معاناة لا تنتهي

معاناة لا تنتهي

 توقع الشعب العراقي ان بعد التغيير عام 2003 ستكون هناك حياة سعيدة وكل الامور تكون ميسرة امام الفرد والخدمات عالية الدرجة وفرص العل ميسرة امام العاطلين والمتقاعدين سيعيشون في بحبوحة والموظفون ستكون رواتبهم مجزية والخدمات الصحية  مبذولة والكهرباء مستمرة 24ساعة دون انقطاع وغيرها من الاحلام الوردية ..الا ان العكس هو الذي حدث فقد ولـّدت  الحكومات المتعاقبة على الحكم في العراق بعد الاحتلال   تصورا عند المواطن مفاده ان العملية برمتها عبارة عن تجارة والحاكمين فيها تجار وانطلاقا من مبدأ الربح والخسارة فقد وصلنا الى المرحلة التي سيخسر فيه التجار رؤوس اموالهم ليكونوا بعد ذلك مواطنين عاديين كحالنا من الدرجة الثانية خاصة بعد أن وصلت النسبة  إلى ثمان وثلاثين بالمائة من عدد السكان وهذا يعني ان اكثر من ثلث العراقيين يعيشون كمساكين وفقراء أي لا يمتلكون سوى قوت يومهم وهذا فيه خطورة كبيرة على حقوق الانسان وعلى الواقع الديمقراطي ولعله يقود  نحو تساؤل مهم ..هل وعلى حين غرة اصبح العراقيون فقراء بعد الاحتلال الامريكي ؟.. فبطبيعة الحال انهم عانوا من تراكمات الماضي ومن سنين قد خلت عانوا فيها ما عانوا  فكيف يكون للعملية الديمقراطية التي ينادي بها الجميع ديناميكية واساسها شعب جائع تتحكم بارادته الاجور اليومية التي ينتظرها وكيف نبني حقوقا لانسان لا يجد ما يسد رمقه اذا لم يجد عملا في وطنه.. وكلما يقتراب موعد الانتخابات سواء مجالس المحافظات او العامة يبدأ البعض يراجع حساباته لايجاد سبيل للعودة الى ناخبيه بعد أن أحرق كل السفن عندما عبر الى شاطئ الامان وتسنم الكرسي الرسمي او التشريعي لذا مرت مرحل السابقة وحكومات وبرلمانات دون أن  يلمس المواطنون طعم (الديمقراطية) الدسمة التي اقتصرت (حصرا) على فئات واشخاص دون غيرهم من اقارب وأحباب المسؤول تحت مبدأ (الاقربون اولى بالمعروف) أما الابعدون !! فلايحق لهم ان يشاركوا في (الوليمة مع (الاقربين) ومع اقتراب الحاجة الى اصابع الفقراء ليغمس في حبرهم من جديد يحاول اولئك  ان يجمّلوا صورهم التي (أحترقت) كما في عرف المصورين فلا فائدة من مؤتمرات صحفية وحملات أعلانية هنا وهناك عن المنجزات التي لم تتجاوز تحقيقيها (الاوراق فقط)عند معظمهم  فكيف بالمواطنين ان يكرروا مرارة  التجربة نفسها فبدلا من ان (تزّرق) الاصابع من حبر المفوضية فقد قرر الفقراء ان يجعلوها (مزّرقة)من شدة قضم الاصابع لكي (لاتعّض) ندما من انتخابات الى أخرى لأنهم اكتشفوا اللعبة مبكرا فما يريده المواطن هو انجاز حقيقي وليس افتراضي يمكن ان يشهده في كثير من الحالات   فماذا اعد الشعب لهذه الفرصة لكي يصدر فتواه الشعبية ويصدر إحكامه لينزع عن يديه أثار القيد الثقيل الذي أذاقه المر والهوان فقد آن الأوان لتغيير من  تلاعبوا بمقدرات الشعب الوطنية وسرقوا خيراته ، وأشاعوا حالة فقدان الثقة بين الحكومة والشعب  فكان القتل والدمار حاضرا ، والفقر والحرمان حاكم ،والفساد أستباح العموم ولكن السياسي المخلص هو من يؤمن بان المنصب مسؤولية وانه تكليف وليس تشريفاً ولا يتعامل بالراهن وحده انما من تشرئب عيناه وفكره الى المستقبل وما يحمل من امكانات ومن معوقات ومن مصادفات..والسياسي الحكيم هو من يوقن بان الناس قد يقتاتون على الوعود والشعارات ردحاً من الزمن…. ولكن يأتي يوم لا يصدقون فيه وعداً، ولا ياخذون الكلمات بالاعتبار… فهم يصبرون لكنهم في النتيجة يحاسبون على النتائج الملموسة وليس على الوعود والسياسي لا ياخذه الغرور بالتصفيق والهتاف، وهو الذي لا يغتر بقوته العسكرية،ويعرف ما يمكن ان يتحقق من اهدافه وما هو مستحيل التحقيق..

عقيل المكصوصي

مشاركة