ما بعد العاگوب (عاگول) – كامل كريم الدليمي

 

ما بعد العاگوب (عاگول) – كامل كريم الدليمي

الموصل المدينة الجميلة التي تتزين بعدة ألقاب فتعرف أحيانا” بـ (أم الربيعين) لأعتدال الطقس فيها في فصلي الربيع والخريف ، و أحيانا” تسمى بـ (الحدباء) لأحتداب دجلة لدى مروره بها أو لأحتداب منارة جامع  النوري العريق .

هذه المدينة المتجددة لما تمتلكهُ من ميزات جعلتها محط اهتمام الكثير على المستوى المحلي والدولي فمنهم الطامع ومنهم الطامح ، وبينهم الفاسد أو من يريد التمدد والتموضع ،  وبعيداً عن التفصيل فأن  -الموصل-  قد تعرضت الى نكبات كبيرة في تاريخها القديم والمعاصر لكن اسوأها  (نكبة العبارة النهرية)  التي راح ضحيتها نحو 180  شخصاً بين شهيد ومفقود ، وبالتأكيد اصابع الاتهام وجهت الى رأس الحكومة المحلية (المحافظ) الذي لم يكن بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه ولم يتصرف كرجل دولة ، ولا اريد ان احملهُ كامل المسؤولية لان المحافظة عبارة عن مقاطعات فيها اجزاء لاتخضع لسلطة المحافظ وبالتالي الرجل لايستطيع البوح بكل الكلام خوفاً على حياته ، والمبكي المضحك ان الكل سعى لنصب مجالس العزاء ، والكل يجتمع في الليل ليبحث عن بديل ، بل والأكثرية تعتقد نفسها انها مبعوثة الأله لأنقاذ اهل الموصل من الدمار وقد منحـــهُم  الله ما لم يمنحهُ  لغــــــيرهم لذا كتــــــب الله لأحدهم ان لم يُنـــــصب  وزيراً فمحافظاً وذلك اضعف الإيمان !!!

من المفترض في جلسة مـــجلس النـــــواب ليـــــــــوم الاحد المـــــــصادف2019/3/24  ان تـم أقـالة محافـظ نـــــــينوى (نوفل العاگوب ) على خلفية فاجعة غرق العبارة النهرية ، واتمنى ان لايكون خلفهُ (عاگول ) وهو نبات بري ميزته انه مؤذي من جميع الجوانب حيث يحتوي على رؤوس مدببة تؤذي كل من يقترب منها ، فبعد التجربة المأساوية لأهلنا في الموصل وبعد الجهد الكبير الذي بُذل من اجل احقاق الحق وانصاف المتـــــــضررين من عوائل الشهداء والمفقودين كان لابد من البحث عن رجل شجاع يتــــــــحلى بالصبر والروية ، قادر على اعادة التـــــــوازن في المحافظة والســـــيطرة التدريجية على مفاصلها ، والأهم من كل ذلك  أن يحظى بمحبة واحترام اهل نــــــينوى ، فمدينة الموصل مدينة ولودة بالرجال المتمــــــــيزين ممن يفوقون حتى ما نكتب من اوصاف نعتقدها مناسبة لرجل المسؤولية في وقتنا الحاضر .

والسؤال المحير ؛ لم تندمل الجراح ولم تسكن عبرات الثكالى والأيتام لحد الان فلماذا بدأت الاجتماعات واللقاءات المشبوهة والتي تبحث عن منصب وجاه واتفاقات لا ترتقي ولا تأبه لحجم الكارثة التي اطاحت بالمحافظ العاگوب وادمت قلوب كل العراقيين ، من لايشعر ان المنصب تكليف وليس تشريفاً فلا يستحق المنصب، ومن لايعلم ان طالب الولاية لا يولى لايفقه في ادارة الحكم شيئاً ، فالمدينة المنكوبة تبحث عن فارس نبيل ينكر ذاته (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) صدق الله العظيم .. بل و يحمل أسمى صور مكارم الأخلاق وأشرفها ، ويضع حياته قُرباناً لمدينة الصمود والتحدي ، لا أن يأتي من أجل المال ولا يحتاج السلطة ولايفكر بالجاه بل جُلّ مايفكر به كرامة اهل الموصل وعزتهم وأمنهم واستقرارهم وابعادهم عن دائرة الصراعات السياسية والعمل على اعادة الهيبة للموصل بعدما انكسرت على يد الارهاب والفساد .

تحية لأهلي في الموصل الحدباء .. اليوم يومكم يامدينة العلم والتأريخ ، اليوم يومكم يا حماة الدار ورجال المواقف الصعبة ، لقد جاء دوركم لتختاروا من بينكم رجلاً تحبونهُ ويحبـكم ليدير مصالح محافظتكم بعيداً عن تآمر المتأمرين والطامحين الطامعين بالسلطة .. اعيدوا مجدكم وتاريخكم واحسنوا أختياركم.

والله ولي التوفيق

مشاركة