اضحك للدنيا
لؤي زهرة
أكادُ اعترف بأن صديقي ( ابو عباس ) رجل رومانسي لدرجة كبيرة فحين تسير معه لا يتوقف عن الكلام عن ام عباس وكثيرا ما ينشغل عني وهو يكلمها عبر هاتفهِ المحمول وينقل لها كل صغيرة وكبيرة وكل مشهد يراه في الشارع , وفي كل مكالمة اسمعهُ أجدهُ لا يستغني عن كلمات ( حبيبتي ، روحي ،عمري ، ام بيتي , سيدتي , فدوة العينج ) ، وكلمات اخرى ما سمعتها أذن ولا طرأت على ذهن ولم تدخل قاموس اللغة الرومانسية بعد ، فمثلا يستعمل كلمات دلع مثل ( حنتوشة . كنوشة . بسبس ، قطتي ، عصفورتي …) وتنتهي المكالمة دائما بكلمة ( تتدللين عمري ) ولا أنسى ( اروحلج فدوة حياتي ) واسمعه احيانا يخاطبها ( مجنونة , مخبلة , رعنة ) وتنطلق بعدها ضحكة فيها دلال وغنج وربما تقول له ( مجنونة بحبك عمري ) . لقد سئمتُ من حالة هيام صديقي ابو عباس مع زوجته فهو يذكرني بأيام مراهقتي عندما كنت أتكلم مع حبيبتي وأكثر ما يزعجني حين ندخل معاً الى الأسواق لنقتني حاجاتنا البيتية وتنتهي دائماً بأن يرن هاتفه بنغمةٍ حفظتها عن ظاهر القلب ( أم بيتي حياتي شنو هـل الرقة , شكد حلوة بأيديكِ اتجنن الحلقة , أنت الحب يا روحي فدوة العيونك , مو كل سنة لا كل لحظة مجنونك ) فينشغل عن دفع الحساب ويخرجُ هائماً على وجههِ ليغازلها وتغازله فأضطر لدفع الحساب بدلاً عنه . كثيراً ما تكررتْ مكالماتهِ الهاتفية في لحظة دفع الحساب حتى عندما نستقل سيارة اجرة ( تاكسي ) فهو يبقى يكلمها حتى نصل الى المكان الذي نريده فينزل من السيارة منشغلا عن كل ما حوله ويتركني الاقي مصيري المحتوم وانا ادفع الأجرة .
أم عباس تشعر بأنها ملكة زمانها تتربع على عرش قلبه .
سألت صديقي ابا عباس ليلة أمس هل مللت من ام عباس ذات يوم بمعنى اخر هل حاولت أن تلعب بـ ( ذيلك ) فأجابني بصراحة : ( نعم عندما كانت تهتم بأبني عباس وابنتي نورس اكثر مني , وكدت أتزوج عليها لولا أن شعرت بالذنب وعادت ادراجها تجر اذيال الخيبة والخسران . وعدتُ ادراجي ضارباً اوهامي عرض الجدار متمسكا بها , وها نحن نعيش كعصفورين معا . هل تعلم صديقي عندنا في بيتنا طيور حب نحاول أن نقلد حركاتها وسلوكها و ننظر اليها ونتمعنها وعرفنا أنه عندما تموت اﻷنثى سرعان ما يموت الذكر وهذا ما سيحدث لنا . يا صديقي الحب مثل كل اﻷشياء التي حولنا تحتاج الى أدامة ؛ وكلمات ومشاعر الحب هي بمثابة أجهزة أدامة له ) ( وهل تعلم صديقي أني أرى ام عباس كل يوم بمنظار جديد وكل يوم يمر تصبح أجمل بعيني عن اليوم الذي سبقه . وأنا أرى فيها كل نساء الكون )
هذا ما قاله صديقي ابو عباس ليلة أمس عندما كنا في المطعم معا بعد أن اقسم اشد الإيمان بأن يدفع الحساب لولا ان رن جرس هاتفه بنغمة ( ام بيتي حياتي ) فهامَ على وجه كمجنون ليلى وتركني امام محاسب المطعم افتش جيوبي والعن الساعة التي فيها اخترع الغرب الهاتف المحمول .




















