ما بعد الصين وماو تسونغ – نعيم عبد مهلهل
في المأثور المتوارث هناك مثل شعبي يقول ، ما بعد عبادان قرية ، ويعني ان الناس على فطرحتها وانكماشها في بواطن الامكنة يعتقدون ان عبادان هي الطرف القصي من الارض ، بالرغم من أن السندباد وماركو بولو وكريستوفر كولمبس وابن بطوطة اثبتوا للعالم ان هناك الصين وجزر الواق واق وامريكا ودلهي .
كانت الصين بعيدة لكن العرب كانوا يعرفونها ، وتعالموا معها في تجارة الحرير ويقال ان سفن اهل مسقط واليمن والبصرة قد وصلت اليها . قبل ان تصل اليها سفن تجارة الافيون الاوربي والتوابل وحجر المغناطيس.
وفي القرن العشرين عرفنا الصين جيدا ، واثبت لنا انها ابعد من عبادان لكنها تستطيع الوصول الينا وخصوصا بعد ثورة ماو الشيوعية ، وعرف العراقيون ان ماو الذي كان يرسل لنا سفراءه وشيئا من تجاره ومجلاته المطبوعة بالعربية اراد ان يقترب منا ،فأنش مجمعا للغات الشرقية ومنها العربية في بكين وتم دعوة اساتذة عراقيين للتدريس . وفي كل حكومة من عهد قاسم والى اليوم كانت وفودنا تذهب وتجيء اليهم .
اليوم الصين تغيرت بعد أن قرأت تجربها بهاجس اخرى بعد ان كان طموح ماوتسونغ ان يزرع حقل بطاطا وينسج أثوابا لراقصي فرقة الباليه في بكين .الآن اسلافة القريبين يزرعون كل شيء ويصنعون كل شيء . صاروا قلقا يوميا يؤرق امبراطورية امريكا الاقتصادية ، فكل شيء مكتوب عليه مصنوع في الصين حتى شراشف النوم وارقام السيارات وسجادة صلاة المسلمين .
الصين مؤثر جديد في الحياة العولمية والعالمية .خططت وتنبأت واصرت على ان تكون وابقت على النظام الشيوعي الصارم والذي كان يختلف عن التوجه السوفيتي ، ابقت عليه كواجهة وديكور واجتماعات دورية الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني اما سلوكها الحضاري في العمران والصناعة والمجتمع فقط تحول 360 درجة عن ايام ماو ، انها اليوم دولة عملاقة كل شيء فيها يدار بالأزرار ويضاء بالنيونات وتفكر ان تبني لها ميناء في كل بلد لتوصل اليه بضاعتها .
الصين ذكية في اتفاقياتها وتغري الحكومات بالابتسامات والاحلام الوردية . صادقة كانت ام كاذبة .هذا لا يهمها المهم انها تصل اليك وتتمنى ان تعلمك حتى طبخات جديدة للدولمة العراقية .
اليوم ..ما بعد عبدان ، هي الصين طبعا.