من هو المسؤول عن دمار العراق وشعبه ؟ – عبد الأمير كاظم الجوراني

من هو المسؤول عن دمار العراق وشعبه ؟ – عبد الأمير كاظم الجوراني

بعد أحداث 9/4/2003، كان كثير من العراقيين يمنّون أنفسهم بعيشٍ كريم ورغيد, وحياة مستقرة وهانئة.. لا لكونهم سعيدين باحتلال بلدهم.. أو أنهم كانوا فرحين بما لحق ببلدهم من دمار وخراب جرّاء الحرب.. بل لأنهم ذاقوا الأمرّيْن, وعانوا ما عانوه طوال حقب حكم متعاقبة منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة في عام 1921 وحتى 2003، فما بين هذين التاريخيْن شهد العراق أحداثاً سياسية داخلية وخارجية جلبت معها الكثير من المآسي والويلات.. وسالت بسببها أنهارٌ من الدماء, وبالأخص خلال العقدين والنيف اللذيْن سبقا عام 2003.. حيث شهد فيهما العراق حربين طاحنتين حصدتا أرواح الآلاف من خيرة أبناء العراق.. فضلاً عن حصار شامل ومدمّر كان هو الآخر له حصة من أرواح العراقيين وقوتهم ومعيشتهم وتحطيم نفسيتهم.

ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن الشعب العراقي, فجاءت سنيّ ما بعد 2003 حاملةً معها دماراً وخراباً أكثر, وبؤساً وشقاءً أمضّ وأقسى, وإزهاقاً للأرواح يكاد يفوق بعدده تلك السنين العجاف التي مرّت قبل عام 2003 لا بل أصبحت حياة الفرد العراقي أبخس ما يكون في سوق النخاسة السياسي العراقي, وأصبح العراقيون الذين تطالهم أيدي القتلة والإرهابيين مجرد أرقام تتلى في البيانات الرسمية والقنوات الإعلامية.

فمن المسؤول عمّا جرى ويجري اليوم على الساحة العراقية؟؟.. أهوَ الشعب باختياره الخاطئ لممثليه؟؟.. أم حكوماته المتعاقبة والمشكّلة من قبل الأحزاب والكتل الحاكمة منذ انتخابات 2005 وإلى اليوم؟؟..

وهذا السؤال تصعب الإجابة عنه.. وليس من السهولة إيجاد الجواب الشافي له.. بسبب تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يمرَّ به العراق.. ولكن باعتقادي أجد أنَّ المسؤولية تتوزع على الطرفين (الشعب, والأحزاب الحاكمة).. وبالتالي فإنَّ الإجابة عن هذا التساؤل تنقسم إلى شقّيْن أو قسميْن.. فالشق الأول يتعلق بالشعب العراقي نفسه.. إذ إنَّ المسؤولية تقع على عاتقه هو؛ وذلك لكونه هو من قام باختيار تلك الطبقة الحاكمة في العراق منذ انتخابات عام 2005 وإلى اليوم.. فطبقاً لمبادئ علم السياسة فإنَّ الشعب هو مصدر السلطات الثلاثة.. وبالتالي هو من يقوم باختيار من يأتمنه على حقوقه في العيش الكريم والحرية والكرامة.. والذي جرى في العراق خلال الدورات الانتخابية التي سبقت الانتخابات الأخيرة.. هو أنَّ هذه العملية الانتخابية قد أفرزت ممثلين للشعب كانوا على درجة عالية من نقض العهود والمواثيق وخيانة الأمانة وتضييع حقوق الشعب ونهب خيراته وثرواته, وجعله يدور في حلقة ملؤها الفقر والمرض والموت والدمار والخراب.. وأصبح البلد يعيش في ظل هؤلاء السياسيين حالة مستمرة ودائمية من الاحتقان والاحتراب والخراب.. ولم تستطع القلة القليلة جداً من السياسيين الوطنيين تصحيح المسار وانتشال البلد مما هو فيه.. بسبب عدم قدرتهم على مجاراة ومجابهة نظرائهم من السياسيين المدججين بالسلاح المنفلت والميليشيات والمال العام المنهوب..

إذن نستطيع القول أنَّ الشعب هو الذي حفرَ قبره بيديه؛ باختياره ممثلين لا يمتلكون أدنى درجات الولاء والشعور الوطني.. فضلاً عن عدم امتلاكهم لأدنى درجات الخوف من الله تعالى, وما ينتظرهم من حساب عسير يوم لا تنفعهم مناصبهم ولا أموالهم التي نهبوها من أفواه الفقراء والمعدمين..

أـمّا الشق الآخر من الجواب فيتعلق بالأحزاب الحاكمة.. فمسؤولية ما حصل ويحصل للعراق وشعبه, يتحمّله هؤلاء السياسيون المتصدّون للمشهد السياسي العراقي.. فأغلب هؤلاء لم يصونوا الأمانة التي أوكلَها الشعب إليهم, ولم يحفظوها.. بل انغمسوا بالتهافت على المناصب والمغانم ونهب أموال شعبهم, والعمل لصالح أجندات دولية وإقليمية تسعى في تفاصيل أبسط خططها إلى طمس الهوية الوطنية العراقية.. لا بل إنَّ البعض من هؤلاء السياسيين يصرّح ويدافع نهاراً جهاراً عن مصالح أسيادِهِ في الخارج.. متنكراً وجاحداً لمصالح شعبه الذي كان له الفضل الأكبر في وصوله إلى ما هو عليه الآن من منصب وجاه وأموال.. ووصلت الخيانة وفقدان الولاء للوطن والشعب ببعض هؤلاء السياسيون إلى العمل على تخريب كل ما يمت بصلةٍ بمصالح شعبهم وكرامته.. فقاموا بتخريب اقتصاد بلدهم لحساب اقتصاد أسيادهم.. وكذلك التنازل عن كثير من الأراضي والحقول النفطية المتنازع عليها مع دول الجوار مقابل رشاوى قُدمت لهم من تلك الدول.. وأصبحت وزارات الدولة ودوائرها المهمة ملاذاً لهؤلاء السياسيين وأتباعهم ومريديهم.. فقاموا بتدمير وتخريب كل ما هو وطني وجميل في هذا البلد.. وقد نصحو في يوم من الأيام ولا نجد شيئاً اسمه العراق (لا سمح الله)؛ بسبب ما يحمله ويبيّته بعض هؤلاء السياسيين من نيّات خبيثة تسعى إلى محو بلد اسمه العراق رويداً رويداً, امتثالاً للمصالح والمؤامرات الإقليمية والدولية..

ولكن أملنا كبير بالله وبما أفرزته الانتخابات الأخيرة من قوى وشخصيات تدّعي أنها ستعمل على النهوض بالعراق وتحقيق مصالح شعبه في الكرامة والحرية والعيش الهانئ الرغيد..

مشاركة