اقبال الشاعر والفيلسوف والانسان
مؤرخ عراقي يسبرغور عصر العبقرية – يوسف عز الدين
يطول الحديث عن محمد إقبال لأن له عبقرية فريدة في بابها، مجهولة لدى قراء العربية. لم تدرس في العراق دراسة واسعة مع أن له صلات روحية تربطه بجميع الأقطار الإسلامية والعربية، لأنه من كبار شعراء المسلمين في قارته الذين تغنوا بالعرب والإسلام.
وإقبال متعدد الجوانب، تظهر على شعره وأدبه مختلف التيارات الذهنية، ومع أن بداية إقبال كانت فلسفية إلا أن الروح الصوفية أجلى من الفلسفة في أدبه. فهو صوفي روحاني أكثر منه فيلسوف له فلسفة. خاصة تمكننا أن نضعه مع الفلاسفة فلا نعجب أن نجد أدبه خليطاً من الوجدانية التي تشع دفاقة دافئة حلوة مزينة، فيها نفحات وردز ورث وشيللي وبايرون) وفيها التأمل العقلي من فلسفة (هيجل وبروكسون وابن رشد والرازي). ولعله خير مفكر يمثل اختلاط الثقافات الشرقية والغربية، وذهنه انموذج لتلافي التيارات الفكرية العامة التي تعمل في روحه وصوفيته وروحانيته والتي طبعها بطابع صوفي أدبي روحاني.
وإقبال مصلح يدعو إلى الخير وينشد السعادة للإنسانية، فقد خرج من الحدود الإقليمية إلى آفاق الإنسانية الواسعة. وللإسلام وتعاليمه أثر كبير في إنسانيته واتجاهه الإصلاحي وحرصه على جمع الطاقات البشرية وتوجيهها وجهة بناءة لأن (إقبال) كان مسلماً مجدداً يؤمن بجوهر رند ن الإسلام وضرورة تطهيره من الخرافات التي علقت به ليستعيد المسلمون مكانتهم العالمية وليواكبوا التيارات الحضارية العالمية الحديثة وليستفيدوا من التقدم العلمي في العالم بإدخال المدنية الحديثة إلى حياتهم العامة.
وقد كان إقبال حريصاً عـلى بـث دعوتـه بعـد أن هيمن المستعمر على كل مقدرات المسلمين في عصره وسيطر على خيراتهم. وكان المسلمون جماعة تواكلت همتهم وضحلت أمانيهم بعد أن كانوا قادة الدنيا في العلم والثقافة والآداب والفنون.
آفاق جديدة
إن شعر إقبال الإسلامي طافح بالإيمان بقدرة أمته على التقدم وأدبه دفاق بالحيوية والنشاط والأمل في استعادة الإسلام وفتح آفاق جديدة في سبيل سعادة المسلمين. وكان يجهد في بعث التاريخ الإسلامي وخلق ثقافة إسلامية ممزوجة بثقافته الجديدة واتجاهات فكره الجديد لعيد الثقة إلى نفوس أبناء أمته.وقد التفت نحو العرب خاصة ودعاهم إلى الوحدة، ودعاهم إلى النهوض وناجي التاريخ العربي الإسلامي ليستثير في النفوس الأمل ويدعوهم إلى الوحدة ونبذ التفرقة والتخاذل ليعيشوا كما عاش أجدادهم. إن العناية بأدب إقبال وتخليده جانب من جوانب المهمات الملقاة على الأديب المسلم والعربي لإن إقبال بذل روحة مؤمناً ليرى العرب والمسلمين يعيشون في استقلال وعزة ولا نعجب أن نراه يشارك في الاحداث التي تمر بالعالمين العربي والإسلامي.
وقد نهض الأديب الدكتور حميد مجيد هدو بجزء من مهمة تعريف إقبال لنا وبذل كل ما في طاقته في جمع المعلومات عنه، وإخراجها إخراجاً جميلاً، إذ صاحبه منذ نشأته وتحدث عنها وعن دراسته وسفره إلى أوروبا وما أثرت في ذهنه من التيارات الفكرية والروحية التي كانت تعتمل في روح إقبال وتفكيره وأدبه.
وتحدث الأديب هدو عن عصر إقبال والحياة السياسية والاجتماعية والوطنية والفكرية التي مرت بإقبال.وتحدث عن جذور التفكير عند إقبال ونتائجه وعن تصوفه وأثره في شعره. وقد حاول مخلصاً أن يلم بالكثير من جوانب إقبال ويوضحها للقارئ العربي.
وأسلوب الكتاب لطيف سهل؛ مشرق، لا تجد فيه تعمل الذهن، ولا كـد الفكر، والكاتب دائم المشاركة في الحياة الفكرية بخطرات يرسلها بين الفينة والأخرى. واليوم توج خطراته هذه بهذا العمل الكبير الذي قدم فيه إقبال وعرفه للعرب.سدد الله خطاه ووفقه للخير وحفز الشباب والمؤلفين على الاهتمام بالأدب والتأليف والانصراف إلى العلم وخدمة الوطن.
{عضو المجمع العلمي العراقي – بغداد
عضو مجمع اللغة العربية – القاهرة