مصمم سعودي تدرب في أمريكا وترتدي النجمات أزياءه

باريس‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬صمّم‭ ‬محمد‭ ‬آشي‭ ‬ملابس‭ ‬مشاهير‭ ‬كبار‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬من الممثلة‭ ‬الهندية‭ ‬ديبيكا‭ ‬بادكون‭ ‬إلى‭ ‬المغنيات‭ ‬الأميركيات‭ ‬بيونسيه‭ ‬وكاردي‭ ‬بي‭ ‬وزندايا،‭ ‬لكنّ‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬زبائنه‭ ‬يعرفون‭ ‬أنّه‭ ‬أول‭ ‬مصمم‭ ‬أزياء‭ ‬سعودي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭.‬

وأفاد‭ ‬آشي‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬نادرة‭ ‬في‭ ‬الاستديو‭ ‬الخاص‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬باريس‭ “‬في‭ ‬تسعينات‭ (‬القرن‭ ‬الماضي‭) ‬كنت‭ ‬مصمم‭ ‬الازياء‭ ‬الوحيد‭ ‬السعودي‭. ‬لكّنني‭ ‬لم‭ ‬أقل‭ ‬يوماً‭ ‬أنني‭ ‬سعودي‭. ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الملابس‭ ‬في‭ ‬المقدمة‭ ‬وليس‭ ‬أنا‭”. ‬ويرجع‭ ‬الأمر‭ ‬جزئيا‭ ‬للخجل،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬آشي‭ ‬يفضل‭ ‬عدم‭ ‬التقاط‭ ‬صور‭ ‬شخصية‭ ‬له،‭ ‬ولكن‭ ‬الأمر‭ ‬يرجع‭ ‬أيضا‭ ‬لحقيقة‭ ‬أن‭ ‬ارتداء‭ ‬الملابس‭ ‬على‭ ‬الموضة‭ ‬الغربية‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المحظورات‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬بالنسبة‭ ‬للنساء،‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬حيث‭ ‬نشأ‭ ‬في‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬وصنع‭ ‬آشي‭ ‬مسيرته‭ ‬المهنية‭ ‬خارج‭ ‬المملكة‭ ‬الخليجية‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬مغلقة‭ ‬لعقود،‭ ‬إذ‭ ‬تدرب‭ ‬أولا‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وعمل‭ ‬لدى‭ “‬جيفنشي‭” ‬ومع‭ ‬مصمم‭ ‬الأزياء‭ ‬اللبناني‭ ‬إيلي‭ ‬صعب‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يحط‭ ‬الرحال‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭.‬

والآن‭ ‬مع‭ ‬حملة‭ ‬الانفتاح‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬السعودية،‭ ‬حاز‭ ‬آشي‭ ‬الترحيب‭ ‬والتقدير‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬كمستشار‭ ‬لهيئة‭ ‬الأزياء‭ ‬الحكومية‭ ‬الوليدة‭. ‬وقال‭ “‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر،‭ ‬دُعيت‭ ‬للتحدث‭ ‬علنا‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى،‭ ‬وجاءني‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭. ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬تقدير‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أتوقعه‭ ‬إطلاقاً‭”.‬

وأضاف‭ “‬أنهم‭ (‬السلطات‭ ‬السعودية‭) ‬يقدمون‭ ‬منحا‭ ‬دراسية‭ ‬للناس‭ ‬لشيء‭ ‬كان‭ ‬محظورًا‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬انشأ‭. ‬إنها‭ ‬لحظة‭ ‬مميزة‭”.‬

ويرى‭ ‬منتقدو‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬الحاكم‭ ‬الفعلي‭ ‬للسعودية‭ ‬أنّ‭ ‬تخفيف‭ ‬القيود‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بمثابة‭ ‬حملة‭ ‬علاقات‭ ‬عامة‭ ‬تستهدف‭ ‬غض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬المتواصلة‭.‬

لكن‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬أتاحتها‭ ‬للمبدعين‭ ‬الشباب،‭ ‬مثل‭ ‬ريم‭ ‬السبهان‭ ‬البالغة‭ ‬27‭ ‬عاما،‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬أزياء‭ ‬من‭ ‬تصميمها‭ ‬تزين‭ ‬الأحداث‭ ‬المحلية‭ ‬حاليا‭. ‬وقالت‭ ‬السبهان‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬في‭ ‬ورشة‭ ‬عمل‭ ‬بالرياض‭ “‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬دراستي‭ ‬ظللت‭ ‬أكرر‭ ‬جملة‭ ‬كنت‭ ‬أؤمن‭ ‬بها‭ ‬حقا،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬فاجأت‭ ‬الناس‭: ‬الرياض‭ ‬ستصبح‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬عواصم‭ ‬الموضة‭”. ‬وأضافت‭ “‬الآن‭ ‬بدأت‭ ‬بوادر‭ ‬هذا‭ ‬المستقبل‭ ‬تتضح‭”.‬

وتعني‭ ‬الأحداث‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تصورها‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬مثل‭ ‬الحفلات‭ ‬الموسيقية‭ ‬والمهرجانات‭ ‬ومهرجان‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬السينمائي‭ ‬الجديد،‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬باتت‭ ‬تفرش‭ ‬السجاد‭ ‬الأحمر‭ ‬لعرض‭ ‬تصاميم‭ ‬السبهان‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬قال‭ ‬بوراك‭ ‬شاكماك،‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأزياء‭ ‬السعودية،‭ ‬إن‭ ‬أسس‭ ‬قطاع‭ ‬الأزياء‭ ‬تم‭ ‬ارساؤها‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭.‬‮ ‬‭ ‬وأفاد‭ ‬شاكماك‭ ‬وهو‭ ‬مصمم‭ ‬أزياء‭ ‬تركي‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أنّ‭ “‬العديد‭ ‬من‭ ‬المبدعين‭ ‬المحليين‭ ‬بادروا‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس‭ ‬شركات‭ ‬أزياء‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬العشرين‭ ‬أو‭ ‬الثلاثين‭ ‬الماضية‭ ‬للسوق‭ ‬المحلية‭ ‬لكنهم‭ ‬لم‭ ‬يشعروا‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬سرد‭ ‬قصصهم‭ ‬للعالم‭ ‬الخارجي‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يجرؤوا‭ ‬على‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭”.‬

وتابع‭ “‬سمح‭ ‬ذلك‭ ‬للنظام‭ ‬بالبناء‭ ‬بطريقة‭ ‬محكمة‭ … ‬والآن‭ ‬يمكن‭ ‬للناس‭ ‬أن‭ ‬يروا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية،‭ ‬مرتبطة‭ ‬جدًا‭ ‬بثقافتهم‭ ‬ولكنها‭ ‬أيضًا‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭”.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬آشي،‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬‮ ‬السعودية‭ ‬مركزًا‭ ‬للأزياء،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬ثروتها‭ ‬النفطية‭ ‬تبقي‭ ‬العلامات‭ ‬الأوروبية‭ ‬قائمة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭.‬‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬السعودية‭ “‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬60‭ ‬أو‭ ‬70‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬الأزياء‭ ‬الفرنسية‭” ‬خاصة‭ ‬فساتين‭ ‬الزفاف‭. ‬وأوضح‭ “‬تعتمد‭ ‬معظم‭ ‬دور‭ ‬الأزياء‭ ‬الفرنسية‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬لكنهم‭ ‬لا‭ ‬يحبون‭ ‬التحدث‭ ‬عنه‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يُنظر‭ ‬إليهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬مجرد‭ ‬خياطين‭. ‬إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ +‬علامة‭ ‬تجارية‭+”.‬‮ ‬‭ ‬ويوميات‭ ‬آشي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬دوامة‭ ‬محمومة‭ ‬من‭ ‬تجهيزات‭ ‬العملاء‭ ‬والاستعدادات‭ ‬لأسبوع‭ ‬الأزياء‭ ‬الراقية‭ ‬المقبل‭.‬

تظهر‭ ‬ملابسه‭ ‬على‭ ‬السجاد‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬المناسبات‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬حفل‭ ‬توزيع‭ ‬جوائز‭ ‬الأوسكار‭ ‬إلى‭ ‬كان‭.‬

كان‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬لحظات‭ ‬نجاحه‭ ‬ارتداء‭ ‬بيونسيه‭ ‬ثوب‭ ‬فوشيا‭ ‬من‭ ‬تصميمه‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬تذكاري‭ ‬عن‭ ‬نيلسون‭ ‬مانديلا‭.‬

ورغم‭ ‬فخره‭ ‬بكونه‭ ‬نموذجًا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬للمصممين‭ ‬السعوديين‭ ‬الشباب،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يفضل‭ ‬رؤية‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ “‬مواطن‭ ‬عالمي‭”.‬

وتوقف‭ ‬لإظهار‭ ‬تفاصيل‭ ‬فستان‭ ‬من‭ ‬الدانتيل‭ ‬المتقن‭ ‬،‭ ‬قال‭: “‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬النقش‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬والنسيج‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬والتطريز‭ ‬في‭ ‬الهند،‭ ‬وتم‭ ‬تجميعه‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬باريس‭”.‬

وقال‭ “‬إنها‭ ‬رحلة‭ ‬لهذه‭ ‬الملابس‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتشكل،‭ ‬مثلي‭ ‬تماما‭”. ‬

مشاركة