فاتح عبدالسلام
نجوم الرياضة وربّما نجوم الفن والتمثيل يعتزلون وهم في أوج صعودهم وإنجازاتهم ويحتفي الناس باعتزالهم لأنَّهم أقرب شهود على نجاحاتهم التي تضيء قمماً وصلوا إليها.
الاعتزال في أثناء الوصول إلى القمم هو درس كبير لمن يريد أن يتأمل فيه، وهناك مَنْ يطالب السياسيين بأن يفعلوا ذلك، ولكنَّ الرأي يختلف كثيراً في المنجز الرياضي والمنجز الفني عن المنجز السياسي للزعماء والسياسيين العرب إذا أريد لهم الاعتزال. ذلك إنَّ علينا أنْ نبحث لهم عن قمة افتراضية لنقنعهم أنّهم وصلوا إليها حتى ولو عن طريق الايهام. ذلك إنّ الزعامات ليست قرينة القمم دائماً.
في سوريا، لم يعد هناك إمكانية لتخيل قمة افتراضية يلجأ إليها الرئيس الذي أفقده قصف طائرات ميغ وراجمات الصواريخ والقنابل العنقودية المدن السورية أية شرعية تبرر استمراره بالسلطة وليس الظهور على قمة ما، لكي ينطلق منها إلى هدف الاعتزال السياسي بوصفه إنجازاً.
كان الاعتزال السياسي الدواء الذي سيخلص العراق من الاحتلال الأمريكي وهوامشه وحواشيه وأذبانه وقاذوراته التي لا تزال تحاصر كلّ شيء نقي في العراق، فيما لو فهم صدام حسين أنّ عليه استحقاق الاعتزال قبل سنتين او خمس سنوات من الاحتلال، وهو ليس الوحيد الذي لم يفهم الدرس، فقد سار خلفه مختارين القذافي ومبارك وبن علي وعلي عبد الله صالح مدة سنوات قبل أن يحصل الذي حصل.
هناك رغبة لكثير من الزعماء أن يموتوا وهم يحملون لقب رئيس. لكن ليس جميعهم تتوافر في أيديهم أمنية أو متعة الموت الطبيعي لينالوا لقب رئيس راحل وليس رئيساً قتيلاً ومخلوعاً وهارباً.. وسواها من الألقاب التي لم تعد تليق في هذه الأيام إلاّ بالزعامات العربية التي لم تفهم الدرس المكرر والمعاد.
رئيس التحرير -الطبعة الدولية