متى يأتـي المخـاض ؟

متى يأتـي المخـاض ؟

اليوم أصبح هذا الشعب رهينة لتصفية حسابات الاحزاب المتنفذة في الدولة ولا يعيرون أهمية لهذا الشعب وينظرون إليه بنظرة استعلائية رخيصة ويعتبرون أنفسهم المنقذون له من جور النظام السابق والجحيم الذي عانى منه هذا الشعب آنذاك، وأكثر استهزاءً به أنهم يتباكون عليه بدموع التماسيح وبين فترة وأخرى يذكرونه بالمقابر الجماعية التي راح ضحيتها آلاف الشهداء من خيرة أبناء هذا الشعب . والذين كانوا صامدين في بلدهم ولاقوا ما لاقوه من جور النظام المقبور أما هم (أي الأحزاب المتنفذة) فقد كانوا متنعمين بخيرات الدول التي كانت تؤويهم ويحملون جنسيتها إلى يومنا هذا مفتخرين ومعتزين بها.

لذا فالشعب يريد اليوم وهو على أبواب الانتخابات النيابية من هؤلاء أن يسقطوا جنسيتهم الثانية والذي لا يرغب منهم بذلك فعليه أن لا يرشح للانتخابات فمقياس الوطنية الحقة هو التمسك بالجنسية الوطنية فقط لا غيرها لأن الذي يمتلك جنسيتين يكون ولاؤه مشتتاً وليس بإمكانه أن يتسلم منصباً برلمانياً أو سيادياً يمس احتياجات المواطن .

وعلى الشعب العراقي بمختلف مكوناته أن لا يخطأ هذه المرة، فعليه أن يبتعد عن الطائفية والمناطقية والحزبية والعرقية أولاً، وثانياً أن يبتعد عن انتخاب ذوي الجنسية المزدوجة الذين لا همّ لهم سوى مصلحتهم ومصلحة أحزابهم وكتلهم التي تفوق على مصلحة الوطن والمواطن .

والمطلوب اليوم من هذا الشعب أن ينتخب من يحمل همومه وآلامه وجراحاته ليعمّر ما هدّمه اسلافه الذين جرّوا البلاد والعباد نحو التفرقة والدمار والخراب والحروب الداخلية، ومازالت نار الفتنة الطائفية التي أوقدوها تحرق الأخضر واليابس وستبقى نارها مشتعلة لا تنطفئ إلا بزوال من أوقدها من الانتهازيين والنفعيين وأصحاب المصالح الشخصية والحزبية . ومازالوا إلى اليوم منشغلين بتسقيط بعضهم وتصفية حساباتهم الشخصية والحزبية فيما بينهم الامر الذي أدى إلى ما نراه من فوضى سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية لها بداية وليس لها نهاية .

كل ذلك من أجل أن يبقوا متسلطين على رقاب هذا الشعب المسكين الذي لا حول له ولا قوة سوى رحمة الباري (عز وجل) .

وإذا أردنا أن نحصي حسنات الدورة النيابية التي ستنتهي ولايتها قريباً لا نجد أي أثر لتلك الحسنات سوى إقرارهم لقانون التقاعد الذي يخدمهم بالذات قبل غيرهم من باقي أبناء الشعب العراقي، ولكن الشعب كان لهم بالمرصاد وخرج بمظاهرات عارمة منددة بإقرار هذا القانون الذي يحمل في طياته امتيازات هؤلاء النواب (عديمي الفائدة) .

وكان السؤال المتداول بين المحتجين هو : ماذا قدم هؤلاء النواب للشعب طيلة أربع سنوات الماضية حتى يستحقوا هذه الامتيازات الفريدة من نوعها والتي ليس لها نظير في كل بلدان المعمورة .

وكان ردّ النواب وكتلهم على المظاهرات الشعبية هو: تأخير إقرار موازنة 2014 منذ ستة أشهر حيث كان من المفروض إقرار هذه الموازنة في الشهر العاشر من السنة المنتهية لتهيئتها للسنة الجديدة .

ونحن الآن قريبون من منتصف العام الجديد وما زالت الموازنة لم تُقَر، وقوت الشعب رهينة بين أيدي هؤلاء النفعيين . فمتى يأتي المخاض لنرى بأعيننا المولود المبارك وكل واحد منهم يرمي تهمة تعسّر ولادتها على الآخر وكأنّ هذا الشعب مغفل ولا يعلم بما يجري في كواليس وأروقة مجلس النواب .

 فما الذي يريده هؤلاء من هذا الشعب المبتلى بهم ؟ هل يريدونه أن يحزم حقائبه ويرحل عن هذا البلد ليبقوا هم وحدهم يتصارعون ويتقاتلون فيما بينهم كأنهم في حلبة ملاكمة .. !! ولكن أي دولة تستقبل هذا العدد الكبير من البشر ؟  وهل بالإمكان أن نستأجر أرضاً في اي كوكب من هذا الكون لكي نعيش فيه بأمان .. وفي أمان فقط !! لنتخلص من مرارة العيش المفجع وظلم الظالمين في هذا البلد .

وإن الله للظالمين لبالمرصاد …

عبد الأمير كاظم الجوراني

مشاركة