مقتل متظاهر سوداني بعد إطلاق قنابل الغاز قرب قصر الرئاسة

الخرطوم‭-‬الزمان‭ 

قتل‭ ‬شاب‭ ‬سوداني‭ ‬الأحد‭ ‬جراء‭ ‬اطلاق‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬السودانية‭ ‬قنابل‭ ‬الغاز‭ ‬المسيل‭ ‬للدموع‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬الخرطوم‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬قصر‭ ‬الرئاسة،‭ ‬مقر‭ ‬قائد‭ ‬الجيش‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬البرهان،‭ ‬لتفريق‭ ‬متظاهرين‭ ‬يواصلون‭ ‬المطالبة‭ ‬بتنحي‭ ‬العسكريين‭. ‬

وقتل‭ ‬الشاب‭ ‬‮«‬علي‭ ‬حب‭ ‬الدين‭ ‬علي‭ (‬26‭ ‬عاما‭) ‬إثر‭ ‬اصابته‭ ‬بعبوة‭ ‬غاز‭ ‬مسيل‭ ‬للدموع‭ ‬في‭ ‬العنق‮»‬،‭ ‬وفق‭ ‬لجنة‭ ‬الأطباء‭ ‬المركزية‭ (‬نقابة‭ ‬مستقلة‭)‬،‭ ‬خلال‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬تظاهرات‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬السودانية‭ ‬وضواحيها‭ ‬للتعبير‭ ‬مجددا‭ ‬عن‭ ‬رفضهم‭ ‬لانقلاب‭ ‬25‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬والمطالبة‭ ‬بسلطة‭ ‬مدنية‭ ‬خالصة‭. 

وأدى‭ ‬قمع‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬لهذه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الى‭ ‬سقوط‭ ‬62‭ ‬قتيلا‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وفق‭ ‬اللجنة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أعلنت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬الأحد‭ ‬وفاة‭ ‬علاء‭ ‬الدين‭ ‬عادل‭ (‬17‭ ‬عاما‭) ‬متأثرا‭ ‬باصابته‭ ‬برصاص‭ ‬حي‭ ‬خلال‭ ‬تظاهرات‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭.   ‬وأصيب‭ ‬كذلك‭ ‬مئات‭ ‬المحتجين،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تعرض‭ ‬13‭ ‬امرأة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لحوادث‭ ‬اغتصاب‭. 

إلا‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬الأمنية‭ ‬تنفي‭ ‬بانتظام‭ ‬استخدام‭ ‬الذخيرة‭ ‬الحية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬بل‭ ‬اتهمت‭ ‬بعض‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بعدم‭ ‬التزام‭ ‬السلمية‭ ‬في‭ ‬المسيرات‭ ‬والتسبب‭ ‬في‭ ‬إصابة‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الأمن‭.  ‬وعلى‭ ‬بعد‭ ‬حوالى‭ ‬500‭ ‬متر‭ ‬من‭ ‬القصر‭ ‬الجمهوري‭ ‬الذي‭ ‬أغلقت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الطرق‭ ‬المؤدية‭ ‬اليه،‭ ‬أشعل‭ ‬المتظاهرون‭ ‬إطارات‭ ‬السيارات‭ ‬فتصاعد‭ ‬الدخان‭ ‬الأسود‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬الدخان‭ ‬الأبيض‭ ‬لقنابل‭ ‬الغاز‭ ‬يتصاعد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭.  ‬وردد‭ ‬المحتجون‭ ‬هتاف‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬‮«‬الشعب‭ ‬يريد‭ ‬اسقاط‭ ‬النظام‮»‬‭.  ‬كما‭ ‬أطلقت‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الغازات‭ ‬المسيلة‭ ‬للدموع‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬ضاحية‭ ‬بحري‭ (‬شمال‭ ‬الخرطوم‭)‬،‭ ‬وفق‭ ‬شهود‭. ‬‭ ‬وانضم‭ ‬أطباء‭ ‬بزيهم‭ ‬الأبيض‭ ‬الى‭ ‬المتظاهرين‭ ‬للاحتجاج‭ ‬على‭ ‬اقتحام‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬للمستشفيات‭ ‬وإعاقة‭ ‬وصول‭ ‬المصابين‭ ‬اليها‭ ‬خلال‭ ‬الاسابيع‭ ‬الأخيرة‭. ‬

وقالت‭ ‬لجنة‭ ‬الأطباء‭ ‬المركزية‭ ‬أنها‭ ‬ستسلم‭ ‬الأحد‭ ‬مذكرة‭ ‬الى‭ ‬مسؤولي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تضم‭ ‬قائمة‭ ‬ب‭ ‬‮«‬الهجمات‮»‬‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬الطبية‭.  ‬ونزل‭ ‬آلاف‭ ‬المتظاهرين‭ ‬كذلك‭ ‬للمطالبة‭ ‬بابعاد‭ ‬الجيش‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬مدني‭ (‬حوالى‭ ‬180‭ ‬كلم‭ ‬جنوب‭ ‬الخرطوم‭)‬،‭ ‬بحسب‭ ‬شهود‭. ‬

ومنذ‭ ‬صباح‭ ‬الأحد،‭ ‬أغلقت‭ ‬القوات‭ ‬الأمنية‭ ‬الشوارع‭ ‬الرئيسية‭ ‬المؤدية‭ ‬إلى‭ ‬القصر‭ ‬الرئاسي‭ ‬ومقر‭ ‬قيادة‭ ‬الجيش‭ ‬بوسط‭ ‬الخرطوم‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬اعتصام‭ ‬المحتجين‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬المعزول‭ ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬الذي‭ ‬أطاح‭ ‬به‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2019‭. ‬

وعطّل‭ ‬البرهان‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬استكمال‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬بانقلابه‭ ‬على‭ ‬شركائه‭ ‬المدنيين‭ ‬وعزلهم‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬السلطة‭ ‬الانتقالية‭ ‬التي‭ ‬يفترض،‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاق‭ ‬ابرم‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬والقوي‭ ‬السياسية‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬آب‭/‬اغسطس‭ ‬2019،‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬البلاد‭ ‬الى‭ ‬حكم‭ ‬مدني‭ ‬عبر‭ ‬انتخابات‭ ‬حرة‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭.  ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬يكثف‭ ‬الناشطون‭ ‬السودانيون‭ ‬احتجاجاتهم،‭ ‬مطالبين‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بابعاد‭ ‬العسكريين‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬تماما‭.  ‬ورغم‭ ‬تعهد‭ ‬البرهان‭ ‬إجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬2023‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المحتجين‭ ‬فقدوا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬الثقة‭ ‬تماما‭ ‬بالعسكريين‭. ‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الأزمة،‭ ‬أعلنت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬السبت‭ ‬أنها‭ ‬ستطلق‭ ‬‮«‬مشاورات‭ ‬أولية‮»‬‭ ‬بين‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬بهدف‭ ‬حل‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬الانقلاب‭ ‬العسكري‭. ‬

وقالت‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬إن‭ ‬ممثلها‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬فولكر‭ ‬بيرثس‭ ‬‮«‬سيطلق‭ ‬رسميا‭ ‬المشاورات‭ ‬الأولية‭ ‬لعملية‭ ‬سياسية‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬السودانية‭ ‬تتولى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تيسيرها‭ ‬بهدف‭ (..) ‬التوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬السياسية‭ ‬الحالية‮»‬‭. ‬

ورد‭ ‬ائتلاف‭ ‬قوى‭ ‬الحرية‭ ‬والتغيير‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬التظاهرات‭ ‬التي‭ ‬ادت‭ ‬إلى‭ ‬اسقاط‭ ‬البشير،‭ ‬على‭ ‬إعلان‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مكررا‭ ‬موقفه‭ ‬‮«‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تراجع‭ ‬عنه،‭ ‬وهو‭ ‬مواصلة‭ ‬العمل‭ ‬الجماهيري‭ ‬السلمي‭ ‬لهزيمة‭ ‬انقلاب‭ ‬25‭ ‬أكتوبر‭ ‬وتأسيس‭ ‬سلطة‭ ‬مدنية‭ ‬كاملة‮»‬‭. ‬

وأكد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتلق‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬أي‭ ‬تفاصيل‭ ‬حول‭ ‬مبادرة‭ ‬البعثة‭ ‬الأممية‮»‬‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يغلق‭ ‬الباب‭ ‬تماما‭ ‬وتعهد‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬سيدرسها‭ ‬حال‭ ‬تلقيها‭ ‬بصورة‭ ‬رسمية‭ ‬ويعلن‭ ‬موقفه‭ ‬للرأي‭ ‬العام‮»‬‭. 

ولكن‭ ‬تجمع‭ ‬المهنيين‭ ‬السودانيين‭ ‬الذي‭ ‬لعب‭ ‬كذلك‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬الى‭ ‬اسقاط‭ ‬البشير،‭ ‬أعلن‭ ‬الأحد‭ ‬رفضه‭ ‬للمبادرة‭ ‬و»تمسكه‭ ‬الصميم‭ ‬باللاءات‭ ‬المعلنة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قوى‭ ‬الثورة‭ ‬الحية‭ ‬وهي‭ +‬لا‭ ‬تفاوض،‭ ‬لا‭ ‬شراكة،‭ ‬لا‭ ‬شرعية‭+‬‮»‬‭. ‬

واعتبر‭ ‬التجمع‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬هو‭ ‬إسقاط‭ ‬سلطة‭ ‬المجلس‭ ‬العسكري‭ ‬وانتزاع‭ ‬السلطة‭ ‬الشعبية‭ ‬المدنية‭ ‬الكاملة‮»‬‭. ‬

ويعقد‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬الأربعاء‭ ‬اجتماعا‭ ‬مغلقا‭ ‬غير‭ ‬رسمي‭ ‬للبحث‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬التطورات‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أعلنت‭ ‬مصادر‭ ‬دبلوماسية‭ ‬الجمعة‭. ‬

مشاركة