مكاتيب عراقية باب الأديبات البخيلات
علي السوداني
بعد نومة نائمة على ستة شهور وعشر دقائق، أعود إليكم حبيباتي وأحبائي إلى ما نويت عليه وعزمتُ. أقصد مقترح كتاب ظريف لطيف خفيف، اشتهيت أن أسميه بخلاء علي السوداني وكنت قصرته على بخلاء الوسط الأدبي والفني، إذ أدركت وعاشرت ومالحت وخابزت كثرة كاثرة منهم، ومن لم أره ومائدته، فلقد اتكأتُ على مسموعاتي من جلاس وندمان وظرفاء ونقلة كلام، بعضهم لا يقلّ بخلاً عن البخيل الذي سنثرده الليلة في صحن السهرة. ولقد كنا في مسعانا ومرادنا الأدبي هذا، حرصاء على التفريق العادل، بين الأديب البخيل، وبين الآخر الفقير، الذي لو شتلك الرب مرة فوق رأسه، وكانت بماعونه زبيبة ممصوصة، قام بمنحك إياها، مزفوفة بابتسامة رضا وراحة. وفي بديع هذا الدفتر الكنز المكنوز، كنا قد أنتجنا احدى عشرة معلقة، شررناها على حوائط الملأ، وفيها خفنا من زعل زعلان، ومن عتب بطران، فذهبنا مذهب لَيّ المسمى، وتضبيب الموصوف، وتضمير المعنى، فصار سعد، سعيداً، وأضحت سعاد، سعدونة، فاندفنت الفتنة، وثبت الكتاب الذي من عظيم محاسنه، وعميم ريعه، أن عرَقَنا ومرَقَنا، صار ينبع من جيوب الصحب، ومن أعباب الصويحبات، وكان لسان حال من يدفع دنانير ثريدي وكأسي يقول حمداً لله، لقد فزتُ بها، وعشتُ خارج دفتر البخل اللابط تحت يمين هذا الحكّاء
أما رجعتنا الليلة صوب الكتاب المنتظر، فهو كشفنا أننا قد خصصنا دون أن ندري الجزء المنجز حتى اللحظة، على ثلة من أدباء بخلاء، كان سوء حظهم، قد رسم خلقهم، فوق شاشة ليلنا وذاكرتنا، وكان حظ نساء الوسط الأدبي، من السماء الرحيمة، حتى سقطن سهواً من مقبرة هذا الدفتر، الذي رجعنا اليه، رجعة مشتاق، لنجمّله ونعسله ونحليه ونطرّيه بواحدة من نساء بخيلات، قد تجرّ وراءها، سلة تجعل كفة الفحول، مثل كفة النسوان. في هذا الباب البديع، الذي لن نغادره أو نهجره، حتى نمرّ فيه وإياكم على إمرأة بخيلة دميمة قبيحة جرباء مبهقة، نبت في أس خنصرها، اصبع سادس يتدندل، إسمها سهيّة، وكنيتها، أُم غائب، وقد أخذتها عن علّة حمل، وفساد مبيض، وعقرة عاقر، وهذه كانت صعدت من رفاعي ذي قار، أول ستينيات القرن الفائت، ونزلت بواحدة من خواصر بغداد العباسية، وجعلت هذا متكأ، وذاك مفرغة، والثالث غواية، والرابع مصعداً ومرقاة، حتى أوقعها زمانها، على واحد، أبخل وأطمع وأجشع منها، يبيع الكلام بسوق الكلام، ويمشي على أربعة فوق دكك المزاد، فعلّمها الصنعة حتى أتقنتها، فقالت الناس فيهما لقد تدعبل القدر وتدهدر وتدهدى، فوجد غطاءه. وقد أصابها متأخرة حظّ قليل من الشهرة، في واحد من بيبان الأدب، لكنها ظلّت منغّصة كدرة، بسبب البخل الذي ثنّى عليه الرب القادر القدير، بوجه دميم، مرسوم بمطينة أمواه راكدة جائفة، إن شفته في الصباح، شافك النحس والغمّ والهمّ، في ما تبقى من يومك العزيز. إن ولمتك في دارها، كان منقوعها ومثرودها بائتاً، وشرابها مجّاً أجاجاً، فإن حمدت ربك، ورضيت بقسمتك، وطمست يدك بجرف الماعون، قامت على حيلها، وحكّت أبطها، وقصّت عليك، قصة قطة بيضاء رقطاء جميلة، صدمتها سيارة طائشة، فصار دماغها في صوب، ومعدتها في صوب، وما زالت على هذا القصّ المنفّر، حتى شلعتَ جسمك الركيك، ومنحت سهيّة الغولة، ظهرك، وخلّفت في ماعونها، مطمسة من ثلاث أصابع، تدسّمتْ ببقيا زفر باهت
/7/2012 Issue 4241 – Date 3 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4241 التاريخ 3»7»2012
AZP20
ALSO