قصص وأصحابها
لينا.. روائية وشاعرة سورية
علي خيون
بغداد
لينا هويان الحسن : روائية وشاعرة سورية، عاشت طفولة غنية بين شاطئ البحر والصحراء، بين الريف والمدينة، بين الجبل والسهل، بين مدينة اللاذقية وعمق البادية السورية.
ظلت هويان أمينة على تلك الربوع التي فتحت عينيها لتراها بكل بهائها وامتدادها، فأحبتها ومنحتها مخيلة واسعة،وأفقاً مفتوحا على سماوات لا تدركها العين، لكن الخيال يصل اليها على نحو أو آخر.
قدمت نفسها ليس بالتطور المعهود للموهوبين، إنما نزلت الى ساحة الادب وهي متمكنة، هويتها الرواية وعالمها الصحراء والغرابة والاسطورة.
فتاة مستقلة، مقلة في الكلام، مفكرة، تحكي عنك في داخلها ساعات وساعات لكنها إن تكلمت معك لا تتعدى جملتها الكلمات التسع أو العشر، تنهج في هذا نهج الاكابر والاميرات. هي مرحة، أنيقة، لكن ليس في ملبسها فحسب بل في فكرها أيضا، واناقة الفكر لا تتأتى بسهولة.
قرأت لها قبل أن أعرفها، فقد سألت صاحب مكتبة وسط الشام، اعتقد ان اسمها نوبل، عن كتب لأدباء من دمشق صدرت حديثا، فحمل اليً روايتين لها، وحسم من السعر لأنني ابتعت كتبا لآخرين، كان ذلك بعد يومين من وصولي دمشق عام 2006، وشرعت بالقراءة، ووجدتها ذات نفس طويل في القص، متمكنة وواعية، وقرأت لآخرين، وشرعت رحلة المعرفة بالأدباء الذين حرمتنا السياسة لعقود من معرفتهم، وكان لي ذلك من خلال اتحاد الادباء العرب في دمشق، ولكن معرفتي بلينا تأخرت حتى حفل توقيع دعتني اليه الصديقة الروائية السورية سمر يزبك.
زرت لينا في مقر عملها بجريدة الثورة السورية، وجلسنا طويلا في كافتيريا الجريدة وهي مكان جميل وكان ثالثنا صديقة لينا أو قريبتها لا اذكر، و كنت اكتب في الملحق الثقافي للجريدة ونشرت العديد من القصص هناك، وقد نبهني احد النقاد الى موضوع الاهتمام المشترك بيني وبين لينا في معالجة عوالم الصحراء، فقلت له ان الامر مختلف فليلا، فلقد كتبت عن الصحراء في رواية واحدة عنوانها (بلقيس والهدهد) وجاءت فكرتها حين زرت ذات مرة محافظة السماوة التي تحاذي اطراف الصحراء وسمعت القصص عنها ثم ان احد البدو دنا مني وعرض علي شراء ” عظم الهدهد ” وهو عظم يؤثر في جعل الرجل مقبولا لدى النساء، وعدت فكتبت الرواية، اما لينا فهي ابنة البحر والصحراء، وهي تحبك الحكايات من واقع معاش فعلا، تلتقطها بذكاء ودراية. العجيب إنني في أثناء التعرف الى لينا، جلسنا معا الى طاولة، تجلس عليها امرأة شامية تنهج نهج البدو فهي عرافة في قراءة الطالع، وحدثتني عن أمور وأسرار مذهلة سردت بعضها في الحلقة الخاصة بسمر يزبك، وهي حادثة غريبة وطريفة حقا.
كانت روايتها (بنات نعش) قريبة من نفس وروح العراقي،فهي تتناول سيرة صياد شهير،يعيش على ضفاف نهر الفرات، انه يصيد الأسد الفراتي لكنها ترصد عادات الثأر المقترنة بقصص الحب في البادية والجزيرة وتمتد بين بغداد وبيروت ودمشق وحلب.
اما (سلطانات الرمل) فهي تحكي قصة امراة في الصحراء وتمتد الرواية بين الاردن والعراق وسورية وهي تزخر بأخبار الخيول العربية والرحالة وعادات الصيد والقنص وتكشف عن معرفة عميقة بموضوع التعامل مع الصقر وتهيئته للصيد.
سجلت انطباعاتي عن الكاتبة بأنها ذكية واثقة من نفسها وتعرف ما تريد، وهي ربما تحتال بالقصص على خجلها فتقول:
ـ (الحياة لا تسمح لنا بقول كل ما نريد وبشكل مباشر، الكاتب يتحايل على الحياة، ليقول ما يريد وكما يشاء).
تحايلت لينا فأجادت، ونشرت عددا من الكتب منها : معشوقة الشمس 2000، التروس القرمزية 2001، بنات نعش 2005، سلطانا الرمل 2009، ولها مجموعة شعرية نمور صريحة 2011، ودراسات بعنوان: مرآة الصحراء 2001، إنا كارنينا تفاحة الحزن 2004، وقد صدرت لها مؤخرا رواية (نازك خانم) قرأت منها فصلا واحداً، وهي تتناول حكاية امرأة جميلة وجريئة التقطتها لينا عبر مطالعاتها الواسعة بفطنة، وهي تنطوي مادامت مصاغة بقلم لينا على سر خاص وجميل.