من أينَّ أبدأ بالحكاية

من أينَّ أبدأ بالحكاية
يا أول التأريخ
يا صفحات خُطَّتْ بالبداية
أني أدورُ بناظريَّ
فلا أري لَكَ منْ نهاية
يا سِفرَ أول حرفٍ
خُطَ بالتأريخ ، يا مَهدَّ الرواية
فحكايتي لا تنتهي، من أين أبدأ بالحكاية؟!
هم يعرفون متي ولدتْ
ويعرفون متي خطوت الخطوة الأولي
ولكنْ يسألون، متي الولادة ؟!
هم يعرفونك سومريا
لا تموت بألف حربٍ أو إبادة !
إن جئت من بين الركام سيعرفونك
حتي وأن غطي ملامحك السخام
فأنتَ يعرفك الجميع !!
جعلوك موضع إتهام
وأنتَ للدنيا إمام
وَضعوكَ في قفصِ الذئاب
وأنتَّ طائرُ عندليب !
عَرفَتّكَ فوهات المدافع كم صبرتْ
تركت لها حفراً علي القمرِ الحزينْ
ورأيتُ كيفَ يشوه الجدري الوجوه !
ضربوكَ فيما قد يذوب به الحديد
وأنتَّ يُذيبُ قلبُكَ بيتَ شعرٍ
جلدوك مراتٍ ولكن فاتهم
جلَّداً لديك أشد من جَلَّدْ البعير !
عيناك تنزفُ ، يا عراق
ومنذُ آلافِ السنين
تجري كدجلةِ والفرات
فإذا تَبَسَّمَ وجهُ أهلكَ بالشمالِ
ستَري وجوها ثاكلات في الجنوبِ !
ضاقت بنا حتي المقابر ، يا عراق
وعقولنا فرغت ، ليملؤها النفاق !
نحتاج كم نهرٍ لنغسل فكرنا ؟!
من يمسح الوحل الذي غطي الكرامة والوجوه ؟!
مَنْ يُهدي للمفجوعِ ضحكة طفله ؟
من ذا يعُيد إلي العروسِ عريسها !
من للفقيرِ أذا تشظتْ ساقهُ ؟
أو طفلةٌ بقيّتْ أساورها ، وضاعتْ كفها ؟!
ضاقت بنا سبل الحياة
فأين نهرب للنجاةِ
البحرُ يلفظُ مُوجهُ أشلاءنا
وتلونتْ مُدنَ بلون دمائنا
كم من قرابين نقدمها لطلابِ العروش؟!
فالناسُ تزحف نحو ” أرض الكافرين” إلي الخلاص !!
والكلُ مطلوبُ لطلابِ القصاصْ
فمن يُعيرُكَ بدلةً , تُنجيكَ من سيل الرصاص؟
فالموت في أرضِ الحضارةِ لا يشابهُ أي موت
والصوت في أرض الكرامة ليس يشبه أي صوت
بصراخنا قد نوقظ الموتي ، لنطلب ما نُريد
في حرقةٍ نطرق بشدةِ علي الحديد
لا شيء ، إلا كي نساهمَ بالضجيج !
كنا ملاذَ الباحثينَ عن الأمانِ
فالماءُ أعذبُ بالعراقِ
والخير أوفر بالعراقِ
حتي طقوس الحزن
أعذب ُ في محرمِ بالعراقِ !
لمْ ندرِ بالأيامِ إذ تمضي و تتبعها الشهورْ !؟
فالبعض لاهٍ بالغناءِ وآخرون معَّ الخمورْ
تأتي الطيور إلي العراقِ ، ونادراً تصل الصقورْ
والآن تأتينا الصقورْ ، وقلما تصل الطيور !
فسمائنا مفتوحة ، للطائراتِ بها تَدورْ
أصواتنا ما غادرتْ هذي الشفاه
سجينةُ، مخنوقةُ بين الصدور
أشعارنا
أفكارنا
آراؤنا
ممنوعة ومكبلاتُ علي السطورِ!
أسماؤنا محفورة قبل الممات علي القبورِ
أجسادنا صارت طعاماً للكلاب وللسنورِ
الضحكُ ممنوع يطلَّ علي الشفاهِ
والناي لو غني فذاكَ هو الفجورْ
مَن يطرد الحزنَ الذي أحتلَ القلوب ؟!
ويّقطّع السوط الذي أدمي الظهورْ ؟!
مَن ذا سيزرع بالمقابرِ شتلةه ؟
من وردِ لا جثثاً ، ويُلبسها السرور !
فمتي نُصفقُ دون خوفٍ يا عراق ؟
ومتي نموتُ براحةٍ
وُكما يموتُ الاخرون علي الفراشِ ؟
من دون تعذيبٍ ، وفي غيرِ الرصاص ؟
ومتي سيغمرُ قبرنا ، نِفطُ العراق
فنعيشُ في بحبوحةٍ
عقب الحياة ؟ متي ، متي ؟
في طينِ أرضكَ يا عراق
تنمو الوعود علي الرمالِ
فتورَّق ،الأسلاك والاعمدة ، دون الكهرباء !
والنهر تسحبه الأنابيب
العتيقة للبيوتِ بدون ماء !
أضَحتْ مدافئنا تنامُ بلا وقود !
والعاطلون جيوبهم مُلئت وعود !
نجري وأهل العقد خلف ظهورنا
حتي نبايع ُقاتليك من العيال !
فالعقل غادرَ رأسنا
والجهل قد لبس العقال !
الحربُ بالميدان ألقتْ وزرها
لكنَّ بالأعلامِ قائمة سجالْ
النار يُشعلها الثقابْ
ويؤجج الحرب المقال !
فمتي نعود لرشدنا ، ويشدنا حبل الوصال ؟
ومتي يعود ربيعنا
ونكفُ عن قيلٍ وقال ً؟!
كريم محمد حاتم الساعدي – ميسان
/2/2012 Issue 4123 – Date 15- Azzaman International Newspape
جريدة »الزمان« الدولية – العدد 4123 – التاريخ 15/2/2012
AZPPPL

مشاركة