مذكرات‭ ‬أوباما‭:‬قصتي‭ ‬مع‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬وقادة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط

الرئيس‭ ‬الامريكي‭ ‬السابق‭:‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬أذكى‭ ‬زعيم‭ ‬في‭ ‬الخليج

واشنطن‭-(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬يعرض‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬صورة‭ ‬قاتمة‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬مذكراته‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬إنه‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يخشى‭ ‬أن‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬مارسها‭ ‬خلال‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬دائما‭ ‬موضوعية‭.‬

في‭ ‬كتابه‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬أرض‭ ‬الميعاد‮»‬،‭ ‬يعيد‭ ‬أوباما‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الانتقادات‭ ‬التي‭ ‬وجهت‭ ‬إليه‭ ‬وعدته‭ ‬منافقًا‭ ‬لأنه‭ ‬أقنع‭ ‬رئيس‭ ‬مصر‭ ‬الراحل‭ ‬حسني‭ ‬مبارك‭ ‬بالتنحي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬احتجاجات‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬بينما‭ ‬تساهل‭ ‬مع‭ ‬البحرين،‭ ‬وهي‭ ‬قاعدة‭ ‬رئيسية‭ ‬للقوات‭ ‬الأميركية،‭ ‬وهي‭ ‬تقمع‭ ‬تظاهرات‭ ‬الاحتجاج‭ ‬لديها‭.‬

وكتب‭: ‬‮«‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لدي‭ ‬طريقة‭ ‬رائعة‭ ‬لشرح‭ ‬التناقض‭ ‬الواضح‭ ‬بخلاف‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬العالم‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوضى؛‭ ‬وأنه‭ ‬لدى‭ ‬ممارسة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬كان‭ ‬علي‭ ‬أن‭ ‬أواصل‭ ‬الموازنة‭ ‬بين‭ ‬المصالح‭ ‬المتنافسة‭. … ‬ولمجرد‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬أجندة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬لدينا‭ ‬على‭ ‬اعتبارات‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنني‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬ما‭ ‬بوسعي،‭ ‬عندما‭ ‬يمكنني‭ ‬ذلك،‭ ‬لتعزيز‭ ‬ما‭ ‬اعتبرته‭ ‬أعلى‭ ‬القيم‭ ‬الأميركية‮»‬‭.‬

ويتحدث‭ ‬كيف‭ ‬حذره‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبوظبي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬أوباما‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬أذكى‭ ‬زعيم‭ ‬في‭ ‬الخليج‮»‬‭.‬

‭ ‬مستبدون‭ ‬مسنُّون

بعد‭ ‬لقاء‭ ‬مبارك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬كتب‭ ‬أوباما‭ ‬أنه‭ ‬خرج‭ ‬‮«‬بانطباع‭ ‬سيصبح‭ ‬مألوفًا‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬تعاملي‭ ‬مع‭ ‬الحكام‭ ‬المستبدين‭ ‬المسنين‭: ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬عزلة‭ ‬في‭ ‬قصورهم،‭ ‬وكل‭ ‬تفاعل‭ ‬لهم‭ ‬يتم‭ ‬بوساطة‭ ‬موظفين‭ ‬جامدي‭ ‬المشاعر‭ ‬وخنوعين‭ ‬يحيطون‭ ‬بهم؛‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬مصالحهم‭ ‬الشخصية‭ ‬ومصالح‭ ‬شعوبهم‮»‬‭.‬

خلال‭ ‬الرحلة‭ ‬نفسها،‭ ‬تكونت‭ ‬لدى‭ ‬أوباما‭ ‬صورة‭ ‬قاتمة‭ ‬عن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وفصلها‭ ‬الصارم‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬وقوانينها‭ ‬الدينية،‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬القصر‭ ‬حاول‭ ‬منحه‭ ‬مجوهرات‭ ‬فاخرة‭.‬

وكتب‭ ‬أوباما‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬صُدم‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بالقمع‭ ‬والحزن‭ ‬الذي‭ ‬يولده‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬الفصل،‭ ‬وكأنني‭ ‬دخلت‭ ‬فجأة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬أُسكتت‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬الألوان‮»‬‭. ‬قال‭ ‬أوباما‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بالمخاطر‭ ‬عندما‭ ‬دفع‭ ‬مبارك‭ ‬علنًا‭ ‬للتنازل‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬لكنه‭ ‬اعتقد‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬شابًا‭ ‬مصريًا،‭ ‬‮«‬لربما‭ ‬كنتُ‭ ‬هناك‮»‬‭ ‬بين‭ ‬المتظاهرين‭.‬

وأضاف‭ ‬‮«‬قد‭ ‬لا‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬منع‭ ‬الصين‭ ‬أو‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬سحق‭ ‬معارضيهما‭. ‬لكن‭ ‬نظام‭ ‬مبارك‭ ‬تلقى‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬من‭ ‬دافعي‭ ‬الضرائب‭ ‬الأميركيين؛‭ ‬لقد‭ ‬زودناهم‭ ‬بالأسلحة‭ ‬وتبادلنا‭ ‬معهم‭ ‬المعلومات‭ ‬وساعدنا‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬ضباطهم‭ ‬العسكريين؛‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لي‭ ‬فان‭ ‬السماح‭ ‬لمتلقي‭ ‬تلك‭ ‬المساعدات،‭ ‬لشخص‭ ‬نسميه‭ ‬حليفًا،‭ ‬بارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬وحشية‭ ‬ضد‭ ‬المتظاهرين‭ ‬السلميين،‭ ‬أمام‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬خطًا‭ ‬لم‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬عبوره‮»‬‭.‬

نتانياهو‭ ‬الميكافيلي

جمعت‭ ‬أوباما‭ ‬علاقات‭ ‬متوترة‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتانياهو،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬توسطت‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬يتناوله‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬يغطي‭ ‬الأحداث‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2011‭. ‬يصور‭ ‬أوباما‭ ‬نتانياهو‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬سياسي‭ ‬بارع‭ ‬تواصل‭ ‬معه‭ ‬بعد‭ ‬انتخابه‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬لمجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأميركي‭.‬

‮«‬لكن‭ ‬رؤيته‭ ‬لنفسه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬المدافع‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬اليهودي‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬المحن‭ ‬سمحت‭ ‬له‭ ‬بتبرير‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬تقريبًا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يبقيه‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ – ‬كما‭ ‬أن‭ ‬معرفته‭ ‬بعالم‭ ‬السياسة‭ ‬والإعلام‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أعطته‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬يستطيع‭ ‬مقاومة‭ ‬أي‭ ‬ضغط‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمارسه‭ ‬عليه‭ ‬إدارة‭ ‬ديموقراطية‭ ‬مثل‭ ‬إدارتي‮»‬‭.‬

كان‭ ‬أوباما‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬صريحًا‭ ‬أيضًا‭ ‬حيال‭ ‬شعوره‭ ‬بالإحباط‭ ‬من‭ ‬اللوبي‭ ‬المؤيد‭ ‬لإسرائيل‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬العامة‭ ‬الأميركية‭ ‬الإسرائيلية‭ (‬إيْباك‭)‬،‭ ‬قائلاً‭ ‬إنها‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬اليمين‭ ‬تماشياً‭ ‬مع‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وتساءل‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أُخضع‭ ‬لتدقيق‭ ‬خاص‭ ‬باعتباره‭ ‬أميركيًا‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬إفريقي‭.‬

حصل‭ ‬أوباما‭ ‬على‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬أصوات‭ ‬اليهود‭ ‬الأميركيين‭ ‬‮«‬ولكن‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬إيْباك،‭ ‬ظللتُ‭ ‬موضع‭ ‬شك،‭ ‬ورجلا‭ ‬منقسم‭ ‬الولاءات‮»‬‭.‬

مشاركة