مرايا و ظلال – ايمان العبيدي
ليس ثمة عقاب أقسى على المرء من أن يعيش في الجنة بمفرده ، هذا ما قاله سارتر و هذا مافرضه علينا نظامنا الوجودي أفراداً و جماعات ، أن نكون مع الاخرين مؤثرين ومتأثرين بهم ولأنــي عجبتُ من أولئك الذي يفضلون ، العيش في الجحيم ، على أن يكونوا مع الآخرين .
وما أن سألت حتى وجدت أن الجميع يملكون مبررات قد تكون منطقية فعندما تغيب الانسانية ، وينعدم الذوق ويموت الوجدان ويعتل الضمير يتصدر التافهين ، ويتسيد ذوي الأعاقة الفكرية وأصحاب الجهل المعرفي ، هذا الأمر لازمه أن تضع كل شخص تحت مجهر كبير وعدسات بصيرة لاتخطىء ، فإذا قلت الحقيقة خسرت الناس ، وإذا سكت خسرت نفسك حينها ستكون بين أمر من أمرين إما أن تأخذ دور المتفرج الصامت لهذا الانحدار (كالأبكم الذي لايكذب) او دور المتصدي .
وماضرك أن خسرت من لايفهمك إن الانسان الذي يحترم نفسه مؤكدا انه سيحترم الاخرين ، الجميع معارف مُحترمين والاصدقاء أصدقاء لا مُقربين فهذه المنزلة خطرة جداً ، تحتاج الى زمن طويل وتجارب مُضنية ، إن كل أنسان فينا يتحرك وفق ماتمليه عليه نفسه و فكره و كل قول او تصرف هو أدل دليل عليه ، إن في كلامنا أو سلوكنا وحتى إيقاعنا الأنساني خير مُعبر صادق عنا ، حتى لو اخضعها الآخر لحساباته الشخصية أو افكاره المُسبقة ، التي ربما تكون خاطئة نحن مرايا للاخرين وهذه المرايا متباينه فبعضها يُجملك وبعضها يُشوهك ، وبعضها يجعلك ترى نفسك بحقيقتها دون رتوش .
ولاصحاب العقول الكبيرة والارواح الراقية والضمائر الحية ، لهذا رفيقك ليس من رافقك .. بل من علمك من رأى داخلك لا خارجك من جمع شتاتك لا من يذري رمادك ، من يبنيك لا من يهدمك يرتقي بك لا من يكسرك أذكياء القلوب وحدهم من يحسنون الأختيار لهذا نحن مرايا صادقة وظلالاً لمن نُحب ، وكل ظل لايتشكل الامن ضوء ، (لكي تبلغ مطالع الضوء لابد لك من اجتياز السحاب)، كما قال الفيلسوف الفرنسي جوبير .
فلا تخشى أن تكون مرآةً صادقة وظلالاً لمن تُحب ، يعني ان النور يُحيط بكم فأي المرايا تستطيع أن تعكس هذه الصور .