آثار الحرب تتجسّد في أعمال كاظم مرشد
مبدع يبصر الوجوه والأجساد على غير ما تراه العيون
واسط – حنين السلطاني
في قرية من قرى مدينة الصويرة في قضاة واسط ولد الفنان كاظم مرشد ذرب عام 1954متأثرا بالبيئة التي عاش فيها دخل معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1969 واكمل دراسة البكالوريوس في كلية الفنون الجميلة في بغداد 1978-1974 مما طور مهارته الفنية في الرسم تربى وترعرع في فترات الحروب والجبهات وبعدها اكمل دراسة الدكتوراه في كلية الفنون الجميلة في بغداد بين عامي 1995-1998 وبدأت أعماله تأخذ طابعاً بيئياً يكشف عن ولع الفنان بالبيئة الشعبية وبعطرها وأسرارها وذكرياتها وحكاياتها الساذجة القديمة ليضع أجمل لحظاتها في أبسط رموز مجردة تنمو داخل إطار عالم اللوحة الفنية ، كائنات مختزلة إلى أبسط معانيها بطريقته العفوية في الأداء بضربات لونية غامقة ، وكذلك ألوانه فهي غامضة تتسم بقوة التعبير والدلالة النفسية التي كان يرومها الفنان موحياً بخصائص فطرية تتجانس مع بعض من أعماله الفنية, اما أشكال رسومات المرشد ، فهي مؤلفة من الخيال والتي تعود في مرجعيتها إلى رموز دينية أو أسطورية أو مستمدة من حكايات قديمة يحورها الفنان ويحولها إلى خضوع للمخيلة بحيث تنقلنا إلى أجواء سحرية خيالية يريد بها الفنان تحفيز خيالنا المفقود من حياتنا ، ولزيادة الحساسية تجاه الجمالية في اللون والخط ، ولإعادة عالم فقدناه ، عالم من السحر والخيال.
احداث مروعة
ونجد في اكثر رسومه تمثيلاً لآثار الحربين التي عاشها الفنان اذ جسدت رسوماته الأحداث المروعة وما تضمنتها من مأسآة إنسانية أبدية وقد جسد لوحاته بحس تعبيري عالي كونها اتسمت بسمة التنوع والصدق فبدت رسوماته تنبض بالحياة فلا يمكن تكرارها بكونها وليدة ظروف ولا تتكرر أبداً، “فالتغيير والتنوع وفقاً لرأي الفنان يعدان شرطاً اساسياً للأبداع الفني وبدونه يفقد النتاج التشكيلي صفته الابداعية. لذا نجد أن أشكاله الآدمية بدت أكثر عمقاً وشمولية فضلاً عن أنها أتاحت الفرصة للمشاهد بأكتشاف أشكال جديدة وتفكيك أشكال أخرى فتأسس تأويلات وتفسيرات عديدة وأن سمة التغيير والتنوع نجدها قد تجسدت في اعماله حيث استخدم مفردات كثيرة للدلالة على التراث العراقي .
وقد حفلت التجربة الفنية لمرشد بالقلق والمعاناة وتفريغ هائل لما جرى لمحيط الحرب اذ صور الاجسام والاشكال على غير ماهي في الواقع وهذا ما اكده بقوله بأنه (صار يرى الوجوه والاجساد بل وكل شيء على غير ما تراه العيون البشرية في اللحظات الطبيعية, فإذا هي تكشف عن قلقها وخوفها ازاء ترقب الموت والدمار في كل لحظة, فسقط القناع البشري الذي يوازي الكثير من الجناية النفسية والعصبية)، فراح في سياق حداثة أوروبية تعبيرية مختزلة الى اشارات معبرة عن حالة الفنان الخاصة فهو يحرر داخله بالرسم الخالص أو النقي، هو اشارات لصراع دائم في أعماق الفنان. ويرى مرشد بأنه (ينبغي أن يتمتع الفنان التشكيلي بعدد من المواصفات العقلية، والوجدانية، والمهارية، أما العقلية فهي طلاقة التفكير ومرونته وأصالته، واما الوجدانية فهي تقدير الجمال ونبذ القبيح اينما وجد، وأما المهارة فأنه يجب أن يمتلك القدرة على التخطيط والتلوين والانشاء التصويري فضلاً عن مهارة التشكيل المجسم).. ونجد ايضا مضامين انسانية مختلفة تروي لنا قصصاً تعبيرية ذات شحنات نفسية معبرة عن حالة وطن جريح يظهر فيها احساسه العميق من قهر وغضب مكتوم في داخله جراء الواقع المرير الذي يعيشه المجتمع العراقي,و إن لوحات كاظم مرشد تكشف عن خبايا ذاته التي إما أن تكون محتوى انفعالي ، أو تكون أفكاره التي تُخلق في لحظة إلهامية لا شعورية تولد تلقائياً وبلا ذات الفنان الواعية وبذلك سوف لا تخضع إلى أيِّ من القواعد والشروط الفنية ، كما إن نتاجاته الفنية ذات قيمة جمالية عالية الحساسية ومرتبطة بالبيئة.لتصبح فيما بعد قوة فنية جديدة في حركة فن الرسم العراقي المعاصر.