مأرب .
قراءة أولى، تفتح ما كان مستغلَقاً ؛ وتفتح في الآنِ ذاته، الآفاقَ مشْرَعةً على حقيقة أن العرب أمة، موحدة اللغة والتاريخ.
والحق أنني آمُلُ من أناسٍ أوثق تخصصاً أن يتناولوا الكتاب، بحثاً وتدقيقاً.
لكني أود الإشارة إلى تاريخٍ أهمله التاريخُ يتعلق بسقوط بغداد في شباط 1258 تحت جحيم هولاكو.
يرى سعد أبو الحَب أن احتلال بغداد تم بجيشٍ من مغولٍ ومسيحيين، وأن الهدف الأساس من سقوط بغداد كان المُضي حتى إنهاء الإسلام نفسه، في القدس ومكة.
يقول سعد أبو الـحَب
خلافاً للهجمات المغولية الأخرى، كان نهب بغداد وتدميرها، مخططاً له سلفاً. وقد قامت به قوات مشتركة مغولية مسيحية، ذات إيديولوجيا معروفة لدى الصليبيين الأوربيين.
ما كان هولاكو مدمراً مغولياً آخر. كان مغولياً مسيحياً ألحقَ الدمارَ. لم يكن مثل جده جنكيز خان الذي حافظ على مسافة بعيدةٍ بالتساوي عن المسلمين والمسيحيين، والذي رفض مراراً مساعي المسيحيين للتنسيق معهم في هجماتهم على العالم الإسلامي.
كان هولاكو عدواً متعصباً للمسلمين.
كانت له علاقة وثيقة مع أمه سورخوختاني، وهي مسيحية نسطورية متعصبة، وكانت له علاقة أوثق مع إحدى زوجتيه المسيحيتين، دُقُز أو طُقُز خاتون التي وصفتها المصادر السريانية المسيحية بأنها الملكة المؤمنة، والمسيحية الصادقة التي أعلنها صوت المسيحية في الأرض كلها .
والواقع أن الكثير من محاربي هولاكو وقادته العسكريين كانوا مسيحيين من القوقاز الأوربي. ومن الذين تحالفوا مع هولاكو، هيتون، ملك أرمينيا المسيحي. وكان يرى في الغزو المغولي حرباً صليبية جديدة لتحرير القدس من المسلمين الذين أفلحوا في استعادتها قبل فترة قصيرة، في العام 1244. وقد شاركه الرأيَ مساعدُ هولاكو العسكري الأول، قطبقا، الذي ما كان مسيحياً فقط، بل كان يقول إنه سليل مباشر لأحد المجوس الثلاثة الذين جاؤوا بهدايا إلى عيسى الطفل. وقد أرسل هيتون، بعد زيارته الزعيم المغولي، رسائل إلى جيرانه المسيحيين يقول فيها إن هولاكو سيتم تعميده مسيحياً، وحثهم على التحالف مع هذه القوة الجديدة، والانتفاع منها لصالح القضية الصليبية.
وعندما دخل هولاكو دمشق كان يصحبه قطبقا، وهيتون، وبوهيموند الرابع أمير أنطاكية الصليبي.
قبيل تقدم هولاكو نحو بغداد أقامَ علائق سرية مع المسيحيين داخل المدينة، وفي عموم الشرق الأوسط. بعد أن دحر جيش هولاكو المدافعين المسلمين عن المدينة المحاصرة، أرسل قواته المسيحية إلى المدينة لجمع الغنائم.
وبأمرٍ منه تم الحفاظ على الكنائس والأملاك المسيحية. وأهدى أحد قصور الخليفة إلى كاثوليكوس مكيخا بطريريك الكنيسة المسيحية في العراق.
لقد كان المسيحيون في منطقة آمنة من بغداد، بينما تعرضت بغداد كلها للنهب والدمار، وقد شارك مسيحيو المدينة، قوات هولاكو المسيحية في نهب المدينة وذبح السكان المسلمين.
كما هُدمت المساجد، وحُولَ عديد منها إلى كنائس.
استمر نهب بغداد أربعين يوماً، ثم أُصرمت بالمدينة النار.
بسقوط بغداد، وحنى الآن، لم يعُد العرب يمسكون بمصيرهم.
سعد أبو الـحَب، الفنان، الخطاط، والباحث المدقق، يستحق التقدير فعلاً.
/4/2012 Issue 4167 – Date 7 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4167 التاريخ 7»4»2012
AZP09