قصة قصيرة
مكمن السر
سوسن السوداني
” كان يمكن لو أسرف في الحلم أن أفقد الذاكرة…كان يمكن لو كنت أسرع في المشي أن أصبح قاطرة عاهرة”
محمود درويش
هو…
هاأنذا أنضو ملابسي، أخلعها، كنت في الطريق ولكن إلى أين.. أمشي في عريي الفاضح، أنزع كل البياضات التحتانية التي تحبط النفس، وتحيط الروح بغلالة رمادية، انطلق الى فضاء لا يجرؤ أحدهم على التحليق فيه. لا قادة أحزاب ولا سماسرة. إنني أعترف، وأنت تضمخين الذاكرة بعبق نبوي. دعيني أرمم خرابي وأرسم لك الهالات التي رأيتها في كل مكان من جسدك المرمري. ربما لم تقدري على فهم كلماتي ولم تمري بتجربة توازي التجربة التي مررت بها، تجربة تشيخ الأطفال في المهود. أذكر أن مجساتك الماهرة مدت نتوءاتها الى أعمق ما يكون.. أعرف ذلك ..أيتها الأفعى اللا مواربة جمالك يفضح سيرتي,, يفضح سيرورتي وها أنذا أبل الشفتين برحيقك. لا أعرف كيف تعرقت شفاهنا، كنت امرأة ولا كل النساء، أخي الكبير قال عنك أنت من أجمل النساء. كان أخي شيوعيا يعي المرحلة بكل تفاصيلها .. حين تعرفت عليكِ.. قلت له: ربما تراهن .. قال أخي: انها لا تراهن ..والمراهنون عليها كثر فحذار أن تبيعها أو تتركها، حاذر من الدخلاء .. قلت: الدخلاء كثر ولا أقدر حتى على محاورتهم، فالكثير منهم يعتصمون بتاريخ زائف.. لا أقدر .. دعني أرجوك… / ماذا تقول ، أن بعضهم مزيف .. وهم لا يمتلكون إلا القرارت التي لا تتمخض عن شيء والزمن الحالي يحتمل الكثير…اذن على من أعول… قال أخي الكبير: دع المناورة ..دع الأسماء.. دع عنك هذه القصة التي لاتعني شيئا..
هي…
حتى حلول الصدمة التي لم أكن أتوقعها، حين تخلص من ثيابه وغدا عارياً كما ولدته أمه، كان أيره منكمشاً مثل عصفور بلله المطر، يرقد مرتعشاً في عشه.
– أوصيتك أن تحرث بستانك..
قلت..
لكنه لم يجب. فيما تعثرت الكلمات بين شفتيه،تردد بادئ الأمر ثم قال:
– تغيرت أمور كثيرة، أنتِ لا تعلمين، فلا تندهشي مما سأقوله لك.
– ماذا جرى لك؟
أجبته بعد محاولات عسيرة قمت بها لينتصب أيره المنكمش، وبحركات متتالية من أناملي التي تعودت العزف على أكثر الآلات الموسيقية حدة, كنت أحرك كل الآلات المعطوبة وأكثر الجثث صمتاً ومواتاً…و.. تحرك أيره بارتخاء كما ذيل قط هرم فيما ظل هو صامتاً لا يريم. وبحركة مفاجأة امتدت أصابعه وأمسك يدي التي كانت تداعب أيره. أفرد أصابعي وسحب السبابة الى أسته، قال متأوهاً.
– هنا يكمن السر، فكلما توغلتِ أكثر، وكلما كان إصبعك أطول سأحوز على اللذة التي فقدتها منذ سنين. كرسيي الذي اعتليته كوزير. ذاك الكرسي لم يرفدني بهذه النشوة التي أستشعرها الآن معك وأنت تدفعين اصبعك في مؤخرتي. ادفعي أكثر، ادفعي أصابعك الخمس. لأرى أفضل. مددت إصبعا، إصبعان، خمس. كان يتأوه كلما حاولت بدفع أصابعي. غير أن أيره ظل متدلياً مثل سعفة نخلة متدلية.همست وهو في ذروة الانفعال.
– ما الذي حل لأيرك..لماذا لا يتحرك؟ هل أدخل أحدهم إصبعاً في أستك.
رد بأسى:
– الناس.. من عامة الشعب.
– ألم تترأس حزباً اسلامياً..
– كنت..
– ألم تخدم الطاغية المنهار..
– خدمت..
– لا تستغرب ما يجري لك الآن إذن..
الآخرون…
تكمن العلة في الفحولة المزيفة، كم كنا نعتقد بأن قحط المسافات سيذرفنا مثل دمعة تنحدر نحو محيط ما .. ولكن يبدو أن المسافة أبعد من هذا الطنين الذي تبوح به ذبابة لا تعرف إلا لذة الجسد والآخر كذلك.. هذا المخصي من الشعب، غير اننا وجدنا – صراحة- أن الرجولة في المرأة التي طرحت وبكل صدق معاناة رجل مهزوم كان يتبوأ أعلى المناصب.
– ولكنك لا تستطيع، ولن يستطع غيرك إلغاء وجهة نظر الكاتبة مهما كانت جريئة.
– لن ألغ أي وجهة نظر مهما كانت قاسية، الذي يحدث ويدور في الخفاء أشد رعباً مما نراه ونسمعه وما علينا إلا أن نكشف المستور..
– ألا ترى معي أن القصة تخلو من المكان. حتى الزمن فهو عائم.
– أعتقد أن القصة تصلح لكل زمان والأمكنة هي ذاتها، لأننا نحيا في زمان عاهر.
– وبعد ..
– لا شيء..
في مقهى بالكرادة تحاوروا عن قصة مفارقة وجريئة للكاتبة سوسن السوداني.. كانت الساعة في نحو الخامسة مساءً. بعضهم قال:
– كيف تنشر الصحف مثل هذه القصص..
رجل ملتح صرح ممتعضا:
– هذه الحرمة بحاجة لرجل يوقفها على أطراف أصابعها. قالت سوسن:
طالما مررت على دكاكين القصابين، ورأيت الجثث معلقة على الخطاف المعدني الحاد.. أيها الجبناء هل يقدر أحدكم على نزع ثيابه في شوارع بغداد العارية والمستباحة. من العمائم، والأحزاب الدخيلة؟. باستطاعة أحدكم أن ينزع قشور البصل الفاسدة عن جسدها؟ أم أنكم ترون السمكة عارية وهي تنازع في حوضها ليتناولها كرش ما.. ها أنذا أقف عارية- وقد عانيت وعرفت الكثير- أي قحط ممكن أن أرى.. أي رجال عور.. وأية مسافات مررتم بها أيها الـعاهات المستديمة ..أيتها الفقمات
المتخمةأيهاالــــ…………………………………!!