ماهو‭ ‬قانون‭ ‬سانت‭ ‬ليغو‭ ‬الذي‭ ‬يشق‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي؟

بغداد‭ -‬الزمان

شهد‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬العراقي‭ ‬أزمة‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬انتخابات‭ ‬‮«‬سانت‭ ‬ليغو‭ ‬المعدل‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يناقشه‭ ‬المجلس‭ ‬بين‭ ‬مؤيد‭ ‬ومعارض‭. ‬فيما‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬الانقسام‭ ‬قوي‭ ‬للغاية‭ ‬وقد‭ ‬يفضي‭ ‬الى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التجاذبات‭ ‬السياسية‭. ‬وسيعود‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬إقراره‭ ‬بالبلاد‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬بنظام‭ ‬دائرة‭ ‬انتخابية‭ ‬واحدة‭ ‬لكل‭ ‬محافظة‭ ‬وإلغاء‭ ‬صيغة‭ ‬الدوائر‭ ‬المتعددة‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الحالي‭.‬

وتحمل‭ ‬الانتخابات‭ ‬بطريقة‭ ‬‮«‬سانت‭ ‬ليغو‮»‬‭ ‬اسم‭ ‬مبتكرها‭ ‬عالم‭ ‬الرياضيات‭ ‬الفرنسي‭ ‬أندريه‭ ‬سانت‭ ‬ليغو‭ ‬عام‭ ‬1912،‭ ‬وتتلخص‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الأصوات‭ ‬على‭ ‬المقاعد‭ ‬الانتخابية‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬متعددة‭ ‬المقاعد،‭ ‬وتقليل‭ ‬العيوب‭ ‬الناتجة‭ ‬بين‭ ‬عدم‭ ‬التماثل‭ ‬في‭ ‬الأصوات‭ ‬وعدد‭ ‬المقاعد‭ ‬المتحصل‭ ‬عليها‭. ‬ويبرر‭ ‬مؤيدو‭ ‬العودة‭ ‬لنظام‭ ‬‮«‬سانت‭ ‬ليغو‭ ‬المعدل‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬العراقية‭ ‬موقفهم‭ ‬بأن‭ ‬القانون‭ ‬المطبق‭ ‬حاليا‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬مشاركة‭ ‬انتخابية‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وأن‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭ ‬السياسية‭ ‬الحادة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬البلاد‭ ‬بعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬كان‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬كتلة‭ ‬كبيرة‭ ‬فائزة‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة،‭ ‬فيما‭ ‬يؤكد‭ ‬المعارضون‭ ‬من‭ ‬المستقلين‭ ‬والأحزاب‭ ‬الصغيرة‭ ‬أن‭ ‬العودة‭ ‬لنظام‭ ‬‮«‬سانت‭ ‬ليغو‮»‬‭ ‬سيضعف‭ ‬فرصهم‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬ويعني‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬حصول‭ ‬الأحزاب‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬المقاعد‭. ‬ويشير‭ ‬النائب‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي‭ ‬عامر‭ ‬الفائز،‭ ‬وهو‭ ‬رئيس‭ ‬تحالف‭ ‬‮«‬تصميم‮»‬‭ ‬المنضوي‭ ‬ضمن‭ ‬‮«‬الإطار‭ ‬التنسيقي‮»‬‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي،‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬شيء‭ ‬اسمه‭ ‬العودة‭ ‬لقانون‭ ‬الانتخابات‭ ‬السابق،‭ ‬إنما‭ ‬قانون‭ ‬انتخابات‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬قانون‭ ‬مقر‭ ‬ومصوت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬سانت‭ ‬ليغو‭ ‬والمحافظة‭ ‬تكون‭ ‬دائرة‭ ‬واحدة،‭ ‬والقاسم‭ ‬الانتخابي‭ ‬1‭.‬9‮»‬،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬موجود‭ ‬الآن‭ ‬ومعمول‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬يحصل‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬تعديل‭ ‬لهذا‭ ‬القانون‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬أولا‭ ‬نسبة‭ ‬القاسم‭ ‬الانتخابي‭ ‬قد‭ ‬تتغير‭ ‬وانتخابات‭ ‬الخارج‭ ‬تلغى‭ ‬لأنها‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التزوير،‭ ‬ولذلك‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬عودة،‭ ‬وإنما‭ ‬قانون‭ ‬موجود‭ ‬يراد‭ ‬تعديله،‭ ‬ونحن‭ ‬مع‭ ‬التعديل‮»‬‭.‬

وأوضح‭ ‬الفائز‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬سيتم‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬إقرار‭ ‬تعديله،‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬المقبلة‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬هي‭ ‬نقطة‭ ‬الخلاف‭ ‬الثانية،‭ ‬وفي‭ ‬التعديل‭ ‬يراد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬هو‭ ‬قانون‭ ‬انتخابات‭ ‬لمجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬ولمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬والرأي‭ ‬الآخر‭ ‬يقول‭ ‬كلا‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬جمع‭ ‬القانونين‭ ‬بقانون‭ ‬واحد،‭ ‬ويجب‭ ‬الفصل‭ ‬بينهما‭ ‬والعمل‭ ‬بكل‭ ‬قانون‭ ‬على‭ ‬حدة‮»‬‭. ‬ويضيف‭ ‬النائب‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي،‭ ‬القاسم‭ ‬الانتخابي‭ ‬المطبق‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬‮«‬1‭.‬9‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬تأتي‭ ‬القائمة‭ ‬حيث‭ ‬سيتم‭ ‬انتخاب‭ ‬قوائم،‭ ‬لنفرض‭ ‬أن‭ ‬القائمة‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬في‭ ‬الجدول،‭ ‬يقسم‭ ‬العدد‭ ‬الكلي‭ ‬للقائمة‭ ‬أول‭ ‬قسمة‭ ‬على‭ ‬1‭.‬9‭ ‬وتسجل‭ ‬النتيجة،‭ ‬بعدها‭ ‬يقسم‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬وبعدها‭ ‬على‭ ‬5‭ ‬وبعدها‭ ‬على‭ ‬7‭ ‬وهكذا‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يقسم‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬مقاعد‭ ‬مجلس‭ ‬المحافظة،‭ ‬وبعدها‭ ‬نأتي‭ ‬إلى‭ ‬الجدول‭ ‬الكلي‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬القائمة‭ ‬الحاصلة‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬الأصوات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجدول‭ ‬يأخذ‭ ‬مقعد‭ ‬والذي‭ ‬يليه‭ ‬يأخذ‭ ‬مقعد،‭ ‬وهكذا‭ ‬تحدد‭ ‬مقاعد‭ ‬كل‭ ‬قائمة‮»‬

‭.‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬يصف‭ ‬النائب‭ ‬المستقل‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي،‭ ‬حسين‭ ‬السعبري،‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬‮«‬سانت‭ ‬ليغو‭ ‬المعدل‮»‬‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬غير‭ ‬المنصف‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هدف‭ ‬الكتل‭ ‬السياسية‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬هو‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬الحركات‭ ‬الناشئة‭ ‬والمستقلين‮»‬‭.‬

ويضيف‭: ‬‮«‬توجيهات‭ ‬المرجعية‭ ‬الدينية‭ ‬واضحة‭ ‬برفض‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬وكذلك‭ ‬غالبية‭ ‬الشعب‭ ‬ترفض‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭. ‬بهذا‭ ‬القانون‭ ‬لن‭ ‬يفوز‭ ‬المرشح‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬الشعب‮»‬‭.‬

ويرى‭ ‬الخبير‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الانتخابية‭ ‬العراقية،‭ ‬حسين‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد‭ ‬بحسب‭ ‬وكالة‭ ‬سبوتنك‭ ‬الروسية‭  ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬اعتماده‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬الأخيرة‭ ‬هو‭ ‬الأفضل‭ ‬للبلاد،‭ ‬فيما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬لهذا‭ ‬النظام‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬الكبيرة‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭.‬

ويؤكد‭ ‬الحاج‭ ‬أحمد،‭ ‬قائلا‭ ‬‮«‬برأيي‭ ‬النظام‭ ‬الحالي‭ ‬هو‭ ‬الأفضل‭ ‬للناخبين،‭ ‬فهو‭ ‬يعطي‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة‭ ‬للناخب‭ ‬بالاختيار‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬نظام‭ ‬القوائم،‭ ‬ونحن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬سانت‭ ‬ليغو،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بوضعه‭ ‬الأصلي‭ ‬إنما‭ ‬المشرع‭ ‬أدخل‭ ‬عليه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التعديلات‭ ‬وهذه‭ ‬التعديلات‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬القوائم‭ ‬الكبيرة‭ ‬والأحزاب‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬تضعف‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬الأحزاب‭ ‬المتوسطة‭ ‬والصغيرة‭ ‬وتقلل‭ ‬من‭ ‬فرصها‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المقاعد‮»‬‭.‬

مشاركة