
مختصر تاريخ العلم للكاتب ويليام بينوم – محمد الربيعي
لطالما كان الجنس البشري طالبا للمعرفة، ويحتاج إلى فهم الظواهر واسباب تصرف الأشياء بطريقة معينة، ومحاولة ربط الملاحظة بالتنبؤ. على سبيل المثال، منذ عصور ما قبل التاريخ، لاحظنا حركة النجوم في السماء وحاولنا فهم التغيرات الموسمية في موقع الشمس والقمر والنجوم. في حوالي 4000 قبل الميلاد، حاول سكان العراق القدماء فهم الكون من خلال اقتراح أن الأرض كانت هي مركز الكون، وأن الأجرام السماوية الأخرى تدور حولها. لطالما كان البشر مهتمين بطبيعة وأصول هذا الكون.
العلم شئ رائع ان يحدثنا عن الفضاء الذي لا تحده حدود ونتعرف من خلاله على اصغر وحدة حية موجودة داخل الجسم البشري. لقد تمحور تاريخ العلوم في كوكبنا بصورة دائمة على فهم العالم وكيفية تسخير قواه لصالح البشرية وكان ذلك هدف العلماء ابتداء من الفلاسفة اليونانيين القدماء مرورا بانشتاين وواتسون وانتهاء بعلماء وقتنا الحاضر من الرجال والنساء الذين باتوا يعملون بمساعدة الكومبيوتر الذي مكنهم من القيام بحسابات وتجارب مختبرية مدهشة وجعلهم يتوصلون احيانا الى اكتشافات هزت الكون تماما وجعلت الناس يفهمون العالم او انفسهم بطريقة جديدة تماما. يتتبع كتاب مختصر تاريخ العلم سيرة حياة عدد كبير من العلماء المعروفين والمغمورين المليئة بالقصص المدهشة اضافة الى انه يحتوي على الرسوم التوضيحية المبهجة ويمتاز بالاسلوب الدافئ الذي يشد القارئ اليه بسهولة، انه كتاب للصغار والكبار لا يقدر بثمن.
يذكر اندرو روبسون من مجلة العالم الجديد ما يلي: نجح مؤلف الكتاب في ان يشرح بشكل مختصر جميع الافكار والاكتشافات العلمية الاساسية تقريبا واستطاع في ذات الوقت من القيام بمناقشة حقول العلم الرئيسية… انا سعيد ان اعترف بانني تعلمت منه الكثير.
حضارات قديمة
انقل ادناه ما يرويه وليليام بينوم في كتابه عن البابليين: ما نعرفه عن شعب بابل (العراق حاليا) هو اكثر مما نعرفه عن الحضارات القديمة الاخرى، لسبب بسيط: لانهم كانوا يكتبون على الواح طينية. وقد نجت الالاف من هذه الالواح، التي كتبت منذ ستة الاف سنة تقريبا. لتروي لنا كيف كان البابليون ينظرون الى عالمهم. لقد كانوا منظمين للغاية، وكانوا يحتفظون بسجلات دقيقة عن موسم الحصاد ومخزوناتهم من الحبوب ومالية الدولة. امضى الكهنة الكثير من وقتهم في الاهتمام بالبيانات والارقام المتعلقة بالحياة في العصور القديمة.
مسافات مماثلة
كما انهم كانوا هم (العلماء) الاختصاصيون، حيث كانوا يقومون بمسح الارض، وقياس المسافات، ومراقبة السماء، وتطوير التقنيات اللازمة للحساب والعد. مازلنا نستخدم بعض ابتكاراتهم اليوم. فهم مثلنا، استخدموا علامات متماثلة لغرض العد، يحدث هذا عندما تصنع اربع علامات رأسية وتمرر فوقها واحدة قطريا لتشكل العدد خمسة، وربما تكون قد شاهدت هذه العلامات مرسومة على جدران زنانين السجن، لتشير الى عدد السنوات التي قضاها السجين في زنزانته. والاهم من ذلك، كان البابليون هم اصحاب فكرة ان ستين ثانية تكّون دقيقة وستين دقيقة تكّون ساعة، وان الدائرة تتكون من 360 درجة وسبعة ايام تكّون اسبوعا. ومن الطريف ان نكتشف انه لا يوجد سبب حقيقي يجعل الستين ثانية تصبح دقيقة، وان يتكون الاسبوع من سبعة ايام. فالارقام الاخرى يمنها عمل ذلك ايضا. ولكن تمّ اعتماد النظام البابلي دون البقية واستمر الحال الى يومنا هذا.
برع البابليون في (علم الفلك) اي مراقبة السماء. وخلال بضع سنوات تمكنوا من تحديد اشكال لتجمع النجوم والكواكب في السماء ليلا. كانوا يؤمنون ان الارض هي مركز الكون، وان هناك روابط سحرية قوية – تربطنا مع النجوم. وحيث ان الناس كانوا يعتقدون ان الارض هي مركز الكون، فلم يعتبروها كوكبا. قام البابليون بتقسيم السماء في الليل الى اثني عشر جزءا، واطلقوا على كل جزء اسما مرتبطا بمجموعة من النجوم او (الابراج). ومن خلال ما يشبه لعبة (توصيل النقاط) في السماء، بدأ البابليون يشاهدون صورا تشبه اشياء معينة او حيوانات في بعض الابراج، وكانت بعض هذه الصور تشبه الميزان او العقرب. ومثّلت هذه الاشكال اول مجموعة من الابراج الفلكية، التي شكلت فيما بعد اساسا لعلم التنجيم، الذي يعني بدراسة تأثير النجوم علينا. ارتبط علما التجيم والفلك ارتباطا وثيقا في بابل القديمة على مدى قرون عديدة. يعرف العديد من الناس اسم البرج الذي ولدوا فيه وبعض الاشخاص يواظبون على قراءة ابراجهم في الصحف والمجلات ليتعرفوا على طالعهم وماذا يخبئ المستقبل لهم. لكن يجب الاشارة الى ان علم التنجيم لا يعتبر جزءا من العلم الحديث.
اذا لم تستطيعوا قراءة هذا الكتاب فاعطوه لاولادكم وبناتكم ليقرأوه
{ ترجمة: احمد الزبيدي
الناشر: دار الكتب العلمية للطباعة والنشر والتوزيع



















