مَن الراضي..ومَن الساخط؟


مَن الراضي..ومَن الساخط؟
فاتح عبدالسلام
دائماً هناك تبادل اتهامات بين الدول المعنية بملف تنظيم الدولة الإسلامية المعروف محلياً بداعش، حيث ثمّة جملة أثيرة تدور على الألسن بسهولة مدهشة، يقولها وزير مرةً ويتغنى بها رئيس دولة أو حكومة مرات ويشدو بها زعيم مليشيا صباح مساء، حتى يخيل للمرء أنهم جميعاً يقرأون من مقرر دراسي واحد. والجملة المعنية موجهة ضد الولايات المتحدة غالباً وهي: ليست هناك جدية في محاربة داعش.
رئيس الاستخبارات الأمريكية قال مؤخراً أن تركيا حليفة واشنطن الاستراتيجية وعضو حلف الناتو، لا تضع محاربة هذا التنظيم في أولوياتها وإلاّ كانت قطعت تمويله بالمال والأنفار.
الطائرات الأمريكية تقصف منذ ستة شهور بلا هوادة ولا نزال نسمع أنهم غير جادين في القضاء على داعش. في بغداد يستعينون بالمستشارين الإيرانيين من الحرس الثوري لقيادة مليشيات الحشد الشعبي بشكل رسمي وأصولي وعلني لتوفير ضمانات بأن هناك جدية في قتال داعش لا تتوافر لدى الأمريكان على حسب جميع مضامين تصريحات زعماء المليشيات في العراق. حتى اقليم كردستان يقول أن واشنطن لا تأخذ هذا الأمر الكبير على محمل الجدية وهي التي حمت أربيل ودهوك من السقوط.
ثمّة عدم رضا رهيب لدى جميع الأطراف، نراهم ساخطين بعضهم على البعض الآخر، بالرغم من إنهم يبدون في المشهد أمام داعش في مركب واحد. ياترى كيف سيكون الحال فيما لو امتنعت الولايات المتحدة عن النزول بقوتها الجوية في العراق كما كان قرارها في سوريا التي احترقت خلال أربع سنوات؟
وماذا لو كانت إيران من دون أجندة في العراق ولم تمد يدها، بعيداً عن الاتهمات الموجهة اليها بأن داعش من صنيعتها لقتل الثورة السورية ومد عمر بشارالأسد وطمس المقاومة العراقية في المحافظات الست ومد عمر الحكم المطلوب استمراره إيرانياً.
هل كان ثمة بديل في العراق في ظل أوهام القوة لمواجهة تنظيم داعش عندذاك. ألم يكن هذا التنظيم وسواه بقادرين على الوصول الى أية بقعة في ظل تمزق شعور العراقيين بالمواطنة ورغبتهم بالخلاص من بحر الفساد؟.
لو كان هناك عراقيون يعملون من أجل بلدهم لنظروا لحظة الى قيمة المنجزات التافهة التي حصلت في العراق بعد ما يقرب من إثنتي عشرة سنة ولفكّروا بمصالحة تعيد للنسيج العراقي رونقه وقوته. لعل الأوان فات .

رئيس التحرير

لندن