عبد العزيز عبد الوهاب
ألــوم صديقي
وهـذا محال
صديـقي أحـبه
كـلام يـقال
وهــذا كــلام
بـليغ الجمال
محـال يـقـ
الجمال خـيال
العجيب في هذه الأبيات أنك تستطيع قراءتها أفقيا وعموديا دون اختلاف في النظم والمعنى
وهذا بالنسبة إلى الإمام علي ( ع ) ليس بالصعب . فهو في اللغة قاموسها . وهو الخطيب المفوه الذي لا يجاريه أحد . وخطبه البليغة هي الكنز الذي يزخر بالمعاني السامية والحكم والفصاحة وهي الشاهد على ذلك .أما في الشعر فهو الينبوع العذب الذي ترتشف منه كل عطر اللغة العربية . وما هذه الأبيات إلا واحدة من درر شعره . وما أعظم الحكمة التي لا تخلو منها أشعاره كما في قصيدته:
صن النفس وأحملها على ما يزينها
تعش سالما والقول فيك جميل
ولا تـرين النـاس إلا تجـملا نبا بك دهـر أو جفاك خـليل
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غد
عسى نكبات الدهر عنك تزول
يعـز غني النـفس إن قل ماله
ويغنى غني المال وهو ذليـل
ولا خـير في ود إمرئ متلون إذا الريح مالت مال حيث تميل
جواد إذا استغنيت عن أخذ ماله وعند احتمال الفقر عنك بخيل
فما أكثر الأخوان حين تعدهم
ولكـنهم في النـائبات قـليل
فالإمام علي ( ع ) هو الذي أسس علوم اللغة العربية الفصحى . وهو أمير البيان الذي كل ما في سفر البيان طوع لسانه , فهو الذي أعطى اللغة العربية صيغتها النهائية وألبسها ثوب البلاغة البديع . فهو صاحب الخطبة العلوية البليغة والخالية من النقاط . وصاحب الخطبة التي لم يذكر فيها ( حرف الألف ) ولو لمرة واحدة . وينبهر المثقف من بلاغة العبارة وحلاوة الأسلوب وعمق المعاني .فالإمام علي (ع ) ركن اللغة العربية في علومها وبلاغتها كما كان أيضا ركن الإسلام في بقية علومه , لذلك لم يكن في أهل زمانه من يستطيع أن يقف ويصمد أمامه في علوم اللغة العربية وفنونها . كان أديبا فذا وبارعا في تحويل العلوم اللغوية المتنوعة إلى ما يشبه ( حبات المسبحة ) طيعة يتلاعب بها ببنانه كيفما يشاء . فما الأدب والشعر عنده إلا رهن بنانه وطوع لسانه . وله دور هام وأساسي في حفظ وتجذير علم النحو العربي وما لذلك من أهمية بالغة في الحفاظ على أصالة تلك اللغة التي أبى الله سبحانه وتعالى أن يخاطب عباده في آخر رسالة ســــــماوية له إلا بها .
هذه هي روعة البلاغة عند الإمام علي ( ع ) وهذا هو سحر البيان الذي يجعل الفكرة العصية على الفهم تحلق في سماء الحروف والكلمات بجناحي ذلك البيان اللغوي. فالإمام علي ( ع ) هو ذلك البحر العظيم الذي يقذف بتلك اللآلئ الثمينة والكنوز الدفينة دون تكلف في الشعر والخطابة .


















