مكاتيب عراقية ـ معامل طابوق التاجي ـ علي السوداني
ألرؤساء الثلاثة في بلاد ما بين القهرين ، صائمون قائمون قاعدون ساجدون ، تكاد الأرض تأكل من سيماهم من قوة الركوع . مثلهم مثل الوزراء والنواب والوزيرات والنائبات ، والمدراء والوكلاء والمحافظون ، حالهم من حال أكثرية عظمى من رعية البلاد وملايين مملينة من موظفي دوائرها وعمالة خدماتها وحتى كثرة كاثرة من جندها وشرطتها ، من الذين يسلّمون الناس عرائضهم ومعاملاتهم ومساجينهم وجثث أهلهم ، باليمين ويقبضون الرشوة التي صارت ثقافة غير مخجلة باليسار ، شُلّت أيمانهم وأيسارهم وجُعل أكلهم سمّاً وزقنبوتاً وناراً تشوي البطون . ألله حاضرٌ عندهم بقوة ، في الصورة وفي التلفزيون وفي ساعة الخطبة ، لكنَّ بلادنا ما زال اسمها مرسوماً مضيئاً مشعاً بقوة ، على مفتتح قائمة الدول الأكثر فساداً على وجه الأرض .
ألعمائم الضخمة التي لا لون محدداً لهواها وقبلتها ، والمؤثرة التي تسوق العربة السكرانة من المقعد الخلفي ، وأشهرها لرجال دين مقيمين في البلاد من الجنسيات الإيرانية والأفغانية والهندية والباكستانية ، ترى الفساد والموت والإنقراض والمرض والجهل قائماً على حيلهِ وطولهِ ، لكنها ظهرية المنبر تقوم بتغطية مشهد المخازي بعباءة التستّر وبلغة حمّالة أوجه ناعمة لا تسمّي المصائب بمسمياتها الصحّ ولا تقول للحرامي أنت حرامي وعليك الرحيل والإنكناس ، حتى يخيّل للمنصتين أنَّ هذا الخطيب وذاك المفوّه ، ربما كان قد تخرّج في واحدة من دورات وزارة الخارجية وسفرائها ، حيث اللغة الدبلوماسية التي لا تستحيي من الكذب ومن النفاق ومن الله طبعاً .
ألمؤكد والمطلق واليقين هو أنّ تنظيم القاعدة المشهور الذي انقلب اسمه بين يوم وليلة إلى داعش وأخواتها بالرضاعة ، لم يهدد ويطلب من الرؤساء والوزراء ، نهب مال الفقراء وتزوير الشهادات والرتب وحمل جنسيات مزدوجة تستعمل ساعة الهروب من فضيحة .
قبل خمسة عشر يوما وليلة ، حضر النواب الصائمون والصائمات بزحامٍ شديد تحت قبة البرلمان وفوق دكتهِ التي قادها متضعضعاً متبلبلاً مرتبكاً السيد مهدي رئيس السنّ . كان حضورهم يكاد يكون كامل النصاب والنصّاب . لم يمنعهم قيظ الصيف وغبرتهُ ورمضاء رمضان . كانت قوة الراتب بعد قراءة القسم أعظم من قوة الضمير ، وعندما صاحت البلاد صيحتها أن أعينوني وأغيثوني ، عاد الجمع الى الدار يبسبسون بشفاهٍ يابسة ووجوه صفرٍ خاوية أللهم نحن على صيام فلا تكلفنا إلا وسعنا
تمثيلية سخيفة وقذرة ومجرمة ولا تستحي . كلهم يتحدثون عن لُحمة الوطن ، وأدمغتهم منقوشٌ عليها لَحمة الخراف الهرفية . يحفظون من دستور الألغام ما يحفظ لهم خط المدد الواصل إلى المعدة . ينادون بعدم تجاوز التوقيتات الدستورية ، وهم تجاوزوها كما يشتهون ويودّون .
شلة ضخمة من الحرامية والمجاهيل والكَذَبة والمرتزقة والسماسرة والمرضى والمزورين والمنافقين ومن لا توصيف شافياً له في منجد الدونية ، يسحلون الوطن سحلاً نحو الإنقراض ويحاولون مثل رفسة ثور أخيرة ، إعادة انتاج وسيناريو واخراج الملهاة الرافدينية ، بتبديل وجه المسخّم هذا بوجهٍ آخر سخامهُ مغطّى ولو إلى حين .
على ذكر وطاري داعش والغبراء ، هل بمقدورك يا علّوكي أن تعيش بمدينة تحكمها داعش بأنواعها وطوائفها ومللها ؟
الإجابة هي كلا قوية وثابتة وراسخة ومطلقة .
بعد قليل من الآن سيسألني واحد من أهل المزاد الشاطرين والشاطرات ، عن سبب هروبي من باب الكتابة حول تأثير معامل طابوق التاجي التي تنفث الدخان الأسود الثقيل المتعمّد ، صوب رئة بغداد العليلة الحلوة ، ما يؤدي إلى إصابة نصف رعيتها بداء الربو الخانق ، ما يجعلهم يكرهون الحكومة ويتظاهرون من أجل كنسها ؟
AZP20
ALSO