ماجكتور

ماجكتور

 

منهل الهاشمي

 

بغداد

 

حمداً لله اخيرا انتهيت… انهيت بعد جهد جهيد.. واصرار عنيد.. واعصاب حديد !! رسالتي التي دمجت فيها بين الماجستير والدكتوراه اختصارا للوقت والجهد بشهادة واحدة تدعى (الماجكتور) !!!. على وفق نظام (الدمج) في الجيش.

 

كان غلاف رسالتي التي نويت ان اناقشها تحت الماء كالاتي : (الآثار النفسية والاجتماعية السلبية المترتبة على اللعب بالخشم…” ادخال السبّابة انموذجا ” !!!… رسالة تقدّم بها الطالب ” بطران البطراني ” وهي جزء من متطلبات نيل شهادة الماجكتور بالتحشيش !!!.).

 

حددّ يوم المناقشة ، وابتدات على بركة الله… سالني احد اعضاء اللجنة عن سبب اختياري لكلمة (اللعب) بدل مفردة (التنكّبر) كون الاخيرة اكثر دقة علميا وواقعيا وعمليا من حيث الاستخدام !!. اجبته ان هذا صحيح ولكنني فضلت استخدام الكلمة الفصيحة، الصحيحة، بدل العاميّة الصريحة، المريحة !!. فسالني ثانية لمَ لمْ تعرّف في تحديد المصطلحات كلمة (الآثار) فهذا خطأ فظيع (فزيع على رأي هيفا) ، شنيع ، مريع، صقيع !! وذلك لان القارئ ستلتبس عنده  معنى هذه الكلمة هل المقصود بها آثار بابل، ام آثار مصر، ام آثار الجريمة، ام آثار الحكيم ؟!!!. فاجبته بانها معرّفة باضافة مفردتي النفسية والاجتماعية لها فانتفت بذلك الحاجة لتعريفها لان المعرّف لا يعرّف. فاسرَّ الضغينة في نفسه بعد ان احرجته باجابتي العلمية الفهمية امام الحضور فاردف بشيء من الحدة، ثم ناتي على اختيارك للسبّابة كانموذج…فلم تذكر الاسباب والمبررات العلمية الموجبة لاختيارها دون سواها من الاصابع..لمَ لمْ تخترْ الخنصر او البنصر كانموذج مثلا ؟!!!. فاجبته وقد كنت متوقعا لهذا السؤال، لان العرف السائد يادكتور هو ادخال السبّابة دون غيرها !!. فسالني مندهشا، عرف  ؟! وهل هناك شيء في العلم اسمه عرف ؟!! ومتى كان العرف معيارا ومقياسا علميا ندرك به الامور ونحكم عليها، ونقيسها من خلاله بدل التجريب والتحليل والاستبيان والملاحظة ؟!!. فاجبته من زاوية علمية اخرى، هذا صحيح يادكتور ولكن من الناحية الفسيولوجية التشريحية فان السبّابة تمتاز براسها الحاد المدبب لهذا ساد العرف باستخدامها في اللعب بالخشم دون سواها من الاصابع، ومن هذا المنطلق الموضوعي الموسوعي اعتمدت العرف السائد كمعيار علمي للحكم على الموضوع وقياسه كونه يستند على اساس فسيولوجي تشريحي !!!. ويبدو ان جوابي المفحم الوافي، الشافي، عوافي !! قد اثار حفيظته اكثر واصاب كبرياءَه وكرامته العلمية في مقتل فقال محتدا بصوت عالٍ، هاقد رجعت ثانية لاعتمادك على العرف وضربت العلم والموضوعية والتجرد والتجريب بعرض الحائط . فاجبته مستاء انا الاخر، نعم دكتور اعتمدت عليه لانه كما اثبت عرف مستند على اساس علمي. واردفت ضاحكا بسخريتي المعروفة :  (يعني هو عرف علمي.. قابل هو عرف ديج !!!). ضجت القاعة بالضحك فقال الدكتور محتدا غاضبا، لا داعي للسخرية (والتصنيف) نحن هنا في مناقشة علمية لا سيرك !! انا اؤكد في العلم على وجوب الاستبيان والتحليل والتجريب، فقررت ان امضي بنفس منهجي الساخر الفاخر الى آخر الشوط وليكن مايكون فاجبته بقمة السخرية اللاذعة : (التجريب ؟! لعد اني داأحجي بالتشريب ؟!!). ضجت القاعة ثانيةً بضحك اقوى، فقال رئيس اللجنة وهو يكاد يسقط من كرسيه مهتزّا من فرط الضحك : (قوية هاي…قوية !!!). شعر الدكتور بالخجل والحرج، بعد ان ساد القاعة الهرج والمرج !! فصرخ منفعلا، سخريتك هذه مرفوضة وانا اصر على رفضي هذا المعيار ففيه تجنّي على العلم والتجرد والموضوعية وهو مجافي للحقيقة والصواب ــــــــــــ فقاطعته بعد ان لم اعد اتمالك نفسي (والكمل) !!. ضجّت القاعة ثالثةً بالضحك الهستيري !! فتصايحنا، وتلاكمنا، و(تلاطمنا)، وتعاضضنا، و(تكافشنا)، وتناطحنا، وتباطحنا !!!. وفي غمرة انبطاحنا العلمي الموضوعي هذا التفت رئيس اللجنة الى العضو الثاني فيها فاذا به (ينكّبر بخشمه) !!. فساله مستغربا : (هاي شدسوي دكتور ؟!!). فاجابه بمنتهى الثقة والهدوء : (داأحلل عيّنة) !!.

مشاركة