ما الذي قدمه العام الماضي على الصعيد الإبداعي؟

ما الذي قدمه العام الماضي على الصعيد الإبداعي؟

عراقيون يتوزعون بين التشاؤم والتفاؤل

ناقد يعد الوفيات من أبرز الأحداث الثقافية

بغداد – الزمان

يختلف الادباء والكتاب في التعامل الثقافي مع عام 2013 فهناك من اختصر هذا العام في كتاب معين او ظاهرة معينةاو نشاط معين وهناك من يطمع الى ان يكون هذا العام نموذجا للاعوام الاحقة وان يعمم النشاط الحاصل فيه على هذه الاعوام , ونبدأ بالناقد باسم عبد الحميد حمودي لنوجه اليه هذا السؤال الموجه للاخرين : ما الذي لفت اهتمامك من الواقع الثقافي لعام 2013 ؟

يجيب  مركز العمل الاحداث المحزنة والمفرحة ان المهم في هذا العام يتمثل بما يلي :

عراقيا : وفاة القاص والروائي عبد الستار ناصر وزيارة الروائي عبد الرحمن الربيعي لوطنه العراقي بعد ربع قرن من الغربة وحصول الناقد العراقي الدكتور عبدلله ابراهيم على جائزة الشيخ زايد عن كتابه (التخييل التاريخي السرد والامبرطورية والتجربة الاستعمارية في نيسان الماضي وانطلاق القناة العراقية الوثائقية وبالنسبة للاحداث الثقافية تعازي احد وفاة احمد فؤاد نجم ,واغنية (قصة شتا) لدنيا سمير غانم ووفاة زينة الحنفي , ويترك الناقد باسم عبد الحميد حمودي الساحة الثقافية العالمية دون استذكار المتوفين في هذا العام اذ يذكر ان اهم الاحداث الثقافية لعام 2013 تتمثل بما يلي :

1- وفاة بيتراوتول ولورنس العرب.

2- وفاة مانديلا .

3- وفاة الممثل بول ووكر بطل فاست اند فيورس.

4- عثمان سو بوسقه اول اسود يدخل الاكاديمية  الفرنسية للفنون الجميلة وهو نحات سنغالي شهير .

وعلى عكس الناقد باسم عبد الحميد حمودي فان الناقد الاكاديمي الدكتور سعد مطر عبود لايلتفت لغير العراق ولغير حدود عام 2013 قائلا : افضل نشاط ثقافي لعام 2013 هو بغداد عاصمة للثقافة العربية لما تضمنه من نشاطات وفعاليات متعددة وفضلا عن قيام وزارة الثقافة بطبع نتاجات كثير من المثقفين العراقيين في مختلف المجالات .

ويقول الروائي  والقاص صادق جواد الجمل : كان عام 2013 حافلا بالاحداث السياسية والثقافية ومن اهمها المتغيرات التي حدثت على الصعيد العربي , والاقليمي , والتفاهمات السياسية العراقية واحتواء الخلافات بصورة ديمقراطية وكان الى الصعيد الثقافي لاتحاد الادباء دور متميز في عقد واستمرار الفعاليات ويسعدني ان تحظى روايتي (نيريفانا) الصادرة هذا العام بعدد من الفعاليات النقدية.

امتداد خائب

للروائي والقاص سعد سعيد وجهة نظر تشاؤمية تجاه الواقع الثقافي لعام 2013 اذ يقول بتصوري كان عام 2013 امتدادا لخيبات العراقيين وشعورهم بالاحباط الذي يكاد ان يقربهم من اليأس الكامل اذ بدت كل الاحداث السياسية وكأنها تأكيد لكل ماشعروا به من تهافت العملية السياسية التي كان من المفترض ان تأخذهم الى المستقبل بدلا عن سحبهم الى درك كان يجب عليها ان تجنبهم اياه ,

ان على الصعيد الشخصي فقد كان هذا العام حافلا بكل ماترك اثرا سيئا في نفسي رغم انه لم  يخل من احداث سعيدة لايمكنني ان انكرها ,, علي العموم كان مجديا في الكتابة ولكنه عامرا بقراءات متعددة لايمكن ان وردها جميعا هنا فقد قرأت خلاله كتبا في مختلف المجالات  تراوحت قيمتها مابين الجيد والسيء ولكنها تبقى تجارب غنية بالنسبة لي لان نقل القراءة يبقى فعلا يضيف الى الانسان ولاينقص وللشاعر كاظم عبدلله العبودي حديث كثير التفاصيل عن ثقافة عام 2013 وما تحدث عنه :

ككل عام ينطوي من عمر الانسان سريعا رغم تباطؤ خطواته وربما نقلها على كواهل الكثيرين : مثقفون كانوا ام مبدعون ام لا هذا ولا ذاك من الناس في وطننا الذي يسميه بعضنا جريحا , تمضي ايامه وهي في الحقيقة ايامنا المنصرمة من عمر يمضيه قسم من مثقفي الوطن في الداخل او الخارج – والوطن يسكن ضمير الداخل والخارج من ابنائه – بما تحوي هذه الايام وبما يضمر ذلك الانسان الذي تخصص منه المثقف اوالمبدع في مانقوله الان  , والذي او التي يغلب عليهما طابع الاسى وكأنه قدر العراق والعراقيين المحتوم بلا فكاك من قيوده ! كما يعرف الجميع ان اهم احداث العام المقبل على انقضاء كان اختيار (بغداد الحبيبة) عاصمة للثقافة العربية , في رايي انها تستحق الاختيار كعاصمة دائمة للثقافة بأمتياز , واي جريح يكتب ابداعه بدمه ؟ واي مبتلي يخط تاريخ ابتلائه بدمعه ؟ ولست مبالغا .. فالجميع يعيش ماتعيشه بغداد يوميا , ولاداعي لذكر المفخخات والعبوات والكواتم والامطار والـ … الخ .

مع كل هذا بغداد تكتب وتقرا والمتنبي (الشاعر والشارع) يشهد يوميا ويوم (الجمعة) ايضا شاهد .

قرأت مما سطرته بغداد اكثر من كتاب متخصص في النقد الادبي للناقد الكبير الاستاذ (فاضل ثامر) .. فضلا عن دواوين او مجاميع شعرية لشعرائنا الشباب والشيوخ من المحدثين :- عمر السراي , سامي الياسري , سبتي الهيتي واخرين ومن القدامى :- الاخطل واعادة اخرى لديوان رب  القوافي (المتنبي) واعادات للقامات الشامخة : الجواهري , عبد الزراق عبد الواحد , بدر شاكر السياب واخرون ايضا .

الامل الكبير عودة بغداد الى موقعها المشرق : امانا وسلاما والمتدفق : ابداعا وحبا امل اخر : المزيد من الاهتمام بالابداع والمبدعين .. والمزيد من الابداع من قبل الابداع  .. ولنزرع ورودا في حقول الوطن وللنثر ازهار الحب لا لبعض ونسير في دروب التسامح والخير بديلا عن هذا العنف المستشري في قلوب بعضنا ولنتخلى عن الحقد الطاغي على تصرفات وسلوكيات قسم منا , لننشر اونساهم في نشر ثقافة الثقافة فليس للعنف ثقافة والى عام جديد نحب فيه الناس جميعا حراك مستقبل ويقول الدكتور نجاح هادي كبه ان الثقافة في مجتمعنا تعني تلك العدة التي يمتلكها او يتصف بها الإنسان المثقف التي تتماثل مع التقدم الثقافي السليم في العالم ، فقد انفتح المجتمع العراقي اليوم على كل الفلسفات والآداب والعلوم وما الى ذلك من تطور وفهم ان التعامل مع الثقافة الأجنبية لاينقص من ارثه الماضي ، فبعدما كان الإنسان العراقي إلى فترة ليست ببعيدة مثلا يعارض دخول الآداب الأجنبية في أقسام اللغة العربية من الدراسة الجامعية حتى ان من المجلات من ترفض التعامل معه ، أصبحت الثقافة منتشرة انتشارا كبيرا على كل الميادين ، لنأخذ مثلا : ان المجتمع العراقي على المستوى الادبي قد تقبل قصيدة النثر الى حد غير قليل ، ودخلت الشاعرية وتعدد الاجناس الادبية والفنية في القصة والرواية العراقية واصبحت الرواية او القصة تتناول موضوعات تعالج ازمة الانسان المعاصر ، وهو يتعامل مع التيارات المختلفة ، لكن على الرغم من التقدم اللغوي في العالم وظهور القواعد الوصفية عند سوسور والنحو التوليدي والتحويلي عند جومسكي وظهور تيارات اصلاح النحو عند ابراهيم مصطفى من مصر ومهدي المخزومي من العراق وغيرهما وربط هذا الاصلاح بالنحو الأجنبي والنحو العربي القديم عند سيبويه وأستاذه الخليل الا ان لا من تطبيق عملي في مناهجنا الدراسية لتلك القواعد ، فنحن في مدارسنا لانزال سائرين على منهج شرح ابن عقيل وابن الحاجب وغيرهما ونحن لانزال كما قال المرحوم نعمة رحيم العزاوي بأننا نعلم الطلبة كيف يؤثر العامل بالمعمول ولانعير اهتماما للايحاء بالنحو ونوغل في فلسفته .

لقد تفاعل الابداع العربي قديما مع الابداع اليوناني واُنتجَتْ حضارة راقية في العراق بفضل بيت الحكمة ببغداد ايام المأمون وازدهرت التيارات اللغوية والفلسفية والادبية والعلمية ولم ينقص من دينامية التراث حبة خردل ، فكل حضارة تعطي وتأخذ والحضارة سواء اكانت مشتقة ام اصلية هي ملك للبشرية جمعاء .

للشاعر محفوظ داود سلمان وجهت نظر مختلفة ناجمة عن قراءة مختلفة اذ جاء في قوله الثقافة في العراق ظلت على هامش المرحلة وهي اسيرة الاطر الحزبية وتتبع الاتجاهات السياسية ولذلك فقدت الكثير من وهجها وتفردها وامتيازها الذي يجعلها ذات دور فاعل في المجتمع او انها قائدة تدعو لتثوير المجتمع وللتغير , فليس هناك ادوار ريادية , او فصل فكري يحرك المياه الراكدة رغم ان المرحلة تضج بالصخب والعنف فالنقد الادبي لم يحدد لنفسه منهجا او ستراتيجية نقدية لدراسة اتجاهات الادب والثقافة  وسبر اغوار المنجز الادبي في العراق والشعر اصبح مجرد سرد وصفي على هامش الاحداث وليست له القدرة في التعبير عن المواقف والتجارب التي تسم المجتمع والمرحلة بسماتها وخصائصها كما كان يفعل السياب والبياتي والملائكة وحتى الجواهري الذي يمثل في شعره تاريخ العراق اختفى وليس له بديل يثور الجماهير او يحفزهم الى التغيير اما في العمل السردي والروائي رغم كثرة ماينتج الا انه دون مستوى المنجز المطلوب الذي يحدد لنا تاريخ المرحلة او يوثقها .

عام الثقافة والرواية

ويصف الناقد اسماعيل ابراهيم عبد عام 2013 بانه عام الثقافة والرواية ويضيف: في بدء العام ومن خلال النشاط العام أمكننا ان نرصد الظواهر الانية مثلما نرى .. فهي ظواهر ملفتة للنظر منها :

– كثرة المهرجانات والدوريات والجرائد والمجلات ذات الاتجاه الثقافي والتقني .

– الاصدارات المتعددة للروايات العراقية , ومثالها , رواية فرانح لاهات تنتظر لزيد الشهيد ورواية بوهيما الخرابط جديد لصلاح صلاح .. واخر كثيرات .

– عودة الكثير من الادباء للعمل داخل العراق , وكذلك تعدد زيارات ادباء المهجر – ولاسيما اولئك الذين وضعوا بصمات خاصة في الادب العراقي .

– صدور الكتب المترجمة التي تسهم بتنشيط حركة التلاقح الحضاري , وتزود المثقف العراقي باداوات التطور وتطلعه على الحركة الادبية والمعرفية العالمية .

– تنشط المقاهي  والمنتديات والقنوات في التقاط النشاطات المسرحية والادبية وبصورة يومية تقريبا .

– صدور عدد من الكتب النقدية , بما فيها , رسائل الماجستير والدكتوراه ذات الاهتمام الثقافي .

– شيوع الاهتمام  بالنقد الثقافي الذي يمازج ويعبر من علم الى اخر ومن فن الى اخر كما ان التداخل التقني والادبي اخذ مسارات تواصلية مناسبة – لم تهتم الدولة لا السلطة ولا البرلمان بأية محاولة لترسيخ ثقافة الهوية العراقية .

– اتمنى ان يكون العام 2014 تجاوز الازمات ويقدم الروائي حيدر الربيعي وجهة نظر متفائلة عن ثقافة عام 2013 حيث يقول يبدو لي ان الحراك الثقافي هذا العام الاشد نشاطا , مقارنة بما سبق من اعوام ,وهذا ليس ناتج من تراكم كمي قاد الى هذه المحصلة انما متأت من كرة الثلج التي تدحرجت بهذه السنة والمتمثلة باختيار بغداد عاصمة الثقافة العربية ،مما ادى بالضرورة الى تنوع واتساع الانشطة الثقافية في العاصمة بشكل واضح وبعض المحافظات  بيد ان هذه الانشطة رغم اهميتها وماتمثله من مدلول بدخول الدولة على الساحة الثقافية , لكنها تبقى انشطة رسمية , بمعنى ليس ثمة تفاعل حقيقي بينها وبين الجمهور عدا بعض الانشطة التي اقامها المسرح او الفرق الغنائية مما يدفعها الى القول ان مساهمة الدولة عملية طارئة على الساحة الثقافية , بالمقابل نرى انشطة المثقفين بشكل فردي او جماعي , هي التي تؤدي فيها التراكمات الكمية الى تغير نوعي , وان لم تتضح معالمه بعد , بيد انه يتبلور شيئا فشئيا , والمثال المقتدى بهذا الصدى هو النشاط السردي , سواء على مستوى الجلسات التي تقام في مبنى اتحاد الادباء ام شارع المتنبي كذلك دخول القاعات الجامعية على هذا النشاط الوجه الاخر للتطور السردي هو في نوعية الروايات التي صدرت خلال هذا العام اعتقد اننا نسير بشكل بشكل حثيث الى المنافسة القوية في الساحة السردية العربية

وتشير القاصة اطياف ابراهيم الى ان عام 2013 شهد نشاطات مهمة ورائعة تسترعي الانتباه والبحث , فالنشاطات كثيرة ويبدو ان كثرتها لايخدم الثقافة  خاصة وان بعضها يركز على المنافع , ويهتم بالتصفيق , ونأمل ان تكون هذه النشاطات قاعدة لما هو افضل روائي وان تتنج عنها ثمار ناضجة في واقع يتغير ويتطور نحوا الاحسن وانني  كقاصة اريد تغير في النتاج وفي وضعية المثقفين بشكل يسود فيه الابداع  ويخدم مشاعر وتصرفات الغيرة , الانانية ويحصل فيه المنطق على احتياجاته والظروف المساعدة على الابداع , وشارك الشاعر محمد اللامي في الحديث عن الوضع الثقافي لعام 2013 اذ جاء في حديثه : اتسم الوضع الثقافي العراقي بالنشاط من خلال النشاط الحكومي والتشخيصي والمنتديات الثقافية واللقاءات المتعددة وقد اتسم هذا النشاط بالاصدارات والندوات وقد اشتملت على وجوه عدة هناك نشاط صحفي متعدد المواهب وهناك لقاءات في الشارع العراقي واهم منتدى حر في شارع المتنبي حيث اصبح منبرا لكافة شرائح المجتمع وخصوصا الطبقة المثقفة اصبح هذا المكان او هذا الشارع العريق مكانا معتبرا وللقاءات قد ينعكس على الوضع السياسي بشكل على الشعبة الثقافي ولكن يحث المثقف العراقي ان يلعب دور القيادي المشرف من خلال بث روح السلام والمحبة والبناء وطرح افكاره بشكل او باخر واضح وقوي لكي يأخذ دور الفاعل في المجتمع وعلى الحكومة ان تاخذ دورها في دعم المثقفين لكي يكونوا اكثر فاعلية لبناء مجتمع فاعل ونتمنى ان تكون الثقافة فاعلة  في مواجهة التحديات لكي ناخذ مكانها في المجتمع.