مهمتي هي دفع الأطفال للقراءة

مهمتي هي دفع الأطفال للقراءة
الروائي جيمس باترسون: أنا الكاتب الأول في الولايات المتحدة

ترجمة وتقديم: عوّاد ناصر
أجرت صحيفة “مترو” اليومية اللندنية، قبل أيّام، حواراً مع الكاتب الأمريكي جيمس باترسون حول تجربته الشخصية ككاتب حققت كتبه أكثر الكتب مبيعاً في السنة المنصرمة.
تثير أفكار الكاتب الكثير من الأسئلة النقدية بشأن عمل الكاتب ووقته وماذا يعنيه القارئ بالنسبة له، وكيفية أن يحقق كاتب نجاحاً باهراً في أن تكون كتبه علي رأس لائحة أكثر الكتب مبيعاً، أي كيف يلتقط الكاتب هذا الجمهور الواسع من القراء من دون أن يتنازل عن “نخبويته” التي تفرضها “الأدبية” فهو ليس معنياً بالطريقة التي يتبعها جيمس جويس في الكتابة، كما يقول “لكنني أعرف كيف أسمّر القارئ علي كرسيه فلا ينهض إلا بعد أن أكمل قصتي”! في اللقاء الذي أجراه المحرر الثقافي للصحيفة أندرو وليامز.
كما يؤكد اللقاء أهمية الكتابة للطفل، إذ كثيراً ما يولي الكتاب الغربيون أهمية خاصة لهذا النوع، وأغلبهم، لا بد، أن كتب، أو إنه يواصل الكتابة للصغار جنباً إلي جنب مع الكتابة للكبار، أو إنه مر بتجربة الكتابة للطفل يوماً ما.. أدباً نفتقده كثيراً في سردنا العربي.
من المعروف أن “أكثر الكتب مبيعاً” في الغرب ليس حكم قيمة نقدية، قدر ما هو جزء من ثقافة السوق، سوق الكتب، وهو يشبه “نجم الشباك” في ثقافتنا والذي لا يكرسه فناناً مهمّاً ، وهذا يعني بالضرورة أن كاتباً روائياً علي هذه الشهرة والنجاح «الكاتب رقم 1 في الولايات المتحدة» حسب تعبيره، ليس أهم من وليم فوكنر «أستاذ غابريل غارسيا ماركيز الذي يعتبره باترسون مثاله الأعلي» أو هنري ميلر أو تنيسي وليامز والآخرين، من مواطنيه، الذين تركوا بصمة باهرة في تاريخ الأدب الأمريكي بل العالمي.
الأسئلة النقدية، كما سيكتشفها القارئ خلال هذا اللقاء، يمكن أن تطرح علي ثقافتنا العربية بشكل ملح أكثر مما هي علي الثقافة الأخري، قدر ما يتعلق الأمر بالإبداع ورواجه، أو العكس: أن يموت المبدع العربي ملوماً محسوراً، مهما كانت قيمته الفنية.
كاتب ينشر كتاباً كل ستة أسابيع!
لكنه يجد متسعاً من الوقت ليلعب الغولف أيضاًّ!
متي يقرأ؟
متي يصفن؟
متي؟

الإمساك بالقارئ
س»: انت مؤلف عشرين كتاباً كلها علي لائحة «أكثر الكتب مبيعاً»، خلال السنة الماضية، ما سر جاذبيتك؟
ج» الجاذبية هي حصيلة المزج بين النقلات السريعة في القص والشخصيات التي يرغب القارئ بالاتصال بها سريعاً.
ما هي مكونات مفتاح كتاباتك؟
ج» من بينها الحاجة إلي الإمساك بالقارئ، ثم تأتي تلك “الالتفافات”، لكي تتواصل المفاجآت، حول بطل نرتبط به جذرياً مقابل آخر يرتبط بشكل مضاد.
س»: ما الذي يلهم السرد البوليسي في كتبك؟
ج» لدي ملف من الأفكار. عندما أشرع في كتابة عمل جديد، اتفحص تلك الأفكار لألتقط بعضا مما أريد الكتابة عنه، وبعدها أختار منها وصولا إلي ما ستكون عليه القصة.
كتابي للأطفال، في عمر المدرسة المتوسطة، وهو بعنوان «أسوأ أيام حياتي» بدأ بالعنوان. أحيانا يكون سطراً، وأحيانا أخري بفكرة ما، بينما في كتابي «لعبة خاصة» ركزت علي فكرة مفادها: ما الذي يجعل الألعاب الأولمبية «التي ستنطلق من لندن هذا الصيف» أكثر مثارا لاهتمام مدينة مثل لندن.
س»: كما هو واضح وفق عقدك الجديد أنك تكتب كتاباً كل ستة أسابيع. هل هذا صحيح؟
ج»: نعم، صحيح إلي حد بعيد، أكتب كتاباً أو اثنين من كتبي، أو أشارك آخرين في تأليف كتاب ما، ما يعني أنني أكتب ضمن مخطط طويل، ثم أعمل مع كاتب آخر علي مسوّدة أولي، وأخيراً العمل علي المسودات اللاحقة، مجتمعة.
س: كم عملاً تقوم به في وقت واحد؟
ج» عندي رفوف تحيط بمكتبي، وهناك أربعون مشروعاً تحت اليد، بعضها أعمال للسينما والآخر روايات. كنت معتاداً أثناء عملي السابق في وكالة الإعلانات علي إنجاز كم مروّع من العمل، ثم اعتدت العمل مجدداً علي الكتابة التي لا تشكل إزعاجاً، حيث لا أشعر بأنني تحت ضغط الوقت، أبداً.
س»: هل لديك عادات معينة أثناء الكتابة؟
ج»: أنا أكتب يومياُ، استيقظ، تقريباً، عند الخامسة فجراً للكتابة في وقت مبكر. ألعب بعدها الغولف. أعاود الكتابة مجدداً، لأتوقف عند السادسة مساء، وهكذا طيلة أيام الأسبوع.. وعلي هذا المنوال بعد خمسة عشر عاماً الماضية عندما كنت أعمل في وكالة الإعلانات.
س: ألم تشعر، أبداً، بأنك تكرر نفسك؟
ج»: لست معنياً بهذا الأمر، ولكن قد تكون ثمة أشياء تهمني، حقاً، لكي يحدث بعض التكرار في كتبي.
س»: من هم ملهموك؟
غابريل غارسيا ماركيز في كتابه «مئة عام من العزلة»، وهو كتابي المفضل، وكتاب آخرون مثل الفرنسي جان جينيه. اًكتشفت، مؤخراً، أنني لا أستطيع در الكتابة مثل جيمس جويس، لكنني قادر علي كتابة ما هو مسلّ.

المخطوطات
س»: متي بدأت الكتابة؟
ج»: عندما كنت في الثامنة عشرة. كتبت مئات القصص القصيرة. أتذكر واحدة منها حول مزرعة الماريجوانا.
س»: كتابك الأول رفضه ثلاثون ناشراً، ما الذي دفعك إلي المواصلة؟
أصحح لك، فعلياً، رفضه واحد وثلاثون ناشراً.. غالبيتهم قالوا لي: ” أرسل لنا كتابك المقبل”.
لم تكن قراراتهم مقرفة. لكن وكيل نشري استحصل علي موافقة النشر خلال ستة أسابيع. أرسلنا المخطوطات كلها في وقت واحد. لم تكن النتائج تدعو إلي الرعب!
س»: لماذا اتجهت نحو الكتابة بينما كنت ناجحاً في مهنتك كموظف إعلانات؟
ج»: لأنني لم أشعر بالمتعة في عملي ذاك، أبداً. لم يكن العمل مع المعلنين علي شيء من الإبداع كما هو الأمر في بريطانيا، لذا كنت أمارس الكتابة خارج وظيفتي تلك.
كتابي الأول لم يحقق لي أي حظ. لكن الكتابة أبقت لي علي ما يكمل راتبي حتي حققت النجاح ككاتب.
س»: أنت تصف كتبك بأنها للتسلية. ما هو الفارق بينها وبين الروايات الأدبية؟
ج»: سأترك هذا للنقاد. إنني أتخيل نفسي جالساً بمواجهة القارئ لأروي له قصة ولا أريده أن ينهض قبل أن أنتهي من حكايتي. لا أفكر بالطريقة التي اتبعها جيمس جويس للقيام بمثل هذا العمل.
إنني معنيّ جداً بما يريد الناس أن يقرأوه، في حين أن كثيراً من الأنماط الأدبية، عموماً، لا تهتم كثيراً بما يفضله عامة الناس، قدر اهتمام كتابها بطرح موقفهم من العالم ولا يبالون في ما إذا لم يقرأهم أحد.
س»: أنت كتبت في مختلف الأجناس الأدبية.. أيهما الأصعب حسب رأيك؟
ج»: إنها قصص الحب. كتبت بعضاً منها، لكنني واجهت صعوبات في مسألة الحفاظ علي الصدارة. أنا أحب الكتب التي تجعلك لا توقف عن مواصلة القراءة وقلب الصفحة تلو الأخري.. وهذا هو الأصعب في قصة حب. لست متأكداً ما إذا كنت قادراً علي تأليف المزيد. أنا الكاتب رقم واحد بالنسبة للقراء الكبار، في الولايات المتحدة والثالث ككاتب أطفال.. هذه قضية كبيرة بالنسبة لي. أريد تأليف تلك الكتب التي تدفع الأطفال للقراءة. إذا كنت أباً ولديك أطفال فدعهم يقرأون. الكثير من الآباء يعتقدون أنها مهمة المدرسة لكنني لا أوافقهم الرأي، إنها واجب الآباء أولاً.
لا تلقي باللوم علي المدرسة بل عليك أنت. لا شيء أكثر أهمية في عملي من أن أجعل الأطفال يقرأون.

/2/2012 Issue 4113 – Date 4- Azzaman International Newspape

جريدة «الزمان» الدولية – العدد 4113 – التاريخ 4/2/2012

AZP09