من أين لك هذا ؟
في محاولة للإجابة على السؤال الذي وضعته عنوان لهذه الكلمة الذي يردده بعض الناس بصيغ متعددة كلما ذكر اسم سعد البزاز لما يقدمه من دعم مادي لأفراد واسر لا يمكن وصف ذلك الدعم بالصدقات تقدم في مناسبات دينية وانما ان كان بهذا المقدار الذي شمل مساحة العراق كله وفي تقديري أنها توصف تكافل اجتماعي . وأتوقف عن الاستطراد بالجواب عن السؤال لاني مبتلى بتزاحم ما في ذاكرتي من خزين حوته من تجربتي الحياتية الطويلة لذلك الحقت بالعنوان بزاز وبزازون . ولان الاسر التي تحمل هذا اللقب كثيرة في العراق ترك بعضها آثار مشهودة لست في صدد تقييمها في حياة الدولة والشعب وانما سأذكر ما حوته ذاكرتي وقبلها أقول ان معنى البزاز تاجر أقمشة وممن اعرفهم من هؤلاء البزازين ما كان في كربلاء وفي بغداد وفي مدينتي (عنة) والموصل .
وابدأ بالصديق البزاز صالح الكربلائي اشهر رجال الصيرفة في العراق يوم ذاك . عرفته مدير للفرع الرئيس لمصرف الرافدين . فقد حصل خلاف بين شركة كبيرة اجنبية كنت مستشارها القانوني وبين دائرة حكومية نفذت لها الشركة مشروع في حملة الاعمار الكبرى السابقة وكان الخلاف من عليه دفع عمولة تحويل مبالغ للشركة الى المصرف الذي اختارته الشركة لتحويل حقوقها اليه ولذلك طلب رأي الاستاذ صالح وكان رأيه ان المنتفع هو المسؤول عن دفع عمولة التحويل . ولكن الشركة لم تقبل بهذا الرأي وطلبت رأي مصرف مشهور في لندن (ويسمنستر بنك) وكان رأيهم موافق لرأي البزاز . وهذا ما عزز موقعي في الشركة وجعل لمشورتي مصداقية لاني اشرت عليهم قبول رأي البزاز المجاني وانهم دفعوا اجرة بالآلاف الدولارات الى البنك الانكليزي .
وجاءت لي حاجة الاستدانة لإكمال بناء نفذ تمويله وسهل علي الرجل رحمه الله الحصول على قرض اكملت به البناء نفعني ايراده في تربية اولادي وكلما انفقت منه لصاحب حاجة ذكرت صالح البزاز ورجوت من الله ان يكون له نصيب من ذلك الاجر .
أما البزاز الاستاذ الكبير الدكتور عبد الرحمن وهو في الاساس من كبار اساتذة القانون تلقيت منه دروساً في القانون في كلية الحقوق وله مؤلف فريد (مدخل في دراسة القانون) لم يأت احد بمثله إلا الاستاذ الكبير ايضا مالك دوهان الحسن . لقد شاهدت هذا الرجل عن بعد اثناء اشتغاله في السياسة وكان له جهد عظيم مع سميه عبد الرحمن هو الآخر ابن بزاز ولكن كان رئيسا للجمهورية ومعه اللواء الركن عبد العزيز العقيلي حاولوا صادقين انهاء المشكلة الكردية بمنحهم الحقوق التي طالبوا بها ولاني كنت قريب ومعايش لهذا الجهد فقد فصلته في كتيب سميته كرد وعرب فد حزام .
وعبد الرحمن الاستاذ الجامعي من عشيرة المعاضيد الذين لهم قرية بأسمهم في ريف مدينة عنه وكانت مهنة والده تاجر اقمشة في سوق الشيخ صندل في الكرخ والمعاضيد لهم وجود قائم الان في جزيرة العرب .
والبزاز الذي لم يحمل اولاده لقبه هو الحاج عارف البزاز والد الرئيسين عبد السلام وعبد الرحمن وكان محل تجارته في نفس السوق سالفة الذكر وانه ومن عشيرة الجميلة ومن محلة الجميلة في مدينة عنه وهذه عشيرة واسعة الانتشار وضع احد منتسبيها المحامي صادق الجميلي موسوعة عنهم جديرة بالذكر.
اما البزاز المعني بالسؤال (من اين لك هذا) فهو سعد البزاز الموصلي الذي يتداول الناس اسمه في الوقت الحاضر لابد ان يكون هذا اللقب قد جاءه من مهنة اسرته تجارة الاقمشة .
ومن متابعة ما تنشره وسائل الاعلام في هذا الشهر المبارك عن اعماله فمنهم من يذكره ويدعو من الله ان يبقيه خيمة على رؤوسهم لما قدمه لهم وبدل احوالهم المعيشية وحتى اولئك الذين على قائمة الانتظار يدعون له بنفس الدعاء وربما بأحسن منه . وآخرين يتساءلون
من اين لك هذا ؟
ولهذا تلك مبالغ التي يمكن وصفها بالكبيرة صرفها لأسر اخرجها من السكن في غرف ضيقة ومن المقابر ومن على ارصفة الشوارع الى مساكن تحفظ كرامتهم ملكها لهم .
وشباب عاطل عن العمل ملكهم معدات وعُدد عمل وحتى ملابس المهنة ومبالغ تأتي بإيراد ان وظفت يرفع مستوى معيشة الاسرة من ضائقة العيش والسكن الى مستوى يحفظ الكرامة . ونساء ارامل او ازواجهم عاطلين لاسباب المرض او الشيخوخة قدمت لهم مكائن خياطة ومبالغ لها نفس الفائدة. واكثرها رحمة علاج المرضى الميئوس من شفائهم .
ان ما ذكرته امثلة عابرة سمعتها من الناس او شاهدتها من على القناة الفضائية التي تعود للمؤسسة التي يديرها والتي تُنفق تلك المبالغ بأسمها . وبمناسبة ذكر القناة فأذكر حالة ارجو ان يراعيها من يتولى ادارتها وهي تكرار الخبر في التو واللحظة مما يجعله مملا . ان كل القنوات تعيد الاخبار والبرامج في مواعيد محددة لذلك فأني لا اتابع برامجها .
ومن الاجوبة التي يمكن ان تأتي على هذا السؤال من اين لك هذا؟ هي ان كانت بجهده الخاص او من مصادر اخرى لانها وكما ذكرت وفرت له تلك القدرات الكبيرة ليقدم هذا العطاء السخي وتسميته تكافل اجتماعي هو افضل من جميع التسميات .
وإذا اردنا معرفة المصادر التي تمول مؤسسة سعد البزاز فعلينا ان نذكر اخرين بدأوها عصاميين وبلغوا مرحلة عظيمة في الثراء لهم مواقع في ذلك السجل الذي تسجل فيه درجات اولئك الاثرياء …
ومثلا منهم سخي ايضا هو الوليد ابن طلال . انشق والده عن الاسرة السعودية في منتصف القرن الماضي ابان المد القومي ولجأ الى مصر ولم يعد الى السعودية لا هو ولا جميع أفراد اسرته حتى الان لكن الوليد بلغ الدرجة الثامنة من الثراء بين اثرياء العالم وتتناقل الاخبار ان له ايادي بيضاء كثيرة في مصر وفي لبنان ولا يسأله احد من اين لك هذا .
لدينا اثرياء في العراق قد لا يصل احدهم الى درجة سعد البزاز ولكن بتجميع عدد منهم يمكن تأسيس جمعيات في المدن التي نشأوا فيها يقيمون مشاريع عمل منتجة لابناء اسرتهم وعشيرتهم وابناء بلدتهم وعند ذلك لا يحق لمن يلاحقهم بالسؤال ان يسألهم
من اين لك هذا ؟
شاكر العاني
AZPPPL