مهمات الجيش العراقي وكرامته غشاوة العيون
حادثة الحويجة لم يبق أحد الا وأطلع على فصولها وتمعن في مجرياتها ووقف على تفاصيل ما جرى فيها ولعل من غير المناسب هنا أن نسهب في وصف المأساة الإنسانية التي تعرض لها ضحاياها فالصور لا تحتاج الى تعليق ومهما كانت الأسباب والمبررات التي أوجبتها فلا يعقل أحد التبرير الرئيس والبارز الذي اتخذته القيادات العسكرية التي شاركت ونفذت تلك المهزلة كاف ليقنع كل متابع لما يحصل من حوادث وانتهاكات وعلى كل الأصعدة والمجالات فقد اعتمدت تلك القيادات بكل مستوياتها العليا على مبرر واحد فقط هو حصول انتهاك لكرامة الجيش العراقي والذي لم يتم التأكد حتى الآن من حقيقة ما حصل ولازال الأمر فيه شك أو ربما يكون مفتعلا” الا أننا هنا نود الإشارة الى أن الجيش العراقي وعلى مدى سنين عمره الطويلة لم يكن ليرضى أن تمس كرامته أو كرامة شعبه أو أرضه أو ممتلكات بلاده وكانت له في ذلك صولات وصولات شهد له بها الأعداء قبل الأصدقاء الى أن التفت عليه قوى الظلام والتي لم تأت الا من الخشية من تنامي قدراته التي باتت تقض مضاجع الأعداء لتجهز على هذا البلد وتحل جيشه وتحوله الى مؤسسة ليس لها من المهمات الا ترويع أبناء جلدته والتجول في أزقة وشوارع وحارات مدنه ليأكل الموطا والهامبركر وكأنه وجد لهذا الغرض وإلا أين كانت كرامة هذا الجيش الباسل عندما جاءت القوات الإيرانية وتربعت في حقل الفك النفطي ورفعت العلم الإيراني فوقه وقامت بتغيير مواقع الدعامات الحدودية في تلك المنطقة وقد أشار الى كل ذلك مسؤولون بارزون في الحكومة المحلية في محافظة ميسان الذي يقع الحقل النفطي ضمن حدودها الإدارية ولم نسمع في حينها لا من الجيش ولا من الحكومة المركزية أي شيء عن كرامة الوطن أو كرامة الجيش العراقي ولم تتحرك الشهامة والغيرة العسكرية لتحدد ساعة صفر غير قابلة للتأجيل ولو لساعات لطرد القوات الإيرانية كما تحددت هذه الساعة لاجتياح ذلك العدو المتغطرس والمعتدي المتمثل بخيام المعتصمين ووجوب إزالتها وقتل وسحق من كان متمترس فيها ، وأين كانت كرامة الجيش العراقي من قيام المدفعية والطيران الإيراني والتركي بقصف للقرى الحدودية في المنطقة الشمالية والتي راح ضحيته الكثير من الضحايا المادية والبشرية مما أجبر العديد من سكان هذه القرى من ترك منازلهم والنزوح الى مناطق أكثر أمنا” أم أن الأمر هنا لايعني الجيش العراقي ، وماذا عن القرصنة الإيرانية والكويتية في مياهنا الإقليمية في الخليج العربي والخطف المستمر لصيادي الأسماك العراقيين فما الذي فعله الجيش العراقي أمام كل هذه الخروقات التي هي في مقاييس كل دول العالم تعد بمثابة اعتداءات ترقى الى حالة إعلان الحرب على الطرف الآخر أم أن الكرامة العسكرية للجيش العراقي لم تخدش الا من أبناء جلدته التي كما أسلفنا لم يتم التأكد منها حتى الآن وحتى إن تأكدت فسيكون علينا في حينها العمل وفق مبدأ (التمس لأخيك سبعا” وسبعين عذرا) لا أن تأخذنا العزة بالأثم ويحصل ما كان يمكن تجنبه كما حصل في مجزرة الحويجة وهنا لابد لي من القول وألتمس العذر من شرفاء جيش العراق وظني أنهم كثر أن ما حصل في حادثة الحويجة وما تلاها من عمليات قصف لبيوت الآمنين كان انطلاقا” من قول الشاعر (أسد علي وللعدو نعامة) فهل سنتعظ مما حصل أم ستبقى على عيوننا غشاوة نسأل الله أن ينير قلوبنا وعقولنا وأبصارنا وأن يجعل الرحمة في قلوبنا لنكون رحماء فيما بيننا وأن يجعل بأسنا على من عادانا انه القادر على ذلك. والله من وراء القصد.
فلاح شديد – بغداد
AZPPPL