مكاتيب عراقية بَلَم تراوبي بباب سينما بابل
علي السوداني
على بركة الله الرحمان الرحيم وحفظه، نفتتح مكتوبنا الليلة، بحرف جرٍّ جارٍّ، يجرّنا مرتاحين، صوب مرابع ومناعش الصبا، وأول مصابيح الشباب، وقد سولفنا سوالفنا، على سور مائدة لطيفة عامرة، من موائد الفتى النبيه محمد بن هارون أبو حمرين، فكان حكيُنا يسترسل ويسيح، وكان الفتى العطشان والربع المنصتة تصيح وتتوسل، أن زدنا يا حكّاء المدينة، مما تيسر ببطن خزان الذاكرة، من طيب الحكي، ولذيذ الطرائف، وبديع اللطائف، فأستذوقنا الأمر، وصرنا إليه سائرين متصلين، لا فاصلة تفصل، ولا فارزة تفرز، ولا حرف معترضة تعترض، ولا نقطة منتهى تنهي، حتى تناوشنا مطلاع الفجر، ولمعة الزهرة البائنة، وخشخشة ورق الشجيرات الصفر، التي تكنسها ريح الربّ، فوق صفحة الإسفلت، منتجة سمفونية عاطرة بهطيل أيام راحت ولن تعود. مفتاح الحكي، غير قفل الكلام، والرؤوس تتناود سكرى، وما الأكتاف التي تشيلها بسكرى، حتى اندلقنا على باب رحيم من بوابات التذكر، اسمه باب المشروبات الغازية التي كانت تنعش أهل بغداد العباسية، وما حولها، ومن مشهوراتها البيبسي والسفن آب والميراندا والمشن والسينالكو والكندادراي والشابي والصودا، وحيث انفتح باب السبعينيات الهادىء، تشنّفت عيون وأسماع وأذواق الرعية، بمنتج طيب، اسمه كراش وكان يجيء على صنفين، هما الأسود وأخيه البرتقالي الذي كان معادلاً رحيماً موضوعياً لشحة البرتقال العزيز، الذي لم تره أحواش الفقراء، الّا في صبحية زرعه بماعون فوق طاولة مريضٍ مهم. في لحظة زمنية هانئة، ظهر مشروب جديد اشتهر مثل شهرة شهيد ملفوف بعلَم، واسمه تراوبي، بزجاجة رِبعة قصيرة، ورقبة مثل مبوسة عملاقة، وقيل أنه يُعمل من منقوع عنب الشمال الحلو، ومن تلك المعلومة القحّ، ارتبط شراب التراوبي في حشوة مخّي، بمسألة دعش آذار، وطقطوقة أحمد الخليل هربشي كردي وعرب رمز النضال ومسيرات عيد العمال العالمي، التي تمرق من قدّام سينما بابل، مثل لاس فيجاس قاطرة مقطورة، تجعل من صيحات العائلة، تكبّر بـ تراوبي بارد، بيض وعمبة وصمون، يلّلا حَب جكاير علج ومن تقاليد البيع ذاك الزمن الجميل، أن الدكان الذي يبيع عشرة صناديق من هذا المشروب، سيحصل على مكافأة مجزية مشجعة، هي صندوق مضاف، صحبة مطقاقة، وقد يأتيك الموزعون، بدرزن كلاصات كل ستة شهور. سمعتُ أن سينما بابل، قد صارت واحدة من أطيان وأملاك الكاتب فخري كريم زنكنة، وبما أنه كاتب، وأنا كاتب، وعندي صاحب صحوب اسمه صلاح زنكنة، وبما أنني سفحتُ ربع العمر، ونصف الدمع، بباب وببطن تلك السينما العظيمة، أتمنى على فخري، أن يصدر فرماناً قوياً، يقضي بتعريشي على كرسي مدير الدار بعد اعمارها، حتى لو واجه فرمانه، معارضة ضخمة من حجي محمد أبو ثائر وعماد، أو من بهجت مشجع الزوراء، او من وارتكيس مشغّل ماكنة الأفلام، أو من جواد الأعرج حارس السيارات، أو من جبار أبو التكة، أو من عادل، مثبّت الشيت وصور الجامخانة، أو من عبد النِبي الأثول، أو من أبو هاني، صاحب حانة عشتار، او من أحمد البواب، أو من وليد الحلو، أو من سيد رسول، صانع أطيب لفّات عروك، منذ وفاة حمورابي. سأعيد الروح والراح والراحة، لسينما الستينيات والسبعينيات العذبة، وعوائلها الأنيقة، التي تفضّل الألواج الرباعية الكرسي، والمقاعد ثنائية اللصق. سأنثر بباب السينما، عربانات البيض والعمبة والحَب والسكائر والعلك، وبلم تراوبي وكراش، مغطى بحطام أربعة قوالب ثلج. سيكون المفتتح بفيلم نحن لا نزرع الشوك سأنصب تحت شيت الفلم، سماعات فواتح عظمى، تنوح مع شادية بمناحة والله يا زمن سأجعل دموع الرعية، تغسل أرصفة المربع البادئ بعمارة كافل حسين، حتى ضواحي مطعم فوانيس، عبوراً صوب سينما النصر وانت نازل، وصولاً الى مكمن جريدة طريق الشعب القديم. كأس عافية بصحة بغداد، وموت الكرف من سوّاها بيَّ
AZP20
ALSO