
من هو رئيس الوزراء القادم؟ – جواد العطار
انتهى الماراثون الانتخابي وظهرت النتائج في العراق بعد مخاض عسير ، وتوقعات كثيرة اربكت المشهد السياسي والعام… بين اقاويل التغيير من الخارج والتهديد بالضربات الجوية وبين من ذهب بان الانتخابات لن تجري اصلا ، وان النظام سيتغير باكمله.
لكن ارادة الشعب العراقي احبطت كل السيناريوهات وابقت الديمقراطية وصناديق الاقتراع هي الفيصل والخيار الاوحد في اي تغيير قادم. فهل غيرت الانتخابات من الوضع السياسي في شيء؟ وهل بثت قوى ودماء جديدة في العملية السياسية؟ ام انها ابقت الوضع على ما هو عليه!!!!.
للاسف لم تغير نتائج الانتخابات من الوضع السياسي العام خصوصا بعد التحاق قائمة الاعمار والتنمية بقوى الاطار التنسيقي في الاجتماع الاخير الذي تلا اعلان النتائج الاولية ، فعادت قوى الاطار التنسيقي الكتلة الاكبر بقوة كما كانت بعد انسحاب التيار الصدري من برلمان 2021 ، مع حفاظ الكرد والسنة على مقاعدهم او مقاربة للتي حصلوا عليها آنذاك ودون اي تغيير او ظهور لقوى جديدة … فقد نجحت القوى المشاركة على مستويين:
الاول _ قبل الانتخابات حيث عملت بذكاء مع الناخب في استمالته ودفعه للتصويت بتغيير الوجوه مرة وبالمال السياسي اخرى وباستخدام امكانات الدولة ثالثة.
اطار تنسيقي
الثاني _ بعد الانتخابات حيث التزمت واعترفت كافة القوى بالنتائج دون معارضة.
وعودة على قوى الاطار التي التزمت هي الاخرى بالوحدة والقيادة الجماعية بعد الانتخابات بمشاركة كافة قواها مهما كانت نتائجها ، وهو ما اجبر السوداني على الالتحاق بهم مرغما.
واليوم عاد الوضع الى ما كان عليه قبل الانتخابات مع محاولة الاطار التنسيقي الاستفادة من اخطائه في التجربة السابقة ، وبان لا يأتي برئيس وزراء ينسب الانجازات لنفسه ويكتسح النتائج الانتخابية مستقبلا مثلما فعل السوداني في تجربته الوزارية الماضية والناجحة نسبيا والتي لا ينكر انها تركت اثرا طيبا وايجابيا عند المواطن وفي الوضع الخدمي نسبيا وحتى في رفع نسبة المشاركة الانتخابية. فهل ينجح الاطار التنسيقي في ذلك؟؟؟.نعم قد ينجح الاطار التنسيقي في مهمته الصعبة ان اختار شخصية وطنية من التكنوقراط المهني المستقل؛ من الخارج كانت او من الداخل؛ مقبولة من الداخل والخارج ، على ان يكون واجبها الخدمة العامة لا المنصب والامتيازات… لا تبحث عن مجد شخصي او أرقام انتخابية بل تحمل رؤية وخطة محكمة للعبور بالبلد الى بر الامان في أمواج تحديات الازمة المالية الخانقة والمائية بالجفاف والتصحر والامنية التي ما زالت تداعياتها تعصف بالمنطقة والعراق جزءا رئيسا فيها.
وان كانت مهمة ترشيح شخصية رئيس الوزراء القادم من قبل الكتلة البرلمانية الاكبر هي الخطوة الاولى دستوريا والشائكة في تشكيل الحكومات السابقة وانسيابية الديمقراطية ، فان على الاطار خصوصا والقوى الاخرى عموما ان لا تنسى شكل البرلمان القادم والاستفادة من التجربة السيئة السابقة التي كان فيها البرلمان عقيما شحيح التشريع معطلا عن دوره في الرقابة والمتابعة والمحاسبة للسلطة التنفيذية خاليا من المعارضة.
ان المهمة كبيرة ومراجعة التجربة السابقة باخطائها الكثيرة ، لا تحتاج فقط اختيار شخص؛ بل تحتاج فيما تحتاج اليه؛ تغيير السياسات كافة في ائتلاف حكومي قوي يتوجه الى قوى الإقليم والعالم قبل الداخل ، مدفوعا بقوة المصالح العليا للدولة في عالم لا يعرف سوى مصالحه حتى وان كانت الى اقرب حلفائه وجيرانه وآخرها وليست ببعيد تركيا التي تساوم بملف المياه وعن طريقه تريد ان تدخل الى صلب القرار السيادي العراقي.
ان المهمة صعبة جدا لكنها ليست مستحيلة والعراق يزخر بالكفاءات وكافة القوى الفائزة تتحمل المسؤولية اليوم في ترشيح الاكفأ والانزه بتجرد لتولي المناصب الوزارية القادمة ، لان الوقت ضيق والتحديات كبيرة واصبحت تمس جوهر سيادة الوطن وحياة المواطن.

















