نيران صديقة (2)
رواية الضحك بلا سبب
فاستفزته حمة القرم ، وعطفته عاطفة اللقم ، وطمع ولم يعلم انه وقع ، ثم اتينا شواء يتقاطر شواؤه عرقا ، وتتسايل جوذباته زيتا..
فانحنى الشواء بساطوره ، على زبدة تنوره فجعلها كالكحل سحقا ، وكلطحين دقا ، ثم جلس وجلست ، ولايئس ولا يئست حتى استوفينا . وقلت لصاحب الحلوى :زن لأبي زيد من اللوزينج رطلين فهو أجرى في الحلوق ، وأمرى في العروق وليكن ليلي العمر يومي النشر، رقيق القشر ، كثف الحشو ، لؤلؤي الدهن ، كوكبي اللون ، يذوب كالصمغ قبل المضغ ليأكله أبو زيد هنيا.
قال: فوزنه ثم قعد فقعدت ، وجرد فجردت حتى استوفيناه ، ثم قلت : يا أبا زيد ما أحوجنا الى ماء يشعشع بالثلج ليقمع هذه الصارة ، ويفثأ هذه اللقم الحارة ، أجلس يا أبا زيد حتى ناتيك بسقاء ، يأتيك بشربة ماء من قنينة معقمة وباردة .. ثم خرجت وجلست بحيث أراه ، ولا يراني انظر مايصنع ، فلما أبطأت عليه قام ابن المحافظات ، فاعتلق بائع الشّواء بازاره. وقال : أين ثمن ما أكلت ؟ فقال ابوزيد : أكلته ضيفا ، فلكمه لكمة ، وثنى عليه بلطمة ، ثم قال بائع الشّواء: هاك ، ومتى دعوناك …. ) نكتة تراثيه اجتاز فيها المتن ، وحرصت على نسق السرد السلس لواقع ما يجري على قاع الباب الشرقي لاتيح للقارىء متعة ما تضمن الكتاب من عجائب وغرائب ، سلط ضوء كاشف على باعة البالات واقراص الفياكرا المضروبة والاصليه ، حبة قفزة الكنغر الى علكة الحصان وباعة الاقراص الخليعة والقفاصة ودهاقنة القمار بما فيهم الصوص الظرفاء … ص 132 ( قلت : سأنصف سادة ضرب الجيب .. الذين أعادوا بعض محفظات العاطلين عن العمل والمعوزين من الفقراء .. والذين صرخوا وبكوا انهم فقدوا أموال الدواء ، أعادوا المبالغ كاملة وسموّها نيران صديقه …
فطنت الكاتب دعته ان يستعين بما كسب من الاصدقاء لضمان أنجاز مشروعه ، وفق باختيار شخصيات مهمه لها باع طويل يمتد الى عقود ارخت لما استوجب ان يصل اليه الكاتب في معايشته الميدانية لأغناء واقع ما رواه بدقه .
ص185 ( حدثني رشيد الخياط عن الرصيف قائلا : – عمي انا أتحدث بلغة الباب ، وانت رندجها رتبها مثل مايردون ربعك القراء الذين نفخت بصورتهم في الاهداء المميز على قولتك .. لكن أياك ان تزيل عن روح الحديث القهقهة .. اذا كنت قهقهاني او نكوتي وانا طبعا اشك بذلك.. في شغلة صناعة الضحك هنا اسطوات حجي ليست لعب كعاب …)
لايمكن ان نستبعد ان المؤلف واجه صعوبات كثيره حين شرع بالنزول الى الميدان الذي يخشى البعض من المرور الخاطف في اجتياز هذه المنطقة المحفوفة بالمخاطر ، ولاننكر انه وجه انتاجه ووظفه للقارىء واقر ذلك في الاهداء المتميز في بداية الكتاب وعلى واجهة الغلاف الاخير .( عزيزي أيها القارىء الجميل : وانت تطوي آخر صفحة من هذا الكتاب .. تنبعث سعادتي ..فرحا كفرحة بائع مسكين لبضاعة بائرة .. كالذي يقاوم الزمن الشرس وهو يبيع آنية فخاريه في مدينة جفتّ فيها الأنهار .. انه زمانك انت وهو عصرك بامتياز .. ملكه أنت وليس أنا أو نحن .. عندما تغّلب أنت فاعلية الكتاب دون متحفيته الموميائية المقيتة .. ذلك يعني عودة الروح الى كوّاز الآنية الفخارية .. نعم ان عصر الكتاب يتراجع .. اعترف لك بهذا .. فأنتصر لي شخصيا وللكتّاب أمثالي عموما بالقراءة فقط .. ليس الا .- المولف -)
عبد الحسن علي الغرابي – بغداد
AZPPPL