
ماذا لو كان جميع المدرسين مثل الكردي؟ – علي كامل
يعاني قطاع التربية والتعليم في العراق العديد من المشكلات التي لها اول وليس لها اخر، وواحدة من ابرز هذه المشكلات هي المدارس الاهلية والمدرسين الخصوصيين والمعاهد التعليمة الخاصة، والتي تحولت الى ظاهرة، تعبر عن غياب دور الدولة ومسؤوليتها بتوفير فرص متساوية لجميع الطلبة في الحصول على التعليم المجاني والجيد والحديث. فالطلبة الذين لا يملكون المال الكافي هم او اسرهم، لن يكون بمقدورهم الدراسة والتعلم، خصوصا وان المدارس الحكومية في غالبتها عبارة عن صفوف مكتظة ومناهج غير متوفرة وبيئة مدرسية غير ملائمة، اضافة الى ان المعلمين والمدرسين، غالبا ما لا يعطون المادة الدراسية في داخل الصف الحكومي كما يعطونها اثناء تدريسهم الخصوصي سواء في المعهد او المنزل.
وسط هذه العتمة وهذا الواقع التربوي البائس يبقى الحس الانساني شاخصا، لدى بعض الكوادر التدريسية ومن هؤلاء الاستاذ محمد الكردي، الذي يمثل نموذج المعلم الملهم والمؤثر في اوساط طلبته. ومحمد الكردي لمن لا يعرفه هو استاذ المرحلة المهنية قسم الحاسوب، اذ يدرس ثلاثة من اصعب المواد وهي المعالجات الدقيقة وصيانة الحاسوب وشبكات الانترنت.
وبعد ادراكه وفهمه ومعايشته لمعاناة الطلبة، خصوصا من الذين لا يمتلكون القدرة على الدخول الى المعاهد الخاصة، قام بإنشاء كروب للتدريس الالكتروني المجاني وقد درس وخرج مئات الطلبة وبمعدلات عالية ومميزة، ويحتوي هذا الكروب اليوم على اكثر من 400 طالب وطالبة يقوم بتدريسهم. لا يقتصر تدريس الاستاذ محمد الكردي على المادة العلمية، بل يدرس ويعلم الانسانية والاخلاق والتفاني من اجل تقديم المساعدة لمحتاجيها، فهو يتقن منهته ويدرك ان التعليم في جوهره قضية انسانية بامتياز، كما يدرك ايضا ان حب الطلبة لمعلميهم هو اساس نجاح العملية التعليمية والتربوية، ومن خلال اسلوبه الانساني استطاع الدخول الى قلب طلبته بدون استئذان، وبهذا فقد جعل المادة العلمية الصعبة والجافة، جعلها مادة محببة وسهلة الفهم. ووسط هذا التكالب والسعي الجهنمي من قبل الكثير من المدرسين لتحقيق الارباح، فقد تعرض الاستاذ محمد الكردي ولا يزال يتعرض الى المضايقات، والمحاولات المستمرة لتشويه السمعة، فلا يروق لمثل هؤلاء ان يقوم زميل لهم بالتدريس المجاني وسط هذا الكم الكبير من الحب من قبل الطلبة ومن المجتمع بشكل عام. لذلك فهم يستمرون بمحاولات بائسة للهجوم عليه وتسقيطه. ولان العراق مليء بأمثال الاستاذ محمد الكردي، فقد استطاع ان يجذب معه العديد من المدرسين كي يقوموا بالتدريس المجاني وينظموا الى مشروعه الانساني الكبير. ولان لهذا الانسان مشروع متكامل فلم يقتصر عمله على التعليم المجاني بل انه يقوم بين الحين والاخر بمساعدة المحتاجين من خلال توزيع سلات غذائية على المحتاجين عن طريق حملات للتبرعات. حتى تتحول جهود الاستاذ محمد الكردي الى نهج متبع من قبل الجميع على وزارة التربية والدولة بشكل عام ان تعمل على معالجة المشكلات التي يواجها هذا القطاع وعلى رأسها مسألة خصخصة التعليم والمعاهد الاهلية، وعليها ان تدعم المبادرات التي يقوم بها هذا الاستاذ وزملائه ممن يحملون مشروعا انسانيا للارتقاء بالواقع التربوي والتعليمي في العراق.



















