ما دستورية طعن السوداني بالموازنة – مجاشع التميمي
بعد أن أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن الفاسدين يتربصون لسرقة المال العام ويجب التصدي لهم حيث أشار إلى أن هنالك مجموعة من الفاسدين تنتظر الانقضاض على التخصيصات المالية كما فعلت مع الموازنات الانفجارية للدولة سابقا وهم من يتحدثون عن العفة ومكافحة الفساد لكنهم فاسدون، لذا توجه السوداني إلى المحكمة الإتحادية لأصدار أمر ولائي بالطعب ببعض مواد قانون الموازنة.
والبعض يسأل هل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على حق في الاعتراض على المواد التي صوت عليها البرلمان وصادقت عليها رئاسة الجمهورية؟ والجواب أن أي قانون بعد أن ينشر في جريدة الوقائع الرسمية يكون عرضة للطعن في أي مادة من مواده كما نصت عليها المادة 93 من الدستور العراقي، ورئيس مجلس الوزراء هو الذي طعن بهذه المواد الاثني عشر من الموازنة وهو المدعي، أما المدعى عليه فهو السيد رئيس مجلس النواب إضافة إلى وظيفته وبالتأكيد هذه المواد التي طعن بها في اللائحة التي قدمت للمحكمة الاتحادية استندت على قرارات سابقة للمحكمة نفسها ومنها القرار 17 لسنة 2017 الذي نقض بعض المواد من الموازنة في حينها لأنها رفعت من السقوف المادية التي ترهق كاهل الحكومة وأيضا استندت اللائحة إلى مبدأ الفصل ما بين السلطات في المادة 47 من الدستور العراقي والمعيار الذي الذي يمكن أعتماده في هذه النوع من الدعوى هي المادة 62 من الدستور الصريحة التي أجازت للبرلمان المناقلة بين الأبواب أو تخفيض النفقات أو تقديم المقترحات للحكومة بزيادة النفقات لكن لم تسمح هذه المادة لمجلس النواب بأن يزيد في النفقات بقانون الموازنة.
طبعاً رافق هذه الدعوى طلب أمر ولائي بإيقاف العمل بهذه المواد وهذا أمر ممكن ومتاح وفق المادة 39 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية رقم واحد لعام 2022 وهذا يعني إذا وافقت المحكمة على الأمر الولائي سيتم إيقاف العمل بهذه المواد الاثني عشر إلى حين حسم الدعوى بمعنى تبقى معلقة لحين حسم
وبالتأكيد اذا حسمت الدعوى لصالح السيد السوداني فأن ذلك سوف لن يعيد التصويت على هذه المواد لأن القوانين عندما تشرع تنتهي وفق قاعدة القانون لا يلغى ولا يعدل إلا بقانون، لكن قرارات المحكمة الاتحادية وفق المادة 94 من الدستور هي باتٌ وملزمة للسلطات كافة وتكون بالصيغة التي تأتي بها، أما بالتعديل بمعنى تعدلها أو ألغاؤها أو تشذبها حسب ما تراه المحكمة الاتحادية في قرارها، وتكون قرارها باته وملزم لسلطات كافة.
وبالعودة إلى مثل هكذا مواقف فقد حصل في قرارات سابقة ألغاء مواد وتم تعديل مواد لان هناك صلاحيات واسعة للمحكمة الاتحادية بشأن النظر في المواد المطعون فيها، خصوصا إن هذه المواد هي تتعلق بجنبات مالية تخالف السياسة العامة.
وبحسب الدعوى المقدمة للحصول على الأمر الولائي الذي قدم من قبل رئيس مجلس الوزراء فأن المحكمة أمامها خياران لا ثالث لهما وهو أما توافق عليه المحكمة أو ترفضه، فإذا وافقت المحكمة الاتحادية على الأمر الولائي بإيقاف العمل بهذه المواد المطعوم بها تكون معلقة لحين صدور قرار نهائي بهذه الدعوى من خلال الإتيان بالموافقة على إلغاءها ، أو إن المحكمة ترد الدعوى بالأساس وبالنتيجة تبقى هذه المواد سارية؛ وهذه المواد لا علاقة لها بالمواد الأخرى لأنه قانون الموازنة نافذ من تاريخ التصويت عليه في مجلس النواب وعندما صوت وفق المادة 78 من قانون الموازنة حيث أصبح نافذا من تاريخ التصويت عليه فالتصويت شيء والنفاذ شيء والطعن شيء آخر؛ الطعن يكون بعد النشر في جريدة الوقائع، كما تنص المادة 19 من نظام المحكمة الاتحادية الداخلي، والجهات التي يحق لها الطعن هي محددة أيضا وفق المادة 22 من هذا النظام نفسه.
وهنا يجب التوضيح إنه في النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية تقوم المحكمة بتبليغ المدعي عليه وتنظر بحسب النظام الداخلي أن تبت بها المحكمة الاتحادية في الدعوى خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها ومن تاريخ التبليغ، وإذا اقتضت الضرورة غير ذلك يعني بمعنى مرافعة أوتمديد فالمدة هي ثلاثون يوما، والمحكمة تنتظر إجابة رئيس مجلس النواب بكونه المدعي عليه، حتى تشرع في نظر الدعوى ومدة النظر هي ثلاثون يوم تبت فيه.