مكاسب إقتصادية من زيارة الكاظمي إلى الولايات المتحدة – كوفند شيرواني

مكاسب إقتصادية من زيارة الكاظمي إلى الولايات المتحدة – كوفند شيرواني

بدأ رئيس الوزراء العراقي السيد مصطفى الكاظمي زيارته الأولى إلى الولايات المتحدة يوم 18/8 ،مصحوبا بوفد كبير من الوزراء والمسؤولين وهي الأولى بعد أقل من ثلاثة أشهر على تسلمه رئاسة الحكومة في بداية شهر مايس الفائت. تمثل هذه الزيارة دعما سياسيا لحكومة الكاظمي الفتية يضاف إلى الدعم الداخلي والإقليمي الواسع الذي حصل عليه. وقد حمل الكاظمي معه إلى واشنطن ثلاث ملفات رئيسية تشمل الأمن والطاقة والاستثمار،و كان جليا أنه سيعرض على الأمريكان واقع حال بلد اقتصاده غارق في الديون والمشاكل،واستثمارات غائبة وطاقات إنتاج معطلة وخدمات متردية أشعلت موجات من الاحتجاجات لا تزال ساخنة في بغداد واغلب مدن جنوب العراق. وقد أبدت الولايات المتحدة،وحسب تصريحات مسؤوليها في وسائل الإعلام،استعدادها لدعم العراق للخروج من محنته الاقتصادية والمساعدة في إصلاح الاقتصاد والاستثمار في قطاع الطاقة (النفط والكهرباء) وكذلك في مجال الحكومة الإلكترونية و إصلاح النظام المالي،إضافة إلى التنسيق مع المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمساعدة العراق في الحصول على قروض مالية منها. وفضلا عن الشق الأمني للزيارة والجولة الثانية من المفاوضات حول الاتفاق الاستراتيجي،فإن زيارة الكاظمي أفرزت،ومنذ ايامها الثلاثة الأولى،جملة من المكاسب والاتفاقيات الاقتصادية تصل قيمتها الى عدة مليارات من الدولارات ملخصها كالاتي:

– الحصول على منحة 204 ملايين دولار كمساعدات إنسانية للشعب العراقي ولمخيمات اللاجئين وتشتمل على أغذية ومياه وتجهيزات وخدمات صحية.

– توقيع اتفاقيات مع شركات عملاقة في قطاع الكهرباء منها شركة جنرال إلكتريك وشركة هوني ويل وشركة ستيلر إنيرجي لصيانة محطات الكهرباء وتأهيل شبكات النقل والتوزيع. وتجدر الإشارة أن العراق يعاني عجزا في الطاقة الكهربائية يتجاوز 10,000 ميجاوات ساعة. وتبعا لذلك،هبطت الكهرباء المزودة للمواطنين إلى ما دون 50%. وقد شجعت الولايات المتحدة على مواصلة التعاون مع دول الخليج وهيئة الربط الكهربائي فيها بشأن توصيلها مع شبكة كهرباء العراق لسد جزء كبير من النقص في الطاقة،فضلا عن استثمارات دول الخليج في مجالات الطاقة في العراق.

– توقيع عقود مع شركات نفطية عملاقة كشركة شفرون وشركة بيكرهيوز للتعاون في مجال النفط والغاز،يتضمن تطوير التنقيب والإنتاج في حقل الناصرية النفطي والذي يمتلك احتياطياً يتخطى 4 مليارات برميل. وعلميا يقصد بتطوير الحقل النفطي اجراءات هندسية وفنية تؤدي إلى زيادة الإنتاج،وهذه العملية تتطلب تقنيات متقدمة ومعقدة و استثمار مبالغ تصل إلى مئات الملايين من الدولارات،وهذه المتطلبات يتعذر توفيرها من قبل وزارة النفط العراقية وشركاتها دون الاستعانة بالخبرات والاستثمارات الخارجية.

– الاتفاق مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) التي تعنى بالتطوير والتنمية في جوانب متعددة منها التعليم والأتصالات والخدمات والموارد البشرية. وتجدر الإشارة أن هذه الوكالة تعمل في مشاريع تنموية في العديد من الدول الآسيوية والإفريقية وتمول نشاطاتها من المنح والمساعدات الأمريكية. وقد سبق وأن عملت في العراق منذ العام 2004 وأنجزت مشاريع عديدة تم تمويل أغلبها من منحة أمريكية قدمت للعراق آنذك قدرها 20 مليار دولار.

– التوقيع على مذكرة تفاهم في توسيع التجارة الصحية و تعزيز التعليم العالي بالتعاون مع الجامعات الأمريكية.

 أهمية الاستثمارات الأجنبية في العراق

يعاني العراق من عجز في موازنة العام الحالي،رغم عدم إقرار قانونها،لا يقل عن 15 مليار دولار نتيجة تدهور أسعار النفط في شهري آذار ونيسان من العام الحالي والأزمة الأقتصادية العالمية التي رافقت تفشي جائحة كورونا. ورغم تحسن الأسعار في شهري حزيران وتموز الى قرابة 45 دولار للبرميل،إلا أن العراق سيكون ملزما بتخفيض إنتاجه النفطي في شهري تموز وآب بمقدار 1.25 مليون برميل يوميا من أصل 3.5 مليون برميل كان يصدرها قبيل اتفاق مجموعة اوبك بلس في شهر نيسان من العام الحالي. وسيحدد ذلك من السيولة النقدية المتوفرة لتغطية النفقات التشغيلية للدولة ومؤسساتها،وسينكمش بدرجة كبيرة الجزء الممكن تخصيصه للمشاريع الاستثمارية،ومن هنا تكمن أهمية استقطاب وجذب الاستثمارات الأميركية والأوروبية والخليجية وغيرها خاصة في القطاعات التي تتطلب مبالغ هائلة كالنفط والكهرباء والبنى التحتية. العقبات المتوقعة أمام هذه الاتفاقيات من المتوقع ان بعض القوى السياسية والفصائل المسلحة التي تجاهر بالولاء للجارة إيران والتي تدعو باستمرار الى خروج القوات الأجنبية ومنها ألأمريكية من العراق،لن تكون سعيدة بتعزيز الشراكة الستراتيجية مع الولايات المتحدة وستحاول عرقلة هذه الاتفاقيات،وعلى أهميتها،في الحكومة والبرلمان. وربما ستحاول أن تفرض مصادقة البرلمان على مجمل الاتفاقيات المبرمة مع الأميركان،الاقتصادية والأمنية على حد سواء قبيل انفاذها للتطبيق. لكن المادة 110- أولا وثالثا من الدستور العراقي،والمتعلقة بالصلاحيات الاتحادية للحكومة،تمنح وبشكل واضح الصلاحية للحكومة في التفاوض والتوقيع على الاتفاقيات الدولية ورسم السياسات الاقتصادية والتجارية الخارجية وكذلك رسم السياسة المالية للدولة.

نعتقد ان مثل هذه الاتفاقيات التي تدعم اقتصاد البلاد وتحسن قطاعات خدمية مهمة كالطاقة والكهرباء جديرة بأن تحظى بترحيب ودعم كل المواطنين و جميع الأطراف السياسية بمختلف توجهاتها ومشاربها،وعلى الجميع ابقاء هذه الاتفاقيات بعيدة ومصانة من تأثيرات واملاءات الخارج و مشاكسة المشاغبين في الداخل الذين لا يريدون الخير للبلاد ولا لأهلها الطيبين .

{ أكاديمي عراقي

مشاركة