مجموعة أسئلة يومية للشاعر عبد الأمير العبادي
رفض ولافتات محتجّة
جبار النجدي
لا ريب إن نصوص (مجموعة أسئلة يومية في قاعات الرفض) للشاعر عبد الأمير العبادي هي من الشعر المحتج بامتياز وقائمة على ردود الأفعال التي لم يتم اكتشافها بعد غير إن الاحتجاج في هذه المجموعة لا يعتمد على المباشرة الصارخة بل يعتمد على فكرة أن (لاوجود لمعنى حقيقي في النص) بقصد التوسع غير المحدود بمديات التلقي التي لا تكون مطابقة لبعضها البعض فالأمر مرتبط بظرف واستجابة بعينها وهي في أحسن تقريب مثل الأرقام الرياضية المفتوحة باتجاه ابطال جدد منتجة أثرا تلو الآخر إذن فهي تسمح للمتلقي بالتصرف بصورة فردية ولا تبيح التوقع خارج أوانها بسبب صلتها بطبيعة شخصية المتلقي الذي قد يجد الرضا في المعنى الذي يناسبه لذلك فأن النصوص تصبح مثقلة بمعاني المتلقين لكنها ترتبط بعارض متبدل يتمثل بأن النصوص (لاتقطع مسافة ما من غير أن تمر بمراحلها) ما يعني إن النصوص تشاطر المتلقي بصفاته المتغيرة ووجودها هو وجود لحظوي هارب :
ما تبقى من منتديات الشعراء
حكايات رموز تعويذة نفاق
ما تبقى للمصفقين دوما
مسرح وشرطي وكرسي إعتقال
ما تبقى من ذاكرة المدينة أضواء بلون السواد
ما تبقى من فنون الرفض
جبن وإنهيار وتصفيق ودمار
هكذا تظهر العلاقة المتبادلة بين الرفض والاحتجاج متمتعة بخصائص إحالية لدرجة انها تجعل الاستجابة تبدو بانها منتمية إلى متلقي آخر وهي نوع من نقل ملكية النص الذي يدفع إلى الاغتراب فلا معنى من لعبة (قذف الكرة والتقاطها) وبذلك تعلن النصوص احتجاجاتها على الخيبة ذلك إن ضياع خط النهاية يعني ضياع جوائز السباق بمعنى إن الاستغلال في هذه الحالة يتجاوز الحدود التي يصنعها ليصبح من الجرائم المثيرة للاستنكار حين يكون الثمن أكثر مما تحتمله الذات البشرية ووجودها المؤول على الدوام وعلى هذا النحو فأن الشعر لدى( العبادي) هو وجه من وجوه الرفض والاحتجاج الذي يمر عبر لمحة عين خاطفة ولغة مختصرة منضبطة يشوبها في أحيان كثيرة الخيبة والقنوط حين يتقصى أبعد تبعاتها ذلك إن الترويع ومظاهر الاستغلال للناس والقهر مختبئ في اللحظات ولاسيما في مظاهرها الاستطرادية التي يراد منها تكرار تأكيدي على فداحتها:
أنا الساقي لجذر لم أجده نما
خلعت الف رحلة قلت صبرا اتى
حركتني خيوط الجمر تستفز تيهي
أطبل لا صوت يرن اني في مدن خرساء
أعزف لاصدى لهدير طرب
يرجع لي بقايا حزن
يسعى الشاعر الاحتجاجي إلى القبض على لحظة نادرة تكون موضعا للرفض الذي يرتقي بالأنسان في تواصله الإنساني الذي يفترض أن ليس للأطماع متسعا وهذا السلوك يماثل كنز القناعة الذي لاآخر له والذي يشعرك بالراحة والاطمئنان على العكس مما سيجري حينما يكون الأنسان بلا رحمة وضمير وأكثر قوة وبأسا أن كتابة نص ممتنع يجب أن يدبر بتدبير لايضعف مراميه ولايستكثر على نفسه العبارات الشعرية التي تناسب غرضها بأستمرار فهو لذلك اهلا ومقاما فالنص يعيش مستعدا ومحتجا في كل لحظة لتقويض جدران الظلام بطريقة لا يعرف لها نظير ومواجهة مشكلة من مشكلات الحياة قوامها الصراع المستمر الذي لا يستقر على قرار عبر الدلالات الشعرية عما هو ثقافي وفكري :
أنسج من الخيال خيالا
فرحلة القمع أفرزت للارض مقابر
صرنا نكتب بالورد دما
حين يسألني قطاع الطرق
دخلاء القرى
اخرج هوية
مجهولة الأنسان
ينهل الشاعر عبدالامير العبادي احتجاحاته من مستودع الذكريات وما يجري اللحظة شاعرا بقوة الأمل بجمل شعرية قد تهدأ روع الجميع تجاه مجهولية العيش والأدوات التي تهز مخاوف العالم أجمع محاولا الكشف عن المعنى الذي يماثل الوطن في كل أمكنة العالم ونقل المشهد الذي يضع الحياة في مواقف محتجة رافضة على الدوام