ليست الأمور كما تبدو أول وهلة
قيس الدباغ
كنت صغيرا على ما اذكر في الصف الأول المتوسط، وكان في بيت والدي حديقه كبيرة تتجاوز 800 مربع وفي الزاوية تنور طين تخبز فيه امي، وقربه بيت صغير لتربية الدجاج(قن) وفيه مايربو على 12 دجاجة وديك يعيش عيشة السلاطين ، وبينما أنا ارمي لهم فضلات الطعام المنزلية شاهدت جميع الدجاج ينهالون بالنقر على فروج صغير وقد ادموه في كل جانب والمسكين ينتظر لحظة الموت ليخلص من هذا العذاب المهين والمذل ،ونقرات المناقير الحادة تقع عليه من كل حدب وصوب، مع صيحات لا افهمها ولكن شعرت إنها صيحات النصر.
نظرت إلى إحدى عينيه وكان جفنه مائلا إلى الغروب،شعرت بحجم المه وذله، قفزت سريعا وابعدت عنه المهاجمين، وأخرجته خارج القفص، وهرولت إلى المطبخ وانتخبت سكينا حادا ودخلت قفص الدجاج وبدأت بذبح الديك أولا، لاحظت مدى الهدوء الذي حل بالقفص وهكذا دواليك اكملت ذبح كل دجاج امي، وأخذت المظلوم وصنعت له بيتا من الكارتون وعالجت جروحه الكثيرة بمادة المكروكروم وما يسمى بالشعبي الدواء الأحمر، وكثفت له وجبات الغذاء والتدفئة وأخذ يتعافى شيئا فشيئا، فرحت كثيرا رغم حجم التقريع الذي واجهته من امي، وأراد ابي أن يعاقبني ويعلمني درسا ،أخذني معه إلى سوق الدجاج واشترى ستة دجاجات(عرب) وامرني بحملهم في كل يد 3 دجاجات مربوطة من أرجلهم ،وقال لي اذهب بهم الى الباص واوصلهم للبيت وحدك.
لقد شعرت بالخجل من الناس وأنا احمل الدجاج، وهذه تصيح وتلك تزعق وأنا غاطس بمقعدي خجلا، وصلت البيت واطلقتهم في القفص، وكان حينئذ الفروج قد كبر واستعاد صحته وأصبح ديكا يعتد به، ما أن شاهد الدجاجات الست حتى هجم عليهم هجوما كاسحا وصفاهم واحدة تلو الأخرى وهو يرفرف بجناحيه مزهوا بنشاطه الجنسي، شعرت بالأسى على الدجاج الذي ذبحته من اجل عيون الفروج المظلوم، واقتنعت بمقولة دوستوفسكي وانت تحارب الوحوش احذر أن تصبح وحشا وتصيبك عدواهم، وهذا مايجري الآن في العراق…والعالم ،كم ظالم متقمص شخصية مظلوم في دنيانا، وماصاحب نبي الله موسى عنا ببعيد.