ما شئت لا ما شاءت الأقدار – لؤي الشقاقي

ما شئت لا ما شاءت الأقدار – لؤي الشقاقي

 

قصص النفاق والتملق عديدة ومع الأسف اغلبها حدثت في عالمنا العربي لكونه يقدس الشخوص ويبدع في إضفاء الهالة والقدسية والعصمة ويلصق كل صفة لا تصح إلا للإله على الحاكم والمسؤول ولا يشترط هذا التملق والنفاق كون الشخص يستحق أو لا المهم انه يملك سلطة.

بلغ النفاق مبلغاً حتى أصبحت ثقافته رائجة وعتيقة جدًا في بلادنا، ومهما دارت الأيام فإن مفهوم الشاعر الذي يدخل على الخليفة فيمدحه ويخرج حاملاً زكيبة مال هو مفهوم متأصل فينا ويصعب الخلاص منه.

ابرز تلك القصص ما قاله ابن هانى الأندلسي في مدح الخليفة الفاطمي المعز لدين الله:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار ….    فاحكم فأنت الواحد القهار

وكأنما أنت النبي محمد ….         وكأنما أنصارك الأنصار

إن أي أمة يُقال فيها كلام كهذا هي أمة مقضي عليها بالفناء، فلا غرابة أن يقال إن هذا الشعر كان نذيرًا بفناء دولة العرب في الأندلس.

المواقف تتكرر في التراث بلا انقطاع فها هو ذا أبو تمام ينشد قصيدته السينية أمام الأمير أحمد بن المعتصم فيقول الشاعر في نفاق  مداج مؤسف واصفًا الأمير:

إقدام عمرو في سماحة حاتم …. في حلم أحنف في ذكاء إياس

هنا يتدخل رجل بلغت به سلطنة النفاق درجة أعلى، هذا الرجل هو أبو يوسف يعقوب الكندي قائلاً: الأمير فوق من ذكرت

يعنى كل هذا النفاق غير كاف فالأمير أعظم من هذا وهنا كان لابد من المزايدة فقد بدأ مولد النفاق وعلى الفور يستغل أبو تمام موهبته ليرتجل شعرًا لم يكن مكتوبًا:

لا تنكروا ضربي له من دونه … مثلا شرودا في الندى والبأس

فاللّه قد ضرب الأقل لنــــوره … مثـــــلا من المشكاة والنبراس

في العراق موسم النفاق مستمر ولم ينقطع منذ عهد صدام الى يومنا هذا ولكنه يبلغ ذروته مع قرب الانتخابات ويكون النفاق بحسب سلطة المسؤول وحجمه .

لن يستقيم الحال إلا أذا قلنا للمسؤول الأعور انه اعور في وجهه وللفاسد انه فاسد وللص انه لص وليس : ما شئت لا ما شاءت الأقدار …. فاحكم فأنت الواحد القهار

طالما استمر المنافقون والمطبلون يلصقون الصفات بالمسؤول فلن تقوم لنا قائمة ولن نرتقي ونتقدم، فمن ينافق المسؤول والحاكم هو اكثر سوءا منه لانه يزين له سوء افعاله.

اسطنبول

مشاركة