مشاريع أم أوهام؟
سعد عباس
الكتلة الساكنة أو الأغلبية الصامتة لا تزال هي القطاع الأكبر في بلادنا، ليس بسبب إخفاق جميع الأحزاب والتيارات السياسية أكانت قومية أم يسارية أم إسلامية في استقطاب الجمهور، فحسب، بل لأنّ المسيسين والمتحزبين في أي مجتمع هم القطاع الأصغر.
ولا تعدّ مسألة أعداد المنضوين تنظيمياً للأحزاب ذات أهمية في الدول الديمقراطية، لكنها مشكلة كبيرة في بلادنا العربية بحكم وفاء أحزابنا لأمراض الماضي ونظرياته العقيمة، وفشلها في اجتراح مقاربات رصينة تتسّق مع الواقع وخريطته الاجتماعية والاقتصادية.
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، لا يزيد عدد المنضوين في صفوف الحزبين الرئيسين الجمهوري والديمقراطي بضعة آلاف، لكنّ كلاً منهما يتحصل على ملايين الأصوات الانتخابية من الأغلبية الصامتة التي تمنح أصواتها للطرف الذي ينجح في إقناعها بأفضلية برنامجه الانتخابي واستجابته لمطالب الناخبين.
بل إن محسوبين تنظيمياً على الجمهوريين قد يمنحون أصواتهم للديمقراطيين وبالعكس، من دون أن يوصموا بالردة والخيانة وسواهما من اتهامات نلوكها في بلادنا العربية ونقذف بها من قد يتجرّأ على حزبه بعد أن يكتشف خواءه وخطل برنامجه والافتراق الكبير بين الشعار والممارسة.
وإذا كان الجمهور قد اكتشف حقيقة هذا الافتراق لدى الأحزاب القومية التي حكمت كثيراً من بلادنا العربية قبل أن تنهار تباعاً، فإن الأمر ذاته يتكرر منذ سنوات في بلاد وشهور في أخرى مع أحزاب الإسلام السياسي التي فقدت كثيراً من رصيدها في العراق وتفقد كثيراً منه الآن في مصر. المفارقة أن الإسلاميين يتوهمون أو يحاولون إيهام الناس بأن الناقمين عليهم هم أعداء المشروع الإسلامي، مع أن المسألة ببساطة لا علاقة لها بهذا المشروع الذي لا وجود له أصلاً، إلا إذا صدّقنا ادعاءاتهم بإمكان اختزاله ببضع شعارات دينية تلعب بوجدان الجمهور المحاصر بتحريض طائفي وتهييج عرقيّ أو مناطقي.
أحزابنا ليست أحزاباً على وفق القواعد الرصينة لمفهوم الحزب، وأكذوبة امتلاك أي منها لمشروع تنفضح بمجرد وصولها الى السلطة والحكم.
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من قول فرجينيا وولف إذا لم تقل صدقا عن نفسك فلن تتمكن من قوله عن الآخرين ؟
جواب جريء
ــ قول فرانسيس بيكون كل الألوان تتشابه في الظلام .
AZP02
SAAB



















