بغداد – ا ف ب
خرج الفتى مقتدى من منزله في بغداد للاحتفال بفوز منتخب بلاده لكرة القدم في مباراة ضمن كاس العالم للشباب، الا انه عاد اليه مصابا بطلق ناري عشوائي في ظهره. واشتعلت بغداد رقصا وغناء حين فاز المنتخب العراقي لما دون 22 سنة قبل عشرة ايام على نظيره الكوري الجنوبي في ربع نهائي بطولة العالم التي اقيمت في تركيا.
وترافقت الاحتفالات العفوية في شوارع بغداد، مع اطلاق نار كثيف في الهواء من قبل افراد او مجموعات، او حتى عناصر امنية، احتفالا ببلوغ دور النصف نهائي للمرة الاولى.
وفي بلاد يسقط فيها قتلى كل يوم في هجمات بالسيارات المفخخة والعبوات والاحزمة الناسفة منذ 2003، اعلنت مصادر طبية لوكالة فرانس برس ان اربعة اشخاص على الاقل قتلوا واصيب 21 بجروح جراء الرصاص العشوائي الاحتفالي. واصبح الرصاص الاحتفالي بذلك خطرا اضافيا على العراقيين الذين قتل 2500 منهم في اخر ثلاثة اشهر بحسب ارقام الامم المتحدة، في معدلات شبيهة بتلك التي بلغتها ايام الحرب الطائفية بين 2006 و2008.
وفي منزل يقع في وسط بغداد، تمدد مقتدى البالغ من العمر 13 عاما في غرفته على سرير صغير، بطنه للاسفل، وظهره للاعلى، فيما غطت الموقع الذي اصابته الرصاصة قطعة كبيرة من الشاش الابيض.
اطلاقات طائشة
وقال مقتدى لفرانس برس بصوت منخفض “خرجت لاشارك في الاحتفالات بالالعاب النارية (…) لكنني اصبت في ظهري”.
وقال انه ظن في بادئ الامر ان الالعاب النارية اصابته، قبل ان يتبين حقيقة ما اصابه.
واوضح رحيم عم مقتدى “كنت جالسا في المنزل اتابع المباراة التي ربحها العراق، وكنا سعداء (…) ثم جاءني اتصال ابلغوني فيه بان ابن اخي اصيب برصاصة”.
وذكر رحيم ان مقتدى نقل الى مستشفى حكومي في بغداد، الا ان الاطباء رفضوا اجراء عملية له معتبرين ان اصابته خطرة، لذا نقل الى مستشفى حكومي اخر طلب بدوره نقله الى مستشفى خاص، حيث ازيلت الرصاصة من جسده.
وبلغت كلفة العملية مليونين و500 الف دينار (نحو 2800 دولار)، وهو مبلغ كبير بالنسبة الى العائلة، التي اضطرت الى اقتراض المال.
وقال رحيم ان ما حدث سببه المباراة، مضيفا “صفق، ارقص، احتفل، لكن لا تطلق الرصاص”.
وتابع تعليقا على المباريات المتبقية التي خسرها العراق اصلا امام الاورغواي وغانا “آمل ان يخسر العراق، هكذا افضل، اقسم بالله افضل”، لان الخسارة تعني عدم اطلاق النار في الهواء.
وذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن في تصريح لفرانس برس ان مطلقي النار في الهواء يواجهون خطر التعرض للاعتقال ولمصادرة اسلحتهم في العراق.
وراى انه “اذا اراد احدهم الاحتفال فعليه الاحتفال بطريقة راقية”، مشددا على انه “يمكن استخدام اي شيء، الا الاسلحة”.
ورغم ذلك، يبقى اطلاق النار العشوائي امرا شائعا في العراق، لاسيما في المناسبات السعيدة كالزفاف، والمناسبات الحزينة كالدفن.
وفي الليلة التي اصيب فيها مقتدى، قال شاهد عيان لفرانس برس انه راى عناصر من الشرطة الفدرالية وهم يطلقون النار من رشاشاتهم، قبل ان ياتي احد الضباط ويطلب منهم التوقف عن ذلك.
زوايا الموت
وعادة ما يطلق الناس النار في الهواء باتجاه زاوية معنية، ما يعني ان الرصاصة ستصطدم بهدف عشوائي وبسرعة كبيرة عاجلا ام اجلا، بحسب الخبير الامريكي في الاسلحة رونالد سكوت.
واوضح سكوت ان “الرصاص الذي يطلق في الهواء غالبا ما يشكل خطرا فعليا ويمكن ان يتسبب باصابة بالغة او بالموت لانه من النادر ان تعود رصاصة الى الارض ضمن مسار عمودي” يخفف من دفعها.
وقال مدحت ابراهيم وهو يجلس في مقهى في بغداد “لا نريد ان يستمر هذا الامر. من غير المعقول ان يصاب او يقتل شخص وهو يحتفل”.
وخلال المباراة التي جمعت العراق والاورغواي، وخسرها المنتخب العراقي بركلات الترجيح الاسبوع الماضي، وجه احد الواطنين رسالة على قناة محلية كانت تنقل المباراة قال فيها “اذا كنتم تحبون العراق فعلا، فلا تطلقوا النار في الهواء بعد المباراة”.