إيران تتعهد الرد على العقوبات الأوربية والبريطانية الجديدة
بروكسل- طهران – الزمان
قال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة الثلاثاء إنّه يعتزم التوجه إلى إيران الشهر المقبل لإجراء محادثات «تشتدّ الحاجة» إليها لحمل طهران على استئناف التعاون بشأن أنشطتها النووية. وقال رافايل غروسي للنواب الأوروبيين «قد أعود إلى طهران ... في شباط/فبراير، ربّما، لإجراء حوار سياسي تشتدّ الحاجة له أو لإعادة إطلاقه مع إيران». وتأتي هذه الرحلة في حين تتعثّر المفاوضات الجارية بوساطة الاتّحاد الأوروبي بهدف إحياء اتفاق 2015 الذي تمّ التوصّل إليه لمنع إيران من حيازة السلاح النووي مقابل رفع العقوبات الدولية. لكنّ الاتفاق المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في حالة احتضار منذ انسحاب الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب منه في عام 2018 وتراجع طهران تدريجياً عن التزامها بموجباته. وأشار غروسي إلى «الجمود الكبير، الكبير جدًا» في تلك المفاوضات، وقال إنّ تراجع إيران عن الاتفاق، بما في ذلك فصلها 27 كاميرا تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تراقب مواقعها النووية المعلنة، يعني أن الوكالة الدولية لم تعد تراقب بشكل فعّال برنامج طهران النووي. وأكّد أنّ الوكالة لم تعد قادرة على مراقبة ما يجري «منذ عام على الأقل»، معربًا عن أمله في «إحراز بعض التقدم» في استعادة التعاون الإيراني مع وكالته خلال زيارته.
وفي حديثه عن أنشطة إيران النووية الأخيرة، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى مستوى أعلى مما حدّدته خطة العمل الشاملة المشتركة، قال غروسي «هذا المسار ليس جيدًا بالتأكيد».
وقال إنّه بالإضافة إلى أنها لم تقدم للوكالة الدولية للطاقة الذرية معلومات طلبتها بشأن الآثار المشعّة التي عُثر عليها في مواقع لم يتمّ الإعلان عنها كمواقع نووية، فإنّ مخزون إيران المتزايد من اليورانيوم المخصّب يثير القلق.
وأضاف «لقد جمعوا ما يكفي من المواد النووية لصنع عدد من الأسلحة النووية – وليس سلاحًا واحدًا في هذه المرحلة»، مشيرًا إلى أن لدى الجمهورية الإسلامية اليوم 70 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 60 في المئة و1000 كيلوغرام بدرجة نقاء 20 في المئة.
ولصنع سلاح نووي ينبغي بلوغ درجة النقاء نحو 90%. وشدّد غروسي على أنّ حيازة الإيرانيين مخزوناً كبيراً من اليورانيوم المخصّب «لا تعني أن لديهم سلاحًا نوويًا»، فصنع قنبلة ذرية يتطلب التصميم والاختبار. وقال «أنا لا أقول إنّ ذلك مستحيل. ولا أقول إنّنا يجب أن نشعر بالرضا».
فيما تعهدت إيران الثلاثاء بالرد على حزمة جديدة من العقوبات فرضها عليها الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ وفاة مهسا أميني، في خطوة تأتي وسط توتر متصاعد بين طهران والأوروبيين. وفرضت بروكسل ولندن الثلاثاء حزمة جديدة من العقوبات بحق مسؤولين وكيانات في الجمهورية الإسلامية، على خلفية «انتهاكات لحقوق الإنسان» في إطار «قمع» الاحتجاجات التي اندلعت منذ 16 أيلول/سبتمبر بعد وفاة أميني إثر توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها قواعد اللباس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن «إجراء الاتحاد الأوروبي والنظام البريطاني يدل على عجزهما عن إدراك صحيح لواقع إيران وارتباكهما تجاه قوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
وشدد في بيان على أن طهران «تحتفظ بحقها في الرد المتبادل على مثل هذه السياسات الفاشلة وستعلن قريبا عن قائمة العقوبات الجديدة على منتهكي حقوق الانسان ومروّجي الإرهاب في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا».
وأدرج التكتل القاري الثلاثاء أسماء 37 شخصية وكيانا إيرانيين، بما يشمل قادة من الحرس الثوري ووحدات عسكرية تابعة له، على قائمته للعقوبات على خلفية ارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان.
من جهتها، فرضت بريطانيا عقوبات على خمسة أشخاص وكيانين، ليرتفع بذلك الى 50 عدد الأشخاص والكيانات الإيرانيين الذين أدرجتهم على قائمتها السوداء، بما يشمل تجميد أصول ومنع سفر.
وبالتزامن مع خطوة لندن وبروكسل، أعلنت واشنطن بدورها فرض حزمة جديدة من العقوبات، شملت 10 أفراد وكيان واحد إيرانيين تستهدف «الضالعين في قمع الاحتجاجات السلمية»، وفق ما أفادت الخارجية الأميركية.
وشملت القائمة نائب وزير الاستخبارات ناصر راشدي وعددا من القادة العسكريين في الحرس الثوري. ولم تتطرق الخارجية الإيرانية في بيانها الى الإجراءات الأميركية.
ورأى كنعاني أن «فرض العقوبات على نواب مجلس الشورى الإسلامي والمسؤولين القضائيين والعسكريين والثقافيين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قبل أوروبا وبريطانيا، يدل على عجزهم وإحباطهم وغضبهم من الهزيمة المخزية الأخيرة في زعزعة أمن إيران رغم كل المحاولات والتكاليف الباهظة».
وأضاف «إنهم يعرفون جيدا أن العقوبات لا تمسّ بإرادة الشعب الإيراني في التصدي للتدخلات والمؤامرات الأجنبية».
وأتت الخطوة الأوروبية والبريطانية الأخيرة في ظل توتر متنامٍ بين طهران والأوروبيين على خلفية قضايا عدة، أبرزها تعامل السلطات مع الاحتجاجات، واتهام الغرب لطهران بتوفير دعم عسكري لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.
وقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات. وأعلن القضاء الإيراني إصدار 18 حكما بالإعدام على خلفية اعتداءات مرتبطة بالاحتجاجات، تم تنفيذ أربعة منها.
وسبق لمسؤولين إيرانيين أن اتهموا «أعداء» الجمهورية الإسلامية، بالوقوف خلف الاحتجاجات التي يعتبرون جزءا كبيرا منها بمثابة «أعمال شغب».
وأعربت أطراف غربية عدة، تتقدمها واشنطن ولندن والاتحاد الأوروبي، عن دعمها لهذه التحركات، وهو ما تعتبره إيران «تدخلا» في شؤونها الداخلية.
وسبق للاتحاد الأوروبي أن فرض عقوبات شملت تجميد أصول وحظر إصدار تأشيرات، على أكثر من 60 مسؤولًا إيرانيًا وكيانًا على خلفية قمع التظاهرات. كما اتخذت لندن وبرلين إجراءات مشابهة.
من جهتها، ردّت إيران في السابق على إجراءات كهذه بإدراج أشخاص وكيانات على لائحتها للعقوبات، بما يشمل منعهم من زيارة الجمهورية الإسلامية وتجميد أي أصول قد يمتلكونها على أراضيها.
ففي كانون الأول/ديسمبر، أعلنت طهران فرض عقوبات على جهاز الاستخبارات الداخلي البريطاني «إم آي 5» ومسؤولين عسكريين بريطانيين وسياسيين ألمان ردا على «عقوبات غير قانونية» فرضها الأوروبيون عليها.
وفي تشرين الأول/أكتوبر، فرضت طهران عقوبات على أفراد وكيانات أميركية بينها وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه»، لتشجيعهم على «العنف والاضطرابات» في إيران، بعد فرض واشنطن عقوبات على طهران على خلفية الاحتجاجات التي تلت وفاة أميني.