مكاتيب عراقية ماعون الصبر بليرة
علي السوداني
أشتهي الليلة الموحشة، أن أكتب مكتوباً ليّناً. ربما مفكّكاً عشوائياً مرضيّاً عنه. سأحذف الجملة الفائتة، لأنها تنام على تدليس وتغليس. سأستفيد من متاحات ومديات النقد والنقدة، فأقول أن نصّنا الليلة، حمّال شيّال عتّال، لألف معنى ومعنى. تلك كانت خديعة مهذبة. طاولتي جدباء متصحرة يابسة. هذا لا يعين على انتاج فكرة مبهجة. هاتفي مغلق. تلك محاولة للعيش بسلام وسكينة وراحة. ثمة مقترح عنّين، بفنجان قهوة وسيكارة، وجريدة طازجة. مقترح سخيف، لأنه سيرميني بجبّ نزار قباني ونجاة الصغيرة، فضلاً عن أن الجريدة، ستوسّخُ عيناي برماد عنوانات السياسة الداعرة. تمّ الغاء الفكرة، والهجرة نحو مدافن ممكنة، تنتجُ نصاً معقولاً. معقولاً، مفردة ضعيفة ركيكة. تمّ المحو والشطب. سنرمي فوق النصّ، بردة السبك والسباكة، فنكتب أنّ النص مسبوك. صفة مسبوك، مثل صفة رصين، والاثنتان حملهما ثقيل، لو زرعته فوق ظهر عتّال فَيليٍّ قوي، لنبتت ساقاه في الأرض، حدّ الركبتين. سنجرّب تأثيث الخواء، بكأس عرق سمينة، تسدّ مسدَّ الوحشة، وتشتغل شغلَ نتّافات الفكرة. ثمة محذورات في هذه الشطحة. سيشطب أبو الجريدة، كأس العرق الذي ألححنا في قيامتها. ثمّ أنّ كأس العرق الأبيض ذاتها، ستصير مفرخة أفكار وغوايات. فكرة تنطح فكرة، وغواية تسحل غواية، فيضيع النصّ والكأس والخيط والطائر. أيضاً وأيضاً، ان كأساً واحدة لا تكفي، فالكأس الفارغة، ستصير فماً عملاقاً يصيح هل من مزيد؟ فإن حضر المدد، وابتلَّ الحشى، داخ الرأس ــ ربما داخت ــ وحنَّ الفؤاد، وتشبّبت الساعة، وذهبت الروح، مذهب غناء رافدينيٍّ موجع. سيتلف الجسد، وسترعش الأصابع، وسيفزّ الأكباد من مهودهم، وأنت مازلتَ حارناً دائخاً حائراً، عند خاصرة المكتوب. سأشطب كأس العرق والغناء والنعي والنوح، وسأكتفي بمدخنة سيكارة. ربما كانت سيجارة. فلنجعلها لفافة تبغٍ بائنة. هذا ليس ببطر، لأن النصّ سينمو بالتراكم وبالتوليد. قدّامي سطر مبنيّ من عشر زرعات، نديّات مزروعات في عشرة أصص من صلصال. أقصد من فخّار مفخور. لو تمكنتُ من انتاج سطر واحد، على عتبة شتلة واحدة، لأكملتُ النصّ بيسرٍ مبين. ثمة مشكلة، تشبه عشرة أسافين، حلنَ بيني وبين كمال النص. أنا لا أعرف من تلك الشتلات العشر، سوى اسم واحدة. سأمحو جلّ الفكرة، وأعتاش على شتلة واحدة اسمها الصبّار. انّ باب الصبّار لواسع. هو فاكهة طيبة، لا تكلّف الأرض الا وسعها. تنجي من مرض خبيث خنيث، وكنت سمعت بائعاً قائماً بباب مطعم هاشم، من أعمال صحن عمّون الكبير، ينادي على بضاعته، نداء بديعاً جليّاً ماعون الصبر بليرة. الله أكبر على هذا المجاز الرحيم العظيم، الذي مثله، ومن ضلعه، شهقة مظفر النواب، وتصريفة ياس خضر، وتجويد طالب القرغولي عودان العمر كلهن، ضن ويّاك، يافَيِّ النبعْ واطعمْ، عطشْ صبّير ولافر اك. لم يبق شيء. انتهى خلق النص، قد يكون مثلوماً معضوضاً من احدى خواصره وثناياه، لكنه يكفي لدندنة خافتة. لا ترفعوا صوتكم. بصحّتكم. سأُتلفُ جملة بصحّتكم لأنها نزلتْ منزلَ شبهة.
AZP20
ALSO