مشاكل جدية تواجه إدارة ترامب.. مقاومة على جبهة الطاقة- د. سناء عبدالقادر

د سناء عبدالقادر

واجهت‭ ‬إدارة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬مقاومة‭ ‬على‭ ‬جبهة‭ ‬الطاقة‭. ‬وفقا‭ ‬لصحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‭ ‬،‭ ‬رفضت‭ ‬شركات‭ ‬الصخر‭ ‬الزيتي‭ ‬الأمريكية‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬،‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬عجلة‭ ‬من‭ ‬أمرها‭ ‬للامتثال‭ ‬لمطالب‭ ‬واشنطن‭ ‬بخفض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭. ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تفشل‭ ‬محاولة‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬للتلاعب‭ ‬بالأسعار‭ ‬العالمية‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬اقتصادية‭ ‬وضغوط‭ ‬جيوسياسية‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬فحسب‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬تنقلب‭ ‬أيضا‭ ‬ضد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاج‭: ‬موقف‭ ‬صناعة‭ ‬الصخر‭ ‬الزيتي

على‭ ‬عكس‭ ‬دعوات‭ ‬ترامب‭ ‬لزيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬بشكل‭ ‬نشط‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬الأمريكية‭ ‬فوائد‭ ‬اقتصادية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجت‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬العام‭ ‬2020‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حالات‭ ‬إفلاس‭ ‬جماعية‭ ‬ولذلك‭ ‬تركز‭ ‬صناعة‭ ‬الصخر‭ ‬الزيتي‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬إلى‭ ‬المستثمرين‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬التوسع‭. ‬حتى‭ ‬إزالة‭ ‬القيود‭ ‬البيئية‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬دورة‭ ‬حفر‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬الفور‭. ‬على‭ ‬عكس‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة‭ ‬،‭ ‬عندما‭ ‬تمكنت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬تعويض‭ ‬العجز‭ ‬النفطي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬فعليا‭.‬

قال‭ ‬رئيس‭ ‬شركة‭ ‬Diamondback‭ ‬Energy‭ ‬Kaes‭ ‬van‭ ‘‬t Hof‭ ‬إن‭ ‬الأولويات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للصناعة‭ ‬قد‭ ‬تغيرت‭ ‬،‭ ‬والآن‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الشركات‭ ‬مهتمة‭ ‬بزيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬بأي‭ ‬ثمن‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬آمال‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬حادة‭ ‬في‭ ‬الإمدادات‭ ‬المحلية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الصحة‭.‬

المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تلعب‭ ‬وفقا‭ ‬لقواعد‭ ‬واشنطن

تواجه‭ ‬محاولات‭ ‬ترامب‭ ‬للتفاوض‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬نفطي‭ ‬إضافي‭ ‬مع‭ ‬الرياض‭ ‬عدم‭ ‬اهتمام‭ ‬المملكة،‭ ‬حيث‭ ‬يعتمد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السعودي‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬المرتفعة‭ ‬المستقرة،‭ ‬وتحتاج‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬سعر‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬90‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬لموازنة‭ ‬الميزانية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2025‭.‬

حاول‭ ‬ترامب‭  ‬في‭ ‬العام‭ ‬2019‭ ‬بالفعل‭ ‬استخدام‭ ‬الرياض‭ ‬كأداة‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬،‭ ‬مطالبا‭ ‬بزيادة‭ ‬الإمدادات‭ ‬قبل‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬إيران‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬خففت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬المعروض‭ ‬وانخفاض‭ ‬الأسعار‭. ‬أجبرت‭ ‬هذه‭ ‬السابقة‭ ‬السعوديين‭ ‬على‭ ‬التصرف‭ ‬بحذر‭ ‬أكبر‭.‬

الآن‭ ‬تنسق‭ ‬الرياض‭ ‬أعمالها‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬أوبك‭+ ‬ولا‭ ‬تنوي‭ ‬تكرار‭ ‬الأخطاء‭ ‬السابقة‭. ‬وفقا‭ ‬لصحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‭ ‬،‭ ‬نقل‭ ‬مسؤولون‭ ‬أمريكيون‭ ‬سابقون‭ ‬بالفعل‭ ‬تحذيرا‭ ‬إلى‭ ‬فريق‭ ‬ترامب‭ ‬بأن‭ ‬المملكة‭ ‬ليست‭ ‬مستعدة‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬مطالب‭ ‬واشنطن‭.‬

لماذا‭ ‬يعتبر‭ ‬النفط‭ ‬الرخيص‭ ‬تهديدا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة؟

ويدرس‭ ‬مستشارو‭ ‬ترامب‭ ‬خفض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬45‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬لإضعاف‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تأثير‭ ‬معاكس‭. ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬انخفض‭ ‬فيها‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2020‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬صناعة‭ ‬الصخر‭ ‬الزيتي‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬الانهيار‭ ‬،‭ ‬وتقدمت‭ ‬عشرات‭ ‬الشركات‭ ‬بطلب‭ ‬للإفلاس‭. ‬ولهذا‭ ‬ستعاني‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المشكلة‭ ‬ولكن‭ ‬احتياطياتها‭ ‬واستثماراتها‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬في‭ ‬تنويع‭ ‬اقتصادها‭ ‬تسمح‭ ‬لها‭ ‬بالصمود‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الصدمات‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬،‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مشاكل‭ ‬داخلية‭ ‬خطيرة‭ ‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬التضخم‭ ‬ونقص‭ ‬الطاقة‭. ‬ولن‭ ‬يتسبب‭ ‬انهيار‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬أضرار‭ ‬جسيمة‭ ‬لروسيا‭ ‬وإيران‭ ‬فحسب‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬سيؤدي‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬فوضى‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭.‬

هل‭ ‬يستطيع‭ ‬ترامب‭ ‬إحياء‭ ‬هيمنة‭ ‬النفط‭ ‬الأمريكية؟

تأمل‭ ‬إدارة‭  ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إزالة‭ ‬اللوائح‭ ‬البيئية‭ ‬وتحرير‭ ‬الصناعة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬يؤكد‭ ‬المحللون‭ ‬في‭ ‬Wood‭ ‬Mackenzie‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬الإزالة‭ ‬الكاملة‭ ‬للوائح‭ ‬لن‭ ‬تخلق‭ ‬طفرة‭ ‬جديدة‭ ‬للصخر‭ ‬الزيتي‭. ‬سيستغرق‭ ‬نمو‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحتمل‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬تبسيطه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبسيط‭ ‬بناء‭ ‬خطوط‭ ‬الأنابيب‭ ‬وجذب‭ ‬الاستثمار‭ ‬،‭ ‬سنوات‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬تعويض‭ ‬القيود‭ ‬الحالية‭.‬

كما‭ ‬تؤكد‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بإمكان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إملاء‭ ‬الشروط‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬حيث‭ ‬تواجه‭ ‬واشنطن‭ ‬واقعا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تسيطر‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬المحلي‭ ‬أو‭ ‬الأجنبي،‭ ‬ويعمل‭ ‬شركاؤها‭ ‬الاستراتيجيون‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬لمصالحهم‭ ‬الخاصة‭.‬

‮ ‬

مشاركة